مع الشروق : نزيف تصفية قادة حزب الله يتواصل

مع الشروق : نزيف تصفية قادة حزب الله يتواصل

تاريخ النشر : 19:40 - 2025/11/24

 مرّة أخرى يضرب الكيان الصهيوني في عمق الضاحية الجنوبية وفي قلب القيادة العسكرية لحزب الله اللبناني، في اشارة واضحة على مدى الاختراق الصهيوني الفظيع والغير مسبوق للمقاومة في لبنان.
وهذه المرة نجح الاحتلال في اغتيال القيادي العسكري البارز هيثم علي الطبطبائي، الملقّب بـ»أبو علي»، والذي يُوصف بأنه الرجل الثاني في الحزب بعد أمينه العام نعيم قاسم.
ونعى حزب الله، في بيان، مساء أول امس، إلى أهل المقاومة والشعب اللبناني، القائد الجهادي الكبير الشهيد هيثم علي ‏الطبطبائي الذي «ارتقى شهيداً فداءً للبنان وشعبه»، على إثر عدوان إسرائيلي غادر على ‏منطقة حارة حريك، في الضاحية الجنوبية لبيروت.‏
الهجوم على الضاحية يأتي في سياق توتر مستمر منذ انهيار وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر 2024، عقب الحرب التي شنّها الاحتلال على لبنان منذ أكتوبر 2023 والتي تطورت إلى حرب شاملة في سبتمبر 2024، مسفرة عن أكثر من 4 آلاف شهيد و17 ألف جريح.
ومع أن الاتفاق نص على انسحاب الاحتلال الصهيوني من 5 تلال احتلها خلال حرب الـ60 يوما، فإنه لم ينفذ ذلك، وهو يواصل احتلال مناطق لبنانية أخرى منذ عقود، في تحدّ صهيوني فاضح لكل الاتفاقيات.
في ظل هذا السياق المشتعل، يبدو أن اسم هيثم الطبطبائي، قد أصبح مادة لتجدد التصعيد بين الطرفين. فالرجل -المؤثر في بنية الحزب العسكرية- يمثل في نظر خصومه هدفا استراتيجيا، وفي نظر أنصاره أحد رموز الصراع القائم منذ عقود.
لكن الغريب هو مواصلة اختراق الكيان الصهيوني لحزب الله وفي بيئته –الضاحية الجنوبية- الأكثر تحصينا وحماية، مما يعني أن التغلغل الصهيوني داخل الحزب اصبح بلا حدود ويثير الكثير من التساؤلات حول مدى لملمة الحزب لأموره بعد الحرب الأخيرة.
الاغتيال يأتي أيضا في سياق مزيد من الضغط على الحزب وضرب هيبته وبيئته الشعبية الحاضنة، بالتوازي مع الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرّض لها ومع التغيّرات الاقليمية الكبيرة التي ضربت المنطقة من سقوط النظام السوري وصعود نظام معاد وصولا الى الاحداث في قطاع غزة.
ورغم الحديث عن اعادة حزب الله لبناء نفسه تحت الارض وفي سرّية تامة، الا أنه لا زال يتلقى ضربات موجعة تؤثّر في هيكله العسكري وفي نفوذه السياسي داخل لبنان، حيث يتعرّض لضغوط هائلة من أجل نزع سلاحه.
نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي أكّد التزام الحزب بالتنسيق الكامل مع الدولة والجيش اللبناني، معتبرا أن «عدوان اليوم خرَق خطا أحمر جديدا» ،مضيفا أن المقاومة هي من تقرر كيفية الرد على هذا العدوان.
والسؤال الذي يطرح الآن بشدّة هو هل سيردّ حزب الله على العدوان السافر؟ وكيف؟ وأين؟ على اعتبار ان الكيان الصهيوني يبدو انه يريد جرّ الحزب الى مواجهة غير متكافئة وفي وضع يسعى فيه الحزب الى ترميم نفسه.
والواضح أيضا ان الاحتلال يريد تبرير عملية عسكرية واسعة مرتقبة ضدّ لبنان، ويسعى لاستفزاز الحزب من أجل الخروج من مربّع الصبر الاستراتيجي وإعادة بناء قدراته قبل الدخول في أي جولة جديدة.
هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها أبدا، حزب الله هو القوة الوحيدة الرادعة للاحتلال الصهيوني على جبهة لبنان، وهو من لقّن الاحتلال مرّتين هزيمة نكراء ولا يمكن بأي حال من الأحوال نزع سلاحه، لأنّه حتى ومن دون وجود حزب الله لن يسترجع لبنان أرضه ولا سيادته ولا أمنه أبدا في ظلّ وجود كيان يسعى لتنفيذ مشروع «اسرائيل الكبرى» بأي ثمن.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك