مع الشروق : ترامب ومهلة الـ 50 يوما لبوتين
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/07/16
بمنطق الوصاية والأبوّة والمؤجّر والأجير، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه "غير مسرور" و"خاب أمله" في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معلنا منحه 50 يوما لـ"وقف الحرب".
الرئيس ترامب المهووس بإبرام الصفقات على حساب حقائق الأمور والأوضاع الميدانية (سواء في قطاع غزة او في اوكرانيا)، يهدف من هذا التحوّل في موقفه الى تحقيق أهداف كثيرة.
فمن حيث الشكل يعتبر الإعلان عن مهلة الـ50 يوما، وكأن أمريكا هي الآمر الناهي وهي الوحيدة من يمكنها إصدار مثل هذه التهديدات ، ضدّ أقوى دولة نووية في العالم والخصم التقليدي للغرب.
كما أن الاعلان عن هذه المهلة هو رسالة ترهيب استعراضية، فيها تذكير لما حدث لإيران بعد مهلة الـ60 يوما، حيث في اليوم الـ61 هاجم الكيان الصهيوني الجمهورية الاسلامية في مواجهة الـ12 يوما.
أما من حيث المضمون فتحمل في طياتها أمرين ،الأوّل رسالة للداخل والخارج ممّن يتّهمون ترامب بالتهاون في التعامل مع بوتين، والثاني رسالة للأوروبيين أن أمريكا عادت مجدّدا للقيادة والتماهي مع الرغبات الأوروبية.
كثيرا ما كان ترامب يتّهم بأنه يستلطف بوتين بل وينحاز الى رؤية روسيا في الصراع الاوكراني، ويبدو أن ترامب يريد أن يغيّر هذه الصورة الى وضع أنّه هو المسيطر على بوتين بمهلة ال50 يوما الترهيبية.
وفي ما يخصّ التماهي مع الرغبات الاوروبية المتكالبة على تدمير روسيا، فإن ترامب أخذ الأمر من زاوية الصفقة الكبيرة لشركات التسليح الامريكية وليس بمنطق التحالف الوثيق تحت مظلة "الناتو".
وقد أفادت تقارير اعلامية أمريكية في هذا الاطار، أن واشنطن لن تتحمل التكاليف المباشرة لعملية تسليح الاوكرانيين، إذ سيقوم الحلفاء الأوروبيون بشراء هذه الأنظمة من الولايات المتحدة، ثم نقلها إلى كييف.
على الجانب الآخر، سواء في روسيا او في الغرب فإن الردود كانت مختلفة، فبينما ترى أصوات غربية أن مهلة الـ50 يوما تعدّ فترة طويلة جدًّا في ظل تعرض أوكرانيا لهجمات يومية تشمل أكثر من 700 طائرة مسيّرة، ردّت موسكو بسخرية على لسان نائب رئيس مجلس الامن الروسي ديميتري ميدفيديف ،الذي قال إن "ترامب أصدر إنذارا مسرحيا للكرملين، فارتجف العالم مترقبا العواقب، وخاب أمل أوروبا المتحفزة... أما روسيا، فلم تعر الأمر اهتماما".
بقدر ما كان قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب نقطة تحوّل بارزة في مسار الحرب الممتدة منذ أكثر من ثلاث سنوات، فإنه أيضا نقطة تأزيم بارزة ومن غير المرجّح تماما أن تخضع روسيا أو أن تستسلم لهزيمة استراتيجية.
فبينما كان ترامب لا يفوّت أي فرصة لإدانة سلفه بايدن على أنّه المتسبّب في عديد الأزمات والصراعات وكانت حملته الانتخابية قائمة أساسا على إنهاء هذه الصراعات، ها هو الآن هو نفسه يصبّ الزيت على النار ويشعل أزمة قد تتحوّل الى حرب كبرى وربّما الى مواجهة نووية وحرب عالمية ثالثة.
بدرالدّين السّيّاري
بمنطق الوصاية والأبوّة والمؤجّر والأجير، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه "غير مسرور" و"خاب أمله" في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معلنا منحه 50 يوما لـ"وقف الحرب".
الرئيس ترامب المهووس بإبرام الصفقات على حساب حقائق الأمور والأوضاع الميدانية (سواء في قطاع غزة او في اوكرانيا)، يهدف من هذا التحوّل في موقفه الى تحقيق أهداف كثيرة.
فمن حيث الشكل يعتبر الإعلان عن مهلة الـ50 يوما، وكأن أمريكا هي الآمر الناهي وهي الوحيدة من يمكنها إصدار مثل هذه التهديدات ، ضدّ أقوى دولة نووية في العالم والخصم التقليدي للغرب.
كما أن الاعلان عن هذه المهلة هو رسالة ترهيب استعراضية، فيها تذكير لما حدث لإيران بعد مهلة الـ60 يوما، حيث في اليوم الـ61 هاجم الكيان الصهيوني الجمهورية الاسلامية في مواجهة الـ12 يوما.
أما من حيث المضمون فتحمل في طياتها أمرين ،الأوّل رسالة للداخل والخارج ممّن يتّهمون ترامب بالتهاون في التعامل مع بوتين، والثاني رسالة للأوروبيين أن أمريكا عادت مجدّدا للقيادة والتماهي مع الرغبات الأوروبية.
كثيرا ما كان ترامب يتّهم بأنه يستلطف بوتين بل وينحاز الى رؤية روسيا في الصراع الاوكراني، ويبدو أن ترامب يريد أن يغيّر هذه الصورة الى وضع أنّه هو المسيطر على بوتين بمهلة ال50 يوما الترهيبية.
وفي ما يخصّ التماهي مع الرغبات الاوروبية المتكالبة على تدمير روسيا، فإن ترامب أخذ الأمر من زاوية الصفقة الكبيرة لشركات التسليح الامريكية وليس بمنطق التحالف الوثيق تحت مظلة "الناتو".
وقد أفادت تقارير اعلامية أمريكية في هذا الاطار، أن واشنطن لن تتحمل التكاليف المباشرة لعملية تسليح الاوكرانيين، إذ سيقوم الحلفاء الأوروبيون بشراء هذه الأنظمة من الولايات المتحدة، ثم نقلها إلى كييف.
على الجانب الآخر، سواء في روسيا او في الغرب فإن الردود كانت مختلفة، فبينما ترى أصوات غربية أن مهلة الـ50 يوما تعدّ فترة طويلة جدًّا في ظل تعرض أوكرانيا لهجمات يومية تشمل أكثر من 700 طائرة مسيّرة، ردّت موسكو بسخرية على لسان نائب رئيس مجلس الامن الروسي ديميتري ميدفيديف ،الذي قال إن "ترامب أصدر إنذارا مسرحيا للكرملين، فارتجف العالم مترقبا العواقب، وخاب أمل أوروبا المتحفزة... أما روسيا، فلم تعر الأمر اهتماما".
بقدر ما كان قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب نقطة تحوّل بارزة في مسار الحرب الممتدة منذ أكثر من ثلاث سنوات، فإنه أيضا نقطة تأزيم بارزة ومن غير المرجّح تماما أن تخضع روسيا أو أن تستسلم لهزيمة استراتيجية.
فبينما كان ترامب لا يفوّت أي فرصة لإدانة سلفه بايدن على أنّه المتسبّب في عديد الأزمات والصراعات وكانت حملته الانتخابية قائمة أساسا على إنهاء هذه الصراعات، ها هو الآن هو نفسه يصبّ الزيت على النار ويشعل أزمة قد تتحوّل الى حرب كبرى وربّما الى مواجهة نووية وحرب عالمية ثالثة.
بدرالدّين السّيّاري
