مع الشروق .. التعويل على الذات وخلق الثروة
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/10/01
«لا خير في أمّة تأكل ممّالا تزرع» و«لا خير في شعب يأكل من وراء البحار» قولتان نجد لهما الكثير من الأقوال الرديفة التي تعبّر عن ذات المغزى، وحالنا اليوم في تونس يحتاج مثل هذه المقولات الداعمة لفكرة التعويل على الذات والكفّ عن مدّ اليد إلى الخارج، لتسوّل الديون المهينة للذات و للمجتمع.
التعويل على الذات بات اليوم نهجا وطنيّا، نتمنى أن يستمرّ و أن يتعزّز بقوانين ثورية تمنح كل فئات الشعب فرصة المساهمة في خلق الثروة و ملء خزائن الدولة. تونس بلد مليء بالفرص الاستثمارية و بالأفكار التي يمكن أن تجلب للناس ليس فقط فرص العمل بل فرص التمتع بجودة الحياة في بلد كان يُصنّف من بين الدول التي تحتل مراتب متقدمة في مستوى جودة الحياة. إنه لا ينقص التونسيين شيء حتى تكون بلادهم قِبلة العالم وهي كانت كذلك في محطات تاريخية مهمّة من عصر قرطاج القديم إلى عصر القيروان اللاحق.
ما علينا وقد سرنا في طريق التعويل على الذات إلاّ أن نكيّف واقعنا الاقتصادي مع إمكاناتنا الماديّة مع مواردنا البشرية حتى نتمكن من صياغة منوال تنموي جديد يقلّم أظافر الكارتالات، ولكن يؤسس لعواصم اقتصادية تكون قاطرة لبقية الجهات التي تنتمي لذات الإقليم وهكذا تمتدّ التنمية أفقيا من شرق البلاد إلى غربها حتى تُستغلّ كلّ مكامن فرص خلق الثروة وحتى تنهض البلاد من جديد. ولكنّ النجاح في تأسيس هذه التجربة الجديدة، لا يمكن أن يتحقق دون أن تكون آليات عملية تسند الأفكار و النظريات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، استقبلت القيروان في احتفالات المولد النبوي الشريف نحو مليون زائر و هو رقم مهم و ضخم، حققت منه المدينة مداخيل هامة و تم تنشيط الحياة التجارية و الاقتصادية، ولكن لماذا لا نحوّل القيروان إلى مزار سياحي دائم وعلى مدار السنة من خلال جعلها وجهة للسياحة الدينية وهكذا نقدّم منتجا سياحيا جديدا له جمهوره في كل أنحاء العالم، وعلى سبيل المقارنة كيف تكون جربة مزارا سياحيا لأتباع الديانة اليهودية و لا تكون القيروان مزارا سياحيا لأتباع الديانة الإسلامية الذين يتجاوز عددهم 1.5 مليار نسمة. و لنأخذ مثالا ثانيا عن فرص الثروة المهدورة في بلادنا، فنحن نصدر سنويا زيت الزيتون " الذهب السائل" ولكن عوائده المالية مستقرة عند حدود 2 مليار دينار، كمعدل عام سواء ارتفعت الأسعار في الخارج و زاد الطلب العالمي على هذه المادة أم لا وكأنه غير مسموح لتونس أن تتجاوز هذا السقف، ولنسأل لماذا لا نبلغ مستوى 5 مليارات دينار على سبيل المثال؟ السبب يعود إلينا أولا، لأنه طيلة سنوات الجفاف الخمسة لم ننظر إلى غابات الزياتين على أساس أنها ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها، بل تركنا معظمها عرضة للجفاف ولعدم الإنتاج طيلة السنوات الماضية، وهذه مسؤولية الحكومات التونسية، التي وجب تغييرها الآن تغييرا جذريا. وقس على ذلك قطاع الفسفاط و الصناعات المعملية وغيرها من القطاعات التي لا تحتاج شيئا سوى تغيير القوانين و فتح الفرص أمام الجميع على أساس المساواة التامة. حينها فقط سننجح في معركة التعويل على الذات، و سنكسب شركاء جددا من كل أنحاء العالم و خارج مربّع محاربة الهجرة غير الشرعية.
كمال بالهادي
«لا خير في أمّة تأكل ممّالا تزرع» و«لا خير في شعب يأكل من وراء البحار» قولتان نجد لهما الكثير من الأقوال الرديفة التي تعبّر عن ذات المغزى، وحالنا اليوم في تونس يحتاج مثل هذه المقولات الداعمة لفكرة التعويل على الذات والكفّ عن مدّ اليد إلى الخارج، لتسوّل الديون المهينة للذات و للمجتمع.
التعويل على الذات بات اليوم نهجا وطنيّا، نتمنى أن يستمرّ و أن يتعزّز بقوانين ثورية تمنح كل فئات الشعب فرصة المساهمة في خلق الثروة و ملء خزائن الدولة. تونس بلد مليء بالفرص الاستثمارية و بالأفكار التي يمكن أن تجلب للناس ليس فقط فرص العمل بل فرص التمتع بجودة الحياة في بلد كان يُصنّف من بين الدول التي تحتل مراتب متقدمة في مستوى جودة الحياة. إنه لا ينقص التونسيين شيء حتى تكون بلادهم قِبلة العالم وهي كانت كذلك في محطات تاريخية مهمّة من عصر قرطاج القديم إلى عصر القيروان اللاحق.
ما علينا وقد سرنا في طريق التعويل على الذات إلاّ أن نكيّف واقعنا الاقتصادي مع إمكاناتنا الماديّة مع مواردنا البشرية حتى نتمكن من صياغة منوال تنموي جديد يقلّم أظافر الكارتالات، ولكن يؤسس لعواصم اقتصادية تكون قاطرة لبقية الجهات التي تنتمي لذات الإقليم وهكذا تمتدّ التنمية أفقيا من شرق البلاد إلى غربها حتى تُستغلّ كلّ مكامن فرص خلق الثروة وحتى تنهض البلاد من جديد. ولكنّ النجاح في تأسيس هذه التجربة الجديدة، لا يمكن أن يتحقق دون أن تكون آليات عملية تسند الأفكار و النظريات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، استقبلت القيروان في احتفالات المولد النبوي الشريف نحو مليون زائر و هو رقم مهم و ضخم، حققت منه المدينة مداخيل هامة و تم تنشيط الحياة التجارية و الاقتصادية، ولكن لماذا لا نحوّل القيروان إلى مزار سياحي دائم وعلى مدار السنة من خلال جعلها وجهة للسياحة الدينية وهكذا نقدّم منتجا سياحيا جديدا له جمهوره في كل أنحاء العالم، وعلى سبيل المقارنة كيف تكون جربة مزارا سياحيا لأتباع الديانة اليهودية و لا تكون القيروان مزارا سياحيا لأتباع الديانة الإسلامية الذين يتجاوز عددهم 1.5 مليار نسمة. و لنأخذ مثالا ثانيا عن فرص الثروة المهدورة في بلادنا، فنحن نصدر سنويا زيت الزيتون " الذهب السائل" ولكن عوائده المالية مستقرة عند حدود 2 مليار دينار، كمعدل عام سواء ارتفعت الأسعار في الخارج و زاد الطلب العالمي على هذه المادة أم لا وكأنه غير مسموح لتونس أن تتجاوز هذا السقف، ولنسأل لماذا لا نبلغ مستوى 5 مليارات دينار على سبيل المثال؟ السبب يعود إلينا أولا، لأنه طيلة سنوات الجفاف الخمسة لم ننظر إلى غابات الزياتين على أساس أنها ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها، بل تركنا معظمها عرضة للجفاف ولعدم الإنتاج طيلة السنوات الماضية، وهذه مسؤولية الحكومات التونسية، التي وجب تغييرها الآن تغييرا جذريا. وقس على ذلك قطاع الفسفاط و الصناعات المعملية وغيرها من القطاعات التي لا تحتاج شيئا سوى تغيير القوانين و فتح الفرص أمام الجميع على أساس المساواة التامة. حينها فقط سننجح في معركة التعويل على الذات، و سنكسب شركاء جددا من كل أنحاء العالم و خارج مربّع محاربة الهجرة غير الشرعية.
كمال بالهادي