مع الشروق : حبر روسي .. وتوقيع أمريكي !
تاريخ النشر : 19:21 - 2025/11/23
فاجأت وسائل الإعلام العالم هذا الأسبوع باتفاق أمريكي روسي هو "الأخطر" منذ اندلاع الحرب الأوكرانية باعتباره يكشف أن واشنطن وموسكو لا تتحكمان بمصير أوكرانيا فقط ، بل يستبعدان الدول الأوروبية التي دفعت بالحرب وأمدت كييف بالسلاح والدعم السياسي وعلى أرضها تقيم حربا بالوكالة.
أوروبا، التي طالبت كييف بالصمود حتى آخر جندي، تجد نفسها فجأة خارج دائرة القرار، متابعة بدهشة مسرح الأحداث كما لو لم تشارك في الصراع..هذا الاستبعاد لا يكتفي بإظهار محدودية تأثير القارة العجوز في المفاوضات، بل يكشف كذلك أن القوى الإقليمية، بما فيها الدول المجاورة لأوكرانيا، أُقصيت هي الأخرى من المفاوضات لتدرك أن صوتها، رغم ضجيجه، لا يعادل وزن القرار النهائي المحصور بين عمالقة القطبين.
وفي المقابل ، تدخل روسيا هذا الاتفاق " بيد عليا " بعد أن فرضت معادلة ميدانية جديدة لا يمكن تجاوزها وأظهرت أن الزمن يعمل لصالحها، وأن الخطوط التي رسمتها على الأرض باتت شبه نهائية.
أما الولايات المتحدة، فقد وصلت إلى قناعة بأن استمرار الحرب يعني استنزافا اقتصاديا وسياسيا، وأن بقاء الجبهة مفتوحة بلا وضوح سيمنح الصين فرصة التمدّد في الفراغات الاستراتيجية ومزيد التقارب مع روسيا خاصة بعد أن استنفدت واشنطن ذروة دعمها العسكري لكييف دون تحقيق اختراق ميداني حاسم.
الاتفاق ينص على الاعتراف الضمني بالسيطرة الروسية على بعض المناطق الشرقية لأوكرانيا مع تجميد عضوية كييف في الناتو نهائيا وإدراج ذلك في الدستور مع التعهد بعدم استخدام أراضي أوكرانيا لأي تهديد ضد روسيا، والإقرار باللغة الروسية كلغة رسمية في بعض المناطق ، مع تقليص حجم الجيش الأوكراني مع الامتناع عن امتلاك أسلحة قادرة على الوصول إلى العمق الروسي.
كما ينص الاتفاق على التنسيق الأمني المباشر بين الولايات المتحدة وروسيا لتفادي أي مواجهة عسكرية غير مقصودة، والتخلي عن أي خطوات توسعية غربية تشمل نشر صواريخ أو قواعد على الأراضي الأوكرانية.
اتفاقية السلام هذه ، او قل اتفاقية استسلام اوكرانيا كما يصفها البعض، تعيد إلى الأذهان ما حدث في القرن التاسع عشر حين كانت الدول القوية هي التي تحدد مسار السلام والحرب بفرض شروطها على الدول الأصغر دون اعتبار لمصالح الشعوب على الأرض.. اليوم، يكرس الاتفاق نفسه على نفس المنوال.. تُتّخذ القرارات الكبرى بعيدا عن الدول المعنية مباشرة، ويصبح على الآخرين التكيف مع النتائج مهما كان الثمن، بينما القوى الكبرى تضمن حماية مصالحها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصرّعلى توقيع الاتفاق يوم الخميس من بحر هذا الاسبوع ليثبت منذ عودته إلى البيت الأبيض أنّه قادر على إغلاق الملفات الكبرى بسرعة وبمزاج نرجسي يفضّل الصورة على التفاصيل.. ترامب يريد اتفاقا يعيد لأمريكا موقعها القيادي ويمنع في المقابل روسيا من الاقتراب أكثر من الصين التي باتت قوة يقرأ لها ألف حساب.
الاتفاق حبره روسي بتوقيع أمريكي، وأوروبا التي دفعت بالحرب إلى أقصى حدودها، تستبعد من المفاوضات لتدرك أن القوة لا تقاس بالصوت… بل بمن يملك الكلمة الأخيرة...وبوتين اليوم هو صاحب الكلمة الاخيرة ..
راشد شعور
فاجأت وسائل الإعلام العالم هذا الأسبوع باتفاق أمريكي روسي هو "الأخطر" منذ اندلاع الحرب الأوكرانية باعتباره يكشف أن واشنطن وموسكو لا تتحكمان بمصير أوكرانيا فقط ، بل يستبعدان الدول الأوروبية التي دفعت بالحرب وأمدت كييف بالسلاح والدعم السياسي وعلى أرضها تقيم حربا بالوكالة.
أوروبا، التي طالبت كييف بالصمود حتى آخر جندي، تجد نفسها فجأة خارج دائرة القرار، متابعة بدهشة مسرح الأحداث كما لو لم تشارك في الصراع..هذا الاستبعاد لا يكتفي بإظهار محدودية تأثير القارة العجوز في المفاوضات، بل يكشف كذلك أن القوى الإقليمية، بما فيها الدول المجاورة لأوكرانيا، أُقصيت هي الأخرى من المفاوضات لتدرك أن صوتها، رغم ضجيجه، لا يعادل وزن القرار النهائي المحصور بين عمالقة القطبين.
وفي المقابل ، تدخل روسيا هذا الاتفاق " بيد عليا " بعد أن فرضت معادلة ميدانية جديدة لا يمكن تجاوزها وأظهرت أن الزمن يعمل لصالحها، وأن الخطوط التي رسمتها على الأرض باتت شبه نهائية.
أما الولايات المتحدة، فقد وصلت إلى قناعة بأن استمرار الحرب يعني استنزافا اقتصاديا وسياسيا، وأن بقاء الجبهة مفتوحة بلا وضوح سيمنح الصين فرصة التمدّد في الفراغات الاستراتيجية ومزيد التقارب مع روسيا خاصة بعد أن استنفدت واشنطن ذروة دعمها العسكري لكييف دون تحقيق اختراق ميداني حاسم.
الاتفاق ينص على الاعتراف الضمني بالسيطرة الروسية على بعض المناطق الشرقية لأوكرانيا مع تجميد عضوية كييف في الناتو نهائيا وإدراج ذلك في الدستور مع التعهد بعدم استخدام أراضي أوكرانيا لأي تهديد ضد روسيا، والإقرار باللغة الروسية كلغة رسمية في بعض المناطق ، مع تقليص حجم الجيش الأوكراني مع الامتناع عن امتلاك أسلحة قادرة على الوصول إلى العمق الروسي.
كما ينص الاتفاق على التنسيق الأمني المباشر بين الولايات المتحدة وروسيا لتفادي أي مواجهة عسكرية غير مقصودة، والتخلي عن أي خطوات توسعية غربية تشمل نشر صواريخ أو قواعد على الأراضي الأوكرانية.
اتفاقية السلام هذه ، او قل اتفاقية استسلام اوكرانيا كما يصفها البعض، تعيد إلى الأذهان ما حدث في القرن التاسع عشر حين كانت الدول القوية هي التي تحدد مسار السلام والحرب بفرض شروطها على الدول الأصغر دون اعتبار لمصالح الشعوب على الأرض.. اليوم، يكرس الاتفاق نفسه على نفس المنوال.. تُتّخذ القرارات الكبرى بعيدا عن الدول المعنية مباشرة، ويصبح على الآخرين التكيف مع النتائج مهما كان الثمن، بينما القوى الكبرى تضمن حماية مصالحها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصرّعلى توقيع الاتفاق يوم الخميس من بحر هذا الاسبوع ليثبت منذ عودته إلى البيت الأبيض أنّه قادر على إغلاق الملفات الكبرى بسرعة وبمزاج نرجسي يفضّل الصورة على التفاصيل.. ترامب يريد اتفاقا يعيد لأمريكا موقعها القيادي ويمنع في المقابل روسيا من الاقتراب أكثر من الصين التي باتت قوة يقرأ لها ألف حساب.
الاتفاق حبره روسي بتوقيع أمريكي، وأوروبا التي دفعت بالحرب إلى أقصى حدودها، تستبعد من المفاوضات لتدرك أن القوة لا تقاس بالصوت… بل بمن يملك الكلمة الأخيرة...وبوتين اليوم هو صاحب الكلمة الاخيرة ..
راشد شعور