مع الشروق .. بأي حال عُدتِ... ميلوني 

مع الشروق .. بأي حال عُدتِ... ميلوني 

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/06/10

زيارة أولى تتلوها زيارة ثانية تلك التي تقود رئيسة الحكومة الإيطالية اليمينية جورجيا ميلوني إلى تونس في ذات الأسبوع، وما بين الزيارتين ملفات موضوعة واتفاقات مطروحة تُراوح بين الأمني والمالي لا تهدف في محصلتها إلاّ  إلى تجنب السيناريوهات المخيفة للأوروبيين في علاقة بما يمكن أن يتحول إلى كابوس حقيقي في حال اهتزّ الاستقرار الاجتماعي في تونس التي لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات عن القارة العجوز.
وتحارب ميلوني وأعضادها الزمن في مساعيها المتواصلة لإيجاد مخرج للوضع التونسي خاصة وأن موسم الصيف قد انطلق بنوع من التأخير وهو ما يعني استقرار الوضع المناخي وارتفاع نسق المراكب التي تقل المهاجرين السريين من كل الأجناس والجنسيات نحو الضفة الأخرى من المتوسط مع ما يعنيه ذلك من مخاطر أمنية واقتصادية واجتماعية على الأوروبيين وهو الكابوس الذي يسعون لتجنبه.
ولا شكّ أن زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية اليمينية جورجيا ميلوني هذه المرة إلى تونس وهي التي تبني كل سرديتها داخليا وخارجيا على مسألة الهجرة بكامل أبعادها سيكون لها ما بعدها وفق عديد الملاحظين، فحلولها ببلادنا رفقة وفد وازن أوروبيا يمثله رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته سيمثل دفعا مؤكدا للمساعي الهادفة إلى تقريب وجهات النظر وتذليل العقبات في جملة من الملفات المشتركة.
وليس من الصدفة أن ترافق فون دير لاين رئيسة الهيكل المؤثر في قرارات الدول الأوروبية التي لا تتحرك إلا ضمن إطار مؤسساتي جماعي مشترك ميلوني في زيارتها لتونس وهو ما سيعطي المحادثات بعدا أكبر لما تمثله السياسية الألمانية من وزن في القرار الأوروبي وبالتالي فوجودها سيمكن من طرح كل الخيارات والرؤى التي تطرحها أوروبا في علاقة بالملف التونسي، كما يمثل حلول رئيس الوزراء الهولندي روته الذي تتخذ بلاده موقفا محايدا أو مهادنا على الأقل من التطورات في تونس عنصر تخفيف للتوتر خلافا لدول أخرى تتخذ موقفا متشددا مما يحصل بما سيساعد على التقدم في التفاوض.
ولئن كان العنوان الأبرز لهذه الزيارة الثلاثية المعلنة هو محاربة الهجرة السرية بشكل أساسي بعد المساعي التي بذلتها روما لإقناع الأوروبيين والغرب بأهمية هذا الملف كمشغل مشترك لأوروبا قاطبة وضرورة التوجه نحو خيارات داعمة لتونس ماليا، فإن العنصر الأكثر أهمية والذي يسترعي اهتمام التونسيين هو ما سيبذل من وساطات في المدة القادمة وتحت ضغط الوقت لتحريك الملف التونسي لدى صندوق النقد الدولي.
فالثالوث الأوروبي سيعمل بشكل أساسي على تقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية قيس سعيد الرافض لبعض نقاط الاتفاق والمؤسسة المانحة المتمسكة بإصلاحاتها من خلال تقديم الدعم المالي والذي تحدث عنه المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني من الاتحاد الأوروبي وبعض شركائه  كضمانة مقدمة للبنك لتنفيذ تونس برنامج الإصلاحات بما يتناسب مع وضعها الاجتماعي وبما يمهد الطريق للوصول إلى اتفاق نهائي سيمثل متنفسا للاقتصاد التونسي باعتباره ضوءا أخضر دولي لتقديم القروض لتونس في إطار ثنائي أو ضمن الهياكل المالية المانحة.  
ومهما كانت عناوين الزيارة الأوروبية إلى تونس فإنه يبقى من المهم الكشف عن ماهية الاتفاقات التي ستحصل حيث لا يجب أن تتحول بلادنا إلى مجرد حرس حدود أو أرض توطين للاجئين كما يراد لها أن تكون وهو ما يستوجب حسن التفاوض  لأن الخلاص من هذه الظاهرة لا يكون إلا بمقاربات تنموية شاملة ومشتركة لا بحلول أمنية قاصرة عن تحقيق أهدافها.
هاشم بوعزيز
 

تعليقات الفيسبوك