مع الشروق.. المطلوب كشف عصابات الاحتكار... وعصابات السياسة
تاريخ النشر : 07:00 - 2022/03/15
بعد تحذيرات متكررة، وبعد طول تهديد ووعيد، انطلقت الحرب على الاحتكار وحليفه التهريب. ذلك أن حيتان التهريب في بلادنا لم تكتف بارتهان قوت الشعب التونسي.. ولم تكتف بالمضاربة والتلاعب بجيوب الناس وبطونهم بل أن قريحتهم أبدعت لهم فكرة مضاعفة الاحتكار بالتهريب إلى دول عربية وافريقية.. حيث باتت «أسواق تونس» تنتصب في ليبيا وفي تشاد ومالي والنيجر وتعرض مواد تونسية مدعومة من عرق وجهد ومعاناة الشعب التونسي ليتغذى بها أفارقة فيما يجوع التونسي ويجف حلقه طلبا لكيلوغرام من الأرز أو السميد أو الفارينة أو السكر أو للتر من الزيت المدعوم.
والواقع أن عربدة عصابات الاحتكار والتهريب تواصلت على امتداد سنوات طويلة، بل ان هذه العصابات ما فتئت تكبر وتتغوّل بعد أن مدّت عروقها إلى دنيا السياسة لتجد لها رعاة وحماة ينتمون لطبقة سياسية مريضة لا برامج لها ولا رؤى لها لتطوير البلاد والارتقاء بالشعب الكادح المفقر.. ينصبّ كل اهتمام المنتسبين إليها وتركّز كل «عبقرياتهم» على التكسّب من عرق الشعب حتى لو أدى الأمر إلى رهن قوته لدى تلك الطبقة الطفيلية من المحتكرين التي نمت وكبرت في وقت قياسي لتصبح أحيانا كثيرة ندّا للدولة بل وأكبر من الدولة.. طبقة تمتلك كل أدوات التغوّل والإفلات من قبضة القانون بعد أن تمسكت بتلابيب ساسة آخر الزمان الذين يتلخّص همّهم الوحيد في تكديس المكاسب والثروات.
لم يقف التيار عند هذا الحد. بل إن تغوّل الجماعة وافلاتهم المتواصل من العقاب ومن ملاحقة القانون جعلهم يتطلعون بأنظارهم إلى أبعد من حدود الوطن.. وجعلهم يخططون لمضاعفة الأرباح التي يراكمونها بواسطة تهريب كميات هامة من المواد الاستهلاكية التي يمولها صندوق الدعم من عرق وكدّ التونسيين والتونسيات إلى دول الجوار عربية كانت أو افريقية.. وبالمحصلة، وبين كماشتي الاحتكار والتهريب صار عاديا أن «يناضل التونسي» يوميا، وبلا جدوى في غالب الأحيان، للظفر بمادة السكر أو السميد أو الأرز أو الزيت فيما تتكدّس هذه المواد في أسواق عشوائية تحت مسمى «سوق تونس» في عديد الدول الافريقية.
والمتابع لحملات المداهمة التي جرت في إطار انطلاق الحرب على عصابات الاحتكار يدرك دون عناء حجم الجرم الذي ترتكبه هذه العصابات في حق أبناء الشعب.. جرائم ترقى في توصيفها وبلا تجنّ إلى مرتبة «الجرائم ضد الانسانية» لأنه في نهاية المطاف لا فرق في أن تقتل انسانا بقنبلة أو بصاروخ أو أن تقتله جوعا وتعذبه بحرمانه من أبسط حقوقه الأساسية حقه في الغذاء. والمطلوب الآن وفي ضوء النتائج المحققة والكميات المضبوطة في 3 أيام فقط (أنظر تحقيق الشروق ص 12) ألا تتوقف هذه الحملة وأن تتواصل على مدار العام وأن يفعّل فيها دور القانون والقضاء في ردع المخالفين والضرب على أيدي العابثين بقوت الشعب.
أكثر من هذا، المطلوب أيضا هو عدم الاكتفاء بكشف اخطبوط الاحتكار بل تعميق الأبحاث لكشف من يقف وراء هذا الاخطبوط من عصابات السياسة والارتزاق.. المطلوب هو دفع الأبحاث إلى الآخر لكشف من يستثمرون في الأزمة ويستغلونها لتحقيق مصالح أنانية ضيّقة ولضرب استقرار البلاد من خلال صنع الأزمات واستغلالها سياسيا واجتماعيا لتوتير الأوضاع والدفع بالبلاد إلى الفوضى.
وبهذه الطريقة، وإذا كشفت كل أذرع الاخطبوط يصبح الحديث ممكنا عن حرب على الاحتكار والتهريب ناجعة ومجدية وتفضي إلى اقتلاع كل النبتات الخبيثة وتجفيف منابع هذا التيار الهدام ـ الاحتكار ـ الذي تغوّل على الدولة وعلى أجهزتها وعلى القانون.. بل وبات يهدّد يتقويضها من أركانها نتيجة التحالفات المشبوهة والمريبة التي تعقدها عصابات الاحتكار مع عصابات السياسة.
عبد الحميد الرياحي
بعد تحذيرات متكررة، وبعد طول تهديد ووعيد، انطلقت الحرب على الاحتكار وحليفه التهريب. ذلك أن حيتان التهريب في بلادنا لم تكتف بارتهان قوت الشعب التونسي.. ولم تكتف بالمضاربة والتلاعب بجيوب الناس وبطونهم بل أن قريحتهم أبدعت لهم فكرة مضاعفة الاحتكار بالتهريب إلى دول عربية وافريقية.. حيث باتت «أسواق تونس» تنتصب في ليبيا وفي تشاد ومالي والنيجر وتعرض مواد تونسية مدعومة من عرق وجهد ومعاناة الشعب التونسي ليتغذى بها أفارقة فيما يجوع التونسي ويجف حلقه طلبا لكيلوغرام من الأرز أو السميد أو الفارينة أو السكر أو للتر من الزيت المدعوم.
والواقع أن عربدة عصابات الاحتكار والتهريب تواصلت على امتداد سنوات طويلة، بل ان هذه العصابات ما فتئت تكبر وتتغوّل بعد أن مدّت عروقها إلى دنيا السياسة لتجد لها رعاة وحماة ينتمون لطبقة سياسية مريضة لا برامج لها ولا رؤى لها لتطوير البلاد والارتقاء بالشعب الكادح المفقر.. ينصبّ كل اهتمام المنتسبين إليها وتركّز كل «عبقرياتهم» على التكسّب من عرق الشعب حتى لو أدى الأمر إلى رهن قوته لدى تلك الطبقة الطفيلية من المحتكرين التي نمت وكبرت في وقت قياسي لتصبح أحيانا كثيرة ندّا للدولة بل وأكبر من الدولة.. طبقة تمتلك كل أدوات التغوّل والإفلات من قبضة القانون بعد أن تمسكت بتلابيب ساسة آخر الزمان الذين يتلخّص همّهم الوحيد في تكديس المكاسب والثروات.
لم يقف التيار عند هذا الحد. بل إن تغوّل الجماعة وافلاتهم المتواصل من العقاب ومن ملاحقة القانون جعلهم يتطلعون بأنظارهم إلى أبعد من حدود الوطن.. وجعلهم يخططون لمضاعفة الأرباح التي يراكمونها بواسطة تهريب كميات هامة من المواد الاستهلاكية التي يمولها صندوق الدعم من عرق وكدّ التونسيين والتونسيات إلى دول الجوار عربية كانت أو افريقية.. وبالمحصلة، وبين كماشتي الاحتكار والتهريب صار عاديا أن «يناضل التونسي» يوميا، وبلا جدوى في غالب الأحيان، للظفر بمادة السكر أو السميد أو الأرز أو الزيت فيما تتكدّس هذه المواد في أسواق عشوائية تحت مسمى «سوق تونس» في عديد الدول الافريقية.
والمتابع لحملات المداهمة التي جرت في إطار انطلاق الحرب على عصابات الاحتكار يدرك دون عناء حجم الجرم الذي ترتكبه هذه العصابات في حق أبناء الشعب.. جرائم ترقى في توصيفها وبلا تجنّ إلى مرتبة «الجرائم ضد الانسانية» لأنه في نهاية المطاف لا فرق في أن تقتل انسانا بقنبلة أو بصاروخ أو أن تقتله جوعا وتعذبه بحرمانه من أبسط حقوقه الأساسية حقه في الغذاء. والمطلوب الآن وفي ضوء النتائج المحققة والكميات المضبوطة في 3 أيام فقط (أنظر تحقيق الشروق ص 12) ألا تتوقف هذه الحملة وأن تتواصل على مدار العام وأن يفعّل فيها دور القانون والقضاء في ردع المخالفين والضرب على أيدي العابثين بقوت الشعب.
أكثر من هذا، المطلوب أيضا هو عدم الاكتفاء بكشف اخطبوط الاحتكار بل تعميق الأبحاث لكشف من يقف وراء هذا الاخطبوط من عصابات السياسة والارتزاق.. المطلوب هو دفع الأبحاث إلى الآخر لكشف من يستثمرون في الأزمة ويستغلونها لتحقيق مصالح أنانية ضيّقة ولضرب استقرار البلاد من خلال صنع الأزمات واستغلالها سياسيا واجتماعيا لتوتير الأوضاع والدفع بالبلاد إلى الفوضى.
وبهذه الطريقة، وإذا كشفت كل أذرع الاخطبوط يصبح الحديث ممكنا عن حرب على الاحتكار والتهريب ناجعة ومجدية وتفضي إلى اقتلاع كل النبتات الخبيثة وتجفيف منابع هذا التيار الهدام ـ الاحتكار ـ الذي تغوّل على الدولة وعلى أجهزتها وعلى القانون.. بل وبات يهدّد يتقويضها من أركانها نتيجة التحالفات المشبوهة والمريبة التي تعقدها عصابات الاحتكار مع عصابات السياسة.
عبد الحميد الرياحي