مع الشروق : مخاض الإصلاح العميق
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/11/23
من أهمّ الوزارات التي استأثرت بنقاش عميق في مجلسي النواب و الجهات والأقاليم في الأيام الأخيرة هما وزارتا التربية و التعليم العالي، و بلغت النقاشات مستوى حادا أحيانا بين النواب و الوزيرين المعنيين ، وهذا قد يفهم في إطار الثقل الذي تمثله المسألة التعليمية في المجتمع التونسي و لدى الأسر التونسية، إذ يظل الشاغل التعليمي هدفها الأول و أولويتها المطلقة.
وفي هذا الإطار فإن أي تحرك احتجاجي في المؤسسة التربوية أو الجامعية يحظى بردود أفعال قوية و حتى عنيفة أحيانا ضدّ الإطار التربوي، دون أن يقع تحميل سلطات الإشراف مسؤولية بعض الإضرابات أو الوقفات الاحتجاجية. و في كل الأحوال فإن ردود الأفعال داخل البرلمان أو في الوسط الاجتماعي ليست سوى حالة صحّية تعكس تمسّك التونسيين بالتعليم و العلم حتى وإن اختلفت المقاربات أو زوايا النظر. ولكن في المقابل أين العميق والمعمق الذي ننتظره منذ سنوات، وهل سيحقّق الأهداف التي تجعل المدرسة التونسية مدرسة عصرية، ذات أهداف و مردودية علمية و قيمية عالية؟
إجابة الوزيرين المعنيين عن هذا السؤال تبدو واضحة، وهي أن المجلس الأعلى للتربية هو من سيقود عملية الإصلاح، وهذا معقول بعد أن تم استيفاء كل شروط انطلاقه في العمل، ولكن ماذا ننتظر منه إن علمنا أن مكوّناته الأساسية هما وزراء يباشرون مهامهم الآن و عمليا على رأس وزاراتهم دون أن يقدموا خطوات إصلاحية حقيقية، في حين يلقون الكرة الآن في ملعب المجلس و يحملونه ما لا قد يحتمله فتكون النتائج دون الانتظارات الكبرى. و في المقابل تعمل هياكل داخل الوزارات على نقاش سياسات إصلاحية ستبدو خطيرة إن تم فرضها من قبيل أن يقع نقاش هيكلة مؤسسات التعليم العالي الخاصة بالآداب و العلوم الإنسانية ، ووضع تصورات للتكوين فيها ومسارات التخرج وهذا سينعكس بعد ذلك على مقاربات التعليم في بقية المراحل و لا نعتقد أنّه من السهل الخوض في هذه المسارات الكبرى و المعمقة دون بدء المجلس الأعلى للتربية أشغاله و دون نقاش مجتمعي واسع لأن أمر المدرسة يظل مشغلا مواطنيّا و اجتماعيا وليس مشغل خبراء تونسيين أو أجانب قد يسقطون مشاريع إصلاحية لن تنتج إلا إعادة الفشل في مستويات التعليم الثلاثة.
كمال بالهادي
من أهمّ الوزارات التي استأثرت بنقاش عميق في مجلسي النواب و الجهات والأقاليم في الأيام الأخيرة هما وزارتا التربية و التعليم العالي، و بلغت النقاشات مستوى حادا أحيانا بين النواب و الوزيرين المعنيين ، وهذا قد يفهم في إطار الثقل الذي تمثله المسألة التعليمية في المجتمع التونسي و لدى الأسر التونسية، إذ يظل الشاغل التعليمي هدفها الأول و أولويتها المطلقة.
وفي هذا الإطار فإن أي تحرك احتجاجي في المؤسسة التربوية أو الجامعية يحظى بردود أفعال قوية و حتى عنيفة أحيانا ضدّ الإطار التربوي، دون أن يقع تحميل سلطات الإشراف مسؤولية بعض الإضرابات أو الوقفات الاحتجاجية. و في كل الأحوال فإن ردود الأفعال داخل البرلمان أو في الوسط الاجتماعي ليست سوى حالة صحّية تعكس تمسّك التونسيين بالتعليم و العلم حتى وإن اختلفت المقاربات أو زوايا النظر. ولكن في المقابل أين العميق والمعمق الذي ننتظره منذ سنوات، وهل سيحقّق الأهداف التي تجعل المدرسة التونسية مدرسة عصرية، ذات أهداف و مردودية علمية و قيمية عالية؟
إجابة الوزيرين المعنيين عن هذا السؤال تبدو واضحة، وهي أن المجلس الأعلى للتربية هو من سيقود عملية الإصلاح، وهذا معقول بعد أن تم استيفاء كل شروط انطلاقه في العمل، ولكن ماذا ننتظر منه إن علمنا أن مكوّناته الأساسية هما وزراء يباشرون مهامهم الآن و عمليا على رأس وزاراتهم دون أن يقدموا خطوات إصلاحية حقيقية، في حين يلقون الكرة الآن في ملعب المجلس و يحملونه ما لا قد يحتمله فتكون النتائج دون الانتظارات الكبرى. و في المقابل تعمل هياكل داخل الوزارات على نقاش سياسات إصلاحية ستبدو خطيرة إن تم فرضها من قبيل أن يقع نقاش هيكلة مؤسسات التعليم العالي الخاصة بالآداب و العلوم الإنسانية ، ووضع تصورات للتكوين فيها ومسارات التخرج وهذا سينعكس بعد ذلك على مقاربات التعليم في بقية المراحل و لا نعتقد أنّه من السهل الخوض في هذه المسارات الكبرى و المعمقة دون بدء المجلس الأعلى للتربية أشغاله و دون نقاش مجتمعي واسع لأن أمر المدرسة يظل مشغلا مواطنيّا و اجتماعيا وليس مشغل خبراء تونسيين أو أجانب قد يسقطون مشاريع إصلاحية لن تنتج إلا إعادة الفشل في مستويات التعليم الثلاثة.
كمال بالهادي