مع الشروق : الجنون النووي يعود والعالـم على حافة هاوية

مع الشروق : الجنون النووي يعود والعالـم على حافة هاوية

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/11/01

في خضم الأحداث الدولية المتسارعة والتقلبات المستمرة والصراعات المشتعلة في كل ربوع العالم، وفي مقدمتها حرب أوكرانيا والأزمات في الشرق الأوسط والعدوان على غزة وتداعياته على المنطقة ، إضافة إلى التناحر الغربي الروسي والتنافس الأمريكي الصيني، عاد الحديث عن الجنون النووي ليطل من جديد على الساحة الدولية، وسط تصريحات مثيرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول استئناف اختبارات الأسلحة النووية بعد غياب دام أكثر من 30 عاما . ويبدو أن هذا القرار الأمريكي المرعب كان بمثابة إشارة رسمية لعودة سباق التسلح النووي، ناهيك أنه جاء بعد أيام قليلة من اختبار روسيا لصاروخ  وطربيد   نوويين لا مثيل لهما .
ولا شك أن عودة الملف النووي خلال هذه الفترة الحساسة تعيد إلى الأذهان سنوات من الرعب والقلق التي عاشتها البشرية عندما كانت الأسلحة النووية سيفا مسلطًا فوق رؤوس الشعوب.. ففي كل مرة تقترب القوى العظمى من حافة التصعيد، كانت الذكريات المرعبة للدمار الذي ألحقته القنابل الذرية في هيروشيما وناغازاكي تذكرنا بأن الحرب النووية لا تعني سوى خسارة للجميع.. وإذا كانت تلك الحروب قد انتهت بلا اشتباك مباشر انذاك رغم ما تركته من آثار نفسية واقتصادية لا تزال ممتدة حتى إلى عصرنا هذا، فإنها اليوم قد تعود بشكل آخر أكثر رعبا واكثر تصادما .
ومع عودة تصريحات ترامب، نجد أنفسنا في مفترق طرق... إذ يبدو أن الولايات المتحدة تسعى للضغط على خصومها عبر إحياء الاختبارات النووية، في وقت يعاني فيه النظام الدولي من تآكل تدريجي لمعاهدات الحد من التسلح. فروسيا التي أكدت مرارا أن أي تحرك أمريكي في هذا الاتجاه سيقابل برد مواز، والصين التي دعت الولايات المتحدة إلى العودة للاتفاقيات الموقعة، كل هذه الردود تشير إلى أن العالم قد يكون أمام فصل جديد من التوترات التي تهدد بتحويل كوكب الأرض إلى ساحة حرب لا مفر منها.
لكن السؤال الذي يظل قائما في مواجهة هذا التصعيد هو هل يمكن لأي طرف أن يخرج منتصرا من حرب نووية؟..والجواب بالطبع لا، لأن اسلحة الدمار الشامل لا تميز بين الجيوش وأرواح المدنيين، ولا بين قوة اقتصادية وأخرى. ففي حال اندلاع حرب نووية، لن ينتصر أحد، وقد تنقض دول على بعضها البعض في سباق من الانتصار المزيف، لكنها جميعا ستغرق في بحر من الخراب، حيث لا توجد حدود لهذا الدمار ولا مكان للاختباء...فالتصعيد النووي لا يعني إلا تدميرا شاملا للبشرية بأسرها، ولا يمكن أن يكون هناك فائز في تلك الحرب المدمرة، ولا يمكن لأي دولة أن تتحمل العواقب الإنسانية والبيئية التي ستترتب عنها.
لهذا، من الضروري أن يدرك العالم أن السباق النووي لا يعني سوى فقدان ما تبقى من استقرار هش في بعض البلدان، ما يفرض على الجميع إعادة حساباتهم. فالحرب النووية لا تميز بين الاخضر واليابس، وسيكون الجميع خاسرين. وهذا ما حذر منه المفكر والعالم ألبرت أينشتاين حين أكد أنه إذا كانت الحرب العالمية الرابعة ستخاض بالحجارة والعصي، فإن الحرب العالمية الثالثة ستخاض بالأسلحة النووية.
ناجح بن جدو

تعليقات الفيسبوك