مع الشروق.. بعد الخطوة في اتجاه مصر... خطوة في اتجاه سوريا... لـمَ لا؟

مع الشروق.. بعد الخطوة في اتجاه مصر... خطوة في اتجاه سوريا... لـمَ لا؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/04/14

بزيارته الموفقة إلى جمهورية مصر العربية يكون الرئيس قيس سعيد قد أعاد للدبلوماسية التونسية بوصلتها المضَيّعة... ويكون قد صحّح مسارا من التدمير المنهج لعلاقات تونس العربية والدولية تواصل لعشر سنوات بالتمام والكمال، وحوّل الدبلوماسية التونسية إلى مصلحة ملحقة بالأحزاب تتأثر بتوجهاتها وتهتدي ببوصلتها.
ليس خافيا أن هذه الدبلوماسية التي تواصلت على مدى عشر سنوات تقريبا والتي لا تصح عليها إلا صفة الدبولماسية الحزبية التي تتأثر بالأجندات والارتباطات الظاهرة والخفية لهذا الحزب أو ذاك... وليس خافيا ما لحق بدبلوماسيتنا وبصورة تونس في المحافل الدولية من تشويه وتدنيس حولها إلى مجرّد قطعة على رقعة شطرنج إقليمية ودولية تحركها لغة المحاور ويديرها منطق الاصطفاف.
لذلك كان لا بد من وقف هذا النزيف الذي يضرب صورة تونس ومصداقية دبلوماسيتها.. وكان لا بد من وضع حد لهذا التدهور الذي استحضر منطق المحاور والخنادق إلى بلادها حتى صرنا نشهد علامة «رابعة» يلوح بها نواب تونسيون في برلمان تونسي يفترض أن له قدسيته وحرمته على اعتبار أنه محراب للسيادة الوطنية وعنوان للانتماء لهذا الوطن... وبتحول الرئيس قيس سعيد إلى مصر يكون قد أوقف نزيف الاصطفافات العبثية والعابثة ويكون قد وضع حدا لمسار الزجّ بديبلوماسيتنا في نهج الاصطفافات والأجندات الحزبية وليس في نهج المصلحة الوطنية العليا ومصالح البلاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاستراتيجية كما يفترض أن تكون عليه ديبلوماسية بلد يحترم نفسه وشعبه ويحترم محيطه الإقليمي وعلاقاته الدولية وفقا لبوصلة واضحة دأبت عليها علاقاتنا الخارجية منذ الاستقلال وتقوم على الانحياز للمصلحة العليا للوطن وعلى رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
زيارة رئيس الدولة إلى مصر اندرجت في هذا الإطار وجاءت استكمالا لمسار بدأ بمد الجسور مع أشقائنا في الجزائر وليبيا ومع شريكنا التقليدي فرنسا في انتظار زيارات أخرى ستساعد على ترميم أداء دبلوماسيتنا وصورة بلدنا في محيطها العربي والإقليمي والدولي... فنحن لسنا أوصياء على «الثورة» ولا على الديمقراطية حتى نحوّل أنفسنا إلى سيوف مسلّطة على رقاب الأشقاء وحتى نبيح لأنفسنا حق التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحق توزيع شهائد الاستحسان في الثورية وفي الديمقراطية!
ولأن هذه الزيارة التاريخية حققت الكثير من النتائج على صعيد تصويب أداء دبلوماسيتنا وتصحيح أخطاء الحكومات السابقة التي أدت فيما أدت إليه إلى تجميد علاقاتنا بالشقيقة الكبرى جمهورية مصر العربية بما لها من دور وتأثير عربي وإقليمي ودولي وكذلك إصابة هذه العلاقات بـ«سكتة» شاملة.. لأنها كذلك فإن المطلوب هو المضي على نهج التصحيح الشامل ومحو كل الآثار السلبية وكل الدمارات التي لحقت بعلاقاتنا مع الشقيقة الأخرى التي لا تقل وزنا ولا دورا على الساحة العربية والإقليمية والدولية ونعني بها الجمهورية العربية السورية الشقيقة.. هذه الدولة التي تعمّد شق من التونسيين في لحظة انسياق أعمى وراء سياسة المحاور إلى قطع العلاقات معها واستضافة ما سمي «مؤتمر أصدقاء سوريا» وهم في الواقع أعداؤها الذين تآمروا عليها وأغرقوها بالإرهابيين وبالسلاح وبكل أشكال الدعم لجماعات التطرف الديني والإرهاب الأعمى... 
هؤلاء الذين أسهموا في الحريق الكبير الذي خرب سوريا وألحق بها وبشعبها وبمقدراتها وبنيتها التحتية أذى ما بعده أذى... والمطلوب هو أن يُتْبِع الرئيس قيس سعيد خطوة تصحيح علاقاتنا مع مصر بخطوة أخرى تفضي إلى إعادة علاقاتنا الدبلوماسية والكاملة مع الشقيقة سوريا... وتفضي إلى تسهيل إعادة إدماجها صلب البيت العربي كما تقرر مؤخرا في اجتماع الجامعة العربية بالقاهرة.
فهل نشهد في المدى المنظور خطوة جديدة للرئيس قيس سعيد تفضي إلى تصحيح مسار علاقاتنا بالشقيقة سوريا كما حدث مع الشقيقة مصر؟ السؤال مشروع والأمل جائز في رؤية بلادنا تستعيد وجهها العربي ودورها العربي كاملا وغير منقوص. وفي رؤية دبلوماسيتنا تتخلّص نهائيا من كل قيود المحاور والاصطفاف التي لا تخدم مصالحنا الوطنية ومعها مصالحنا الاستراتيجية بأي شكل من الأشكال.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك