مع الشروق.. خُطوة في الاتجاه الصحيح..

مع الشروق.. خُطوة في الاتجاه الصحيح..

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/12/09

تمثّل المشاركة الرسمية لتونس في القمة العربية الصينية بالعاصمة السعودية الرياض خطوة هامة في الاتجاه الصحيح بالنظر إلى ما يمثله هذا الحدث الكبير للدول المشاركة من فرص لمزيد التقارب والانفتاح نحو بعضها البعض وتنويع العلاقات في ما بينها والتباحث حول آليات ووسائل جديدة للشراكة والتعاون. وتكمن أهمية القمة بالنسبة لتونس في أنها ستكون متعددة المستويات: مستوى أول تونسي - صيني ومستوى ثان تونسي -عربي ومستوى ثالث تونسي - سعودي خليجي.
فتونس في حاجة اليوم إلى تثبيت وتقوية علاقاتها مع بعض الدول العربية خاصة تلك التي تأثرت في فترة ما ببعض التقلبات السياسية من الجانبين، وذلك لتقوية الصف العربي في مواجهة تحديات دولية جديدة خاصة على الصعيد الاقتصادي.. ولا يمكن أن تمرّ هذه القمة دون أن تتيح الفرصة لتونس لمزيد التقارب أكثر من الجانب السعودي الذي يمثل ثقلا اقتصاديا وماليا وسياسيا كبيرا في المنطقة ومزيد التقارب أيضا مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تظل شريكا اقتصاديا وماليا وتنمويا بارزا لتونس.
وتونس في حاجة أيضا إلى مزيد الاقتراب اكثر من الصين بوصفها أحد "كبار" العالم على الصعيد الاقتصادي والمالي وبالنظر إلى ما عبّرت عنه أكثر من مرة من رغبة في الوقوف إلى جانب تونس ودعمها. وتأتي مشاركة تونس في هذه القمة لتدعم خطوات سبق أن خطتها بلادنا في هذا الاتجاه أبرزها الانضمام لعضوية البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB وهو مؤسسة مالية دولية للمساعدة على تحقيق التنمية المستدامة في الدول الأعضاء، أحدثت سنة 2014 بمبادرة وتشجيع ودعم من الحكومة الصينية، في إطار استراتيجية "طريق الحرير".
وتأتي القمة في وقت أصبحت تحتاج فيه بلادنا إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية والمالية الدولية وعدم الاكتفاء بهيمنة الشريك الاقتصادي الواحد والداعم المالي الواحد. فتونس عانت في السنوات الأخيرة الأمرّين جراء الارتباط بالشركاء الاقتصاديين والماليين التقليديين، وهو ما جعلها خاضعة لضغوطات وإملاءات وشروط مؤلمة وتصنيفات سيادية مُجحفة عمقت أزمتها الاقتصادية والمالية. وبإمكان التقارب أكثر مع الصين أن يفتح أمامها الأبواب على مصراعيها للانفتاح أكثر على السوق الآسيوية وعدم الاكتفاء بالأسواق التقليدية خاصة في مثل هذا الظرف العالمي الصعب..
وبإمكان السوق الآسيوية وفي مقدمتها الصين أن تمثل اليوم وجهة هامة للصادرات التونسية خاصة الغذائية والفلاحية التي أصبحت تواجه صعوبات لاقتحام الأسواق التقليدية الأوروبية. كما أن السوق السياحية في عديد الدول الآسيوية يمكن أن تكون بدورها داعما بارزا للسياحة التونسية في ظل تقلبات السوق السياحية الأوروبية وضعف مردودها. وهو ما ينطبق أيضا على التعاون الفني وما قد تتيحه سوق الشغل الواسعة في الدول الآسيوية من فرص لامتصاص البطالة المرتفعة في تونس إلى جانب فرص الاستفادة مما حققته الدول الآسيوية والصين من ثورة كبرى في المجال الرقمي والتكنولوجي وفي المجالات الطبية والعلمية والبحثية المختلفة.
وسيكون رئيس الجمهورية قيس سعيّد والوفد المرافق له خلال هذه القمة أمام فرصة كبرى وتاريخية لمزيد تثبيت الصورة المحترمة التي تحظى بها تونس في محيطها الإقليمي والقاري. وستكون الفرصة مناسبة أيضا لمزيد الترويج لموقع تونس  الاستراتيجي الهام الذي يُمكنها من الانفتاح على جميع الاتجاهات دون استثناء، ولمزيد نيل ثقة الأطراف المشاركة للوقوف إلى جانبها ودعمها والاستفادة مما تتيحه من فرص وآفاق واعدة للاستثمار والتبادل والشراكة.
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك