مع الشروق .. مخـــاض الاتحـــــاد

مع الشروق .. مخـــاض الاتحـــــاد

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/09/08

يعيش الاتحاد العام التونسي للشغل مخاضا حقيقيا، منذ فترة، بسبب تناقضات داخلية وعوامل  خارجية جعلت المنظمة الأولى وطنيا وعربيا و إفريقيا تنكفئ على نفسها وينحسر دورها في حدود ساحة محمد علي وهذا بعيد كل البعد عن أدوارها التاريخية، حتى في زمن العواصف الكبرى التي مرت بمنظمة حشّاد. 
سيعود المؤرخون يوما لقراءة وضع الاتحاد اليوم، وسيقدّمون دراسات عن هذا المخاض الذي تمر به المنظمة الأكثر تمثيلية شعبية في تونس، والتي لا يمكن لأحد أن يقزّمها أو يستنقص من شأنها، ولكن القلاع الحصينة تؤخذ من الداخل كما يقول المثل العسكري. و الحقيقة الأولى التي لا مراء فيها و لا جدال، أنّ قلعة الاتحاد أُخذت من الداخل يوم تم تغيير الفصل العشرين و الذي سمح للقيادة الحالية بالاستمرارية، وكان ذلك ضدّ مصلحة العمال و ضد مصلحة المنظمة عموما. أما الحقيقة الثانية التي لا بد من نفض الغبار  عنها، هو أن القيادة النقابية تخلت يوم المعارك الكبرى حول الحقوق الاجتماعية  عن أهم نقاباتها تمثيلية وهي قطاعات التربية، ما جعل المزاج العام يتغير، و الكثير من المنخرطين يفكرون في الانسحاب و حتى سحب اشتراكاتهم و كانت تلك بداية هذا المخاض الذي تمر به المنظمة و الذي يبرز في أشغال مجلسها الوطني حيث تصاعدت الأصوات الناقدة و الرافضة لاستمرار  المشهد بما هو عليه من الوضع الحالي. 
إن الفعل العقلاني داخل منظمة حشاد يجب أن يحكم هذه الفترة الانتقالية، فالقيادة الحالية لم تعد تتمتع برضاء القواعد النقابية، وهذا لم يعد يحتاج إلى أدلة قاطعة، و الكثير من القيادات النقابية، تعلن رفضها الواضح لما آلت إليه المنظمة. ومن مصلحة المنظمة أن يخرج مجلسها الوطني بقرارات تخدم مصلحة المنظمة و الوطن. ذلك أن الحديث على سبيل المثال عن تراجع المقدرة الشرائية للتونسيين وتوقف المفاوضات الشاملة والقطاعية مع الحكومة، إنما يعود في سبب من أسبابه الرئيسية إلى نتائج المؤتمر الذي أعاد إنتاج نفس القيادة في دوس واضح على قوانين المنظمة وعلى مصالح العمال والموظفين. 
طريق إعادة الروح للمنظمة واضح وبسيط ويحتاج عقلانية ترتقي فوق المصالح الخاصّة و الضيقة، و النقابيون قادرون على تجاوز مثل هذه الفترات العصيبة بالذهاب في طريق ديمقراطي يقود إلى انتخاب قيادة جديدة قادرة على ترتيب البيت الداخلي و صياغة موقف من جملة القضايا السياسية والاجتماعية في بلدنا. وهذا هو واجب المنظمة تجاه الشعب التونسي. ذلك أن بقاء الاتحاد رهينة لنتائج تغيير الفصل العشرين، هو أمر يضر المنظمة و يضر التونسيين ايضا. ونحن على قناعة تامة بأنّ هذه المنظمة ولاّدة، وقادرة على خلق قيادة جديدة قادرة على التفاعل مع المرحلة الحالية، وقد قيل في الفعل السياسي و النقابي إنه إذا تقاطعت المصالح فإن مصلحة المنظمة و مصلحة الوطن أولى بكثير من مصلحة الشخص أو الأشخاص.  
كمال بالهادي 
 

تعليقات الفيسبوك