مع الشروق : عمرو موسى .. الديمقراطي جدّا

مع الشروق : عمرو موسى .. الديمقراطي جدّا

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/08/24

في تصريحات أثارت جدلا واسعا، عبّر الأمين العام السابق لجامعة العرب ووزير الخارجية المصري الأسبق، عمرو موسى عن رأيه في الزعيم المصري  الراحل جمال عبد الناصر، واعتبره أخطأ في قرارات مصيرية وخلص إلى أنه كان ديكتاتورا، ومن حق الرجل أن يقيّم تجربة الناصرية بما لها وما عليها لأنها في نهاية المطاف تجربة لها أنصارها ولها معارضوها أيضا، ولكن أليس من الظّلم أن تفتح الأبواب من فترة إلى أخرى للإساءة إلى "ناصر" من قبل شخصيات كان فعلها السياسي وتاريخها السياسي أدنى بكثير من منجزات عبد الناصر رغم أخطاء تجربته. 
صحيح أن السياق العربي الحالي قد رعته وتقوده وسائل إعلام، لا تنظّر إلى فكر الهزيمة ووعي الذل والهوان مقابل تضخيم قدرات العدو الصهيوني، وصحيح أنّ الشعوب قد ضرب عليها الذلّ والمسكنة، ولكن أليس من الإنصاف أيضا أن نقول إن التجربة الناصرية على قصورها أو عيوبها كانت محاولة في سياق تاريخي معيّن لزرع وعي النصر والكرامة؟ 
إنما يأتيه عمرو موسى أو غيره، لن ينال من تاريخ الزعيم عبد الناصر، لأن الفكر المقابل أو المعارض للزعيم الخالد هو فكرة الاستكانة و الخضوع ولقد كان عمرو موسى عرّابه الأوّل عندما كان يقود جامعة العرب. فهذا الأمين العام السابق وقف يوما يصفّق لقرار تقسيم السودان الذي تم تمريره تحت عنوان استفتاء تقرير المصير و هو الذي شهد على احتلال العراق و ليبيا و لم يتخذ موقفا قويا مثل الاستقالة  كما فعل المرحوم الشاذلي القليبي، وهو الذي يعلم أن قمم الجامعة كانت تحاك فيها المؤامرات للعدوان على الدول العربية. و إذا كانت تجربة عبد الناصر القصيرة نسبيا يراد الآن شيطنتها عبر تصريحات من هنا و هنا عبر وصفه بالديكتاتور، فهل أن الديمقراطيين جدا مثل عمرو موسى وعرابي الربيع العبري، قد أفادوا هذه الأمة بشيء؟ ما نعلمه على الأقل من خلال بحوثنا أن التجربة الناصرية هي التجربة السياسية العربية الوحيدة التي تناولها الباحثون بالدرس والتدقيق فيما يزيد عن ثلاثة آلاف بحث علمي بين كتاب وورقة علمية في مختلف أنحاء العالم وبكل اللغات، ولا نعلم أنّ تجربة هؤلاء "الديمقراطيين جدّا" ستنال من البحث والاهتمام العلمي والأكاديمي ما نالته التجربة الناصريّة، لأنه شتان ما بين الثرى والثريّا.  
كمال بالهادي  

تعليقات الفيسبوك