مع الشروق : العربدة الصهيونية تحت جناح الحماية الأمريكية

مع الشروق : العربدة الصهيونية تحت جناح الحماية الأمريكية

تاريخ النشر : 20:52 - 2025/09/19

لم يعد خافيا أن الكيان الصهيوني ما كان ليتمادى في إرهابه وعربدته في المنطقة لولا الحماية الأمريكية المطلقة، التي وفّرت له غطاء سياسيا وعسكريا وإعلاميا، وجعلته يتصرّف كقوة منفلتة من كل قانون أو رادع. فمنذ تأسيسه على أرض فلسطين في أربعينات القرن الماضي، شكّل هذا الكيان أداة استعمارية بريطانية في البداية، قبل أن ترث الولايات المتحدة مهمة رعايته، وتحويله إلى قاعدة متقدمة لمصالحها في الشرق الأوسط.
وقد وفّر الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني أسباب القوة والجبروت، حيث تحول إلى ورم سرطاني يهدد استقرار المنطقة بأكملها. فاللوبي الصهيوني في واشنطن، بما يملكه من نفوذ مالي وإعلامي، يمارس ضغوطا هائلة على الإدارة الأمريكية، لدرجة أن سياسات البيت الأبيض باتت مرتهنة إلى إملاءات هذه المنظومة. وبذلك لم يعد دعم الكيان مسألة مصالح استراتيجية فقط، بل أصبح أيضا مسألة داخلية أمريكية تمس الانتخابات ومراكز النفوذ.
من هنا، انطلقت يد الكيان لتبطش بلا حساب ، فهو لا يكتفي بممارسة أبشع صور الإبادة ضد الفلسطينيين، بل يتوسع في عدوانه على دول عربية أخرى.. قصف في سوريا والعراق واليمن وإيران، وتجرأ مؤخرا على قطر، في سابقة خطيرة تؤكد أن هذا الكيان تجاوز كل الخطوط الحمراء. والمفارقة أن قطر، التي سعت إلى لعب دور الوسيط في التهدئة بناء على طلب أمريكي، تعرّضت بدورها لعدوان صهيوني مباشر، ما يفضح استهتار الكيان حتى بمن يتعاملون معه في مسارات التفاوض.
الوقاحة الأمريكية كانت العامل الحاسم في إطلاق يد تل أبيب ، فخطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القائم على الاستفزاز والدعم غير المشروط جعل الصهاينة على يقين بأنهم محميّون من أي مساءلة ، بل ذهب مندوب الكيان في الأمم المتحدة إلى حد إعلان "حق إسرائيل في ملاحقة عناصر حماس في أي مكان في العالم"، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي وللسيادة الوطنية للدول. هذه السياسة تعيد إلى الأذهان الذرائع الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر، حين اتخذت واشنطن من شعار "محاربة الإرهاب" ذريعة لاجتياح أفغانستان والعراق وتخريب المنطقة.
غير أن الأخطر اليوم هو صمت الأنظمة العربية أمام هذه العربدة، وهو صمت لا يعكس ضعفا أمام الكيان وحده، بل إدراكا بأن التصدي له يعني مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين ، وان اي مواجهة عسكرية مباشرة قد تنزلق بالمنطقة إلى حرب عالمية ثالثة، ستكون أكثر وحشية وكلفة من سابقتيها، في ظل تفوق الكيان عسكريا بدعم من القوى العظمى.
لكن مهما بلغ الغرور الصهيوني، ومهما اشتد الغطاء الأمريكي، فإن منطق التاريخ يؤكد أن الكيان المزروع في الجسد العربي لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، لأن القوة التي تُبنى على الإرهاب والعدوان سرعان ما تتحول إلى عبء على أصحابها... وما دام الحق الفلسطيني ثابتا، وما دامت الشعوب العربية والإسلامية ترفض الاستسلام، فإن النهاية الحتمية لهذا الكيان ستكون السقوط، تماما كما سقطت قبله إمبراطوريات استعمارية ظنت أن جبروتها خالد لا يزول.
ناجح بن جدو 

تعليقات الفيسبوك