مع الشروق .. تمويلات لتونس.. رغم «فيتو» صندوق النقد الدولي

مع الشروق .. تمويلات لتونس.. رغم «فيتو» صندوق النقد الدولي

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/06/14

عندما عطّل صندوق النقد الدولي منح تمويل طالبت به تونس بقيمة 1.9 مليار دولار، وحصل بشأنه اتفاق مبدئي منذ أواخر سنة 2022 ، ساد الاعتقاد أن أبواب التمويل الدولي أغلقت أمام تونس وأنه لا مفر للحصول على تمويلات خارجيـة من أطراف أخرى غير الخضوع لإملاءات وشروط الصندوق في ما يتعلق برفع الدعم وبالتفويت في المؤسسات العمومية. وقد تدعمت تلك الاعتقادات بالقول إن مختلف المانحين الدوليين والقارين والإقليميين لا يمكنهم إسناد أيّ تمويل لتونس إلا شريطة حصولها على قرض من صندوق النقد بالشروط التي يفرضها وبذلك يقع منحها الضوء الأخضر لإسناد بلادنا تمويلات .
ومع تقدم الوقت اتضح أن تلك المخاوف كانت مجرد "فزاعة" الغاية منها إجبار تونس على الخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي التي اتضح بالكاشف أنها لا تتماشى مع الحالة التونسية ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع خصوصا أن تونس تعرضت منذ 2011 الى جملة من "الاكراهات" ذات العلاقة بالشأن السياسي والتي ساهمت في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية فيها. وقد اتضح أن مختلف المؤسسات الدولية المالية المانحة وكذلك الدول ( في إطار التعاون الثنائي) بإمكانها منح تمويلات لبلادنا وفق اتفاقيات ثنائية يقع إبرامها في الغرض بين الحين والآخر ولا علاقة لها ب"الضوء الأخضر" من صندوق النقد الدولي.
وفي الأشهر الأخيرة، تمكنت تونس، على أرض الواقع، من تجاوز عقبة "غلق باب التمويل الدولي" بعد أن عبرت مختلف الجهات الدولية والقارية والإقليمية المانحة عن رغبتها في الوقوف إلى جانب بلادنا وإسنادها تمويلات محترمة على شكل قروض بشروط ميسّرة وكذلك مساعدات مالية وتقنية وهبات.. وهو ما أكدته مؤخرا المحادثات والتوافقات التي حصلت بين تونس ومجموعة البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية (BAD) والبنك الإسلامي للتنمية (ISDB) والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) والبنك الأوروبي للاستثمار ( BEI) والبنك الأوربي لإعادة الإعمار والتنمية ( BERD). وينضاف ذلك إلى اتفاقيات تمويل مع جهات أخرى مانحة على غرار الصندوق السعودي للتنمية والوكالة الفرنسية للتنمية ( AFD) والوكالة اليابانية للتعاون ( JICA) والوكالة الألمانية للتعاون ( GIZ) والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وغيرها من المؤسسات ..
وكل ذلك فضلا عن التمويلات والشراكات الاقتصادية المتأتية من التعاون الثنائي مع الدول على غرار ما أفرزته مؤخرا زيارة رئيس الدولة إلى الصين من اتفاقيات تمويل وتعاون ثنائي شأنها شأن زيارة رئيس الحكومة إلى كوريا الجنوبية وغيرها من الاتفاقيات الأخرى مع الدول الصديقة.. كما تنضاف لذلك أيضا اتفاقيات متعددة مع المؤسسات العالمية الخاصة الناشطة في مجالات هامة مثل الطاقة والطاقات المتجددة والنقل والصناعات الكبرى المختلفة أبرزها مكونات السيارات والطائرات، والتي ما انفكت تعبر عن رغبتها في الاستثمار في تونس.
 وفي اليومين الأخيرين وبمناسبة مؤتمر تونس للاستثمار TIF وقّعت تونس اتفاقيات تمويل هامة مع البنك الأوروبي للاستثمار ناهزت 500 مليون أورو. وبالمناسبة ذاتها تعهد فريق أوروبا لدعم الاستثمارات في تونس بتعبئة 472,6 مليون يورو، منها 334.6 مليون يورو في شكل منح من الاتحاد الأوروبي، لدعم مشروع الربط الكهربائي بين إيطاليا وتونس “ELMED”، و125 مليون يورو من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار و الوكالة الألمانية للتعاون المالي.
كل هذه التطورات تؤكد أن تونس أصبحت في طريق مفتوح لتجاوز عقبة "فيتو" صندوق النقد الدولي التي ظلت طيلة العامين الماضيين هاجسا كبيرا تواجهه السلطات في علاقة بالحصول على تمويلات أجنبية ومصدر خوف وقلق للتونسيين بعد ماراج حول ما قد تبلغه البلاد من مأزق يصعب معه تأمين الوضعية الاقتصادية والمالية . وقد تدعّم كل ذلك بتمكّن تونس من خلاص تعهداتها المالية السابقة وتحقيق نتائج مالية مطمئنة في انتظار أن تتحسن الأوضاع أكثر في الفترة القادمة خاصة على الصعيد الاقتصادي، وهو ما يبدو في المتناول دون حاجة لتمويل من صندوق النقد الدولي لكن شريطة بذل مزيد من جهود الإصلاح الاقتصادي والتحلّي بإرادة قوية وشجاعة..
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك