مع الشروق.. الأضواء الحمراء تشتعل في ليبيا

مع الشروق.. الأضواء الحمراء تشتعل في ليبيا

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/07/07

من التهديد إلى التنفيذ مرّت الأطراف المتدخّلة في الأزمة الليبية الى السرعة القصوى. وأشعلت الضوء الأحمر الذي نبّهت إليه أنقرة مرارا وتكرارا موجّهة إليها ضربة دقيقة وموجعة في قاعدة الوطية العسكرية.
لا شيء يطغى على الساحة الليبية وعلى الملف الليبي ككل -اقليميا ودوليا- في الساعات الماضية والقادمة سوى الأسئلة الحارقة من نوع من ولم ؟ ومن نفّذ الضربة ؟ وأي مصلحة له في ذلك وفي تحمّل تبعاتها ؟
هناك العديد من الأطراف المتداخلة في الأزمة الليبية التي لها ضوء أحمر تجاه قوات الوفاق وداعمتها الرئيسية أنقرة التي اندفعت في الفترة الأخيرة الى الساحة الليبية بحماس ثور اسباني نحو «خرقة حمراء» التي هي الضوء الأحمر لخصومها.
هذا الاندفاع الذي جعل وزير دفاع أنقرة خلوصي أكار يزور العاصمة طرابلس في استعراض للقوة وربّما في سياق التحضير لعملية عسكرية واسعة أو إنشاء قاعدتين برية وبحرية مصرّحا بنية بلاده البقاء هناك الى الأبد ، لم يتأخر الرد عنه.
فما إن أكمل الزيارة يوم السبت الماضي حتى تم في ليل اليوم نفسه توجيه غارات جوية دقيقة نفّذها «طيران مجهول» ضد قاعدة الوطية العسكرية التي أكملت أنقرة الخميس الماضي تجهيزها بمنظومات دفاع جوي ورادارات متطورة.
الغارات نجحت في تحييد منظومات الدفاع الجوي متوسطة المدى «هوك» أمريكية الصنع، بالإضافة إلى 3 رادارات في الغالب هي من الطراز «كالكان» تركية الصنع عاملة مع منظومات «هوك»، بالإضافة إلى تدمير منظومة الإعاقة والتشويش الإلكترونية تركية الصنع «كورال».
الصدمة كانت شديدة لأنقرة والسؤال الذي يسبب لها صداعا كبيرا هو من تجرّأ على ذلك؟ ومن له شجاعة توجيه سهم حاد نحو هذا الثور القوي الهائج الذي ظنّ أنه أصبح يملك الساحة الليبية ؟
وفي الحقيقة هناك أطراف عدة قد تكون أطلقت ووجهت السهم. أبرزها مصر والامارات وفرنسا وروسيا . وهي مجموعة من اللاعبين الرئيسيين -في ليبيا- الذين يوحّدهم هدف ترويض هذا الثور المندفع هناك.
وعبر التحليل والتقييمات البسيطة يمكن استنتاج أن الامارات لها مصلحة في توجيه هذه الضربة. ولكن ليس لها قدرة على ذلك أو استعداد لتحمّل تبعاتها التي تعني الدخول في مواجهة مع أنقرة.
أما بالنسبة الى فرنسا ومصر فلهما المصلحة والقدرة وحتى تحمّل تبعات هذه الضربة. ولكن في نفس الوقت يتجنّبان على الأقل هذه الفترة الدخول في مواجهة مباشرة مع أنقرة ويكتفيان بالتحذيرات الشديدة. وعموما من يحذّر لا يريد الدخول في الحرب.
ويبقى الطرف الروسي هو المرجّح بصفة كبيرة للقيام بهذه الضّربة لعدّة اعتبارات. لعلّ أولها الإمكانيات الهائلة لديه هناك  وتواجده تحت غطاء  غير مباشر عبر مجموعة «فاغنر» التي لها القدرة على تجهيز كل مراحل هذه العملية الدقيقة من جمع المعلومات الاستخباراتية و تحديد الهدف الى تأكيد نجاح العملية.
وبالإضافة الى ذلك فإن موسكو لها مصلحة ولها القدرة ولها الاستعداد التام لتحمّل تبعات هذه الضربة. وهي التي تعرف جيّدا «صديقها العدو» أنقرة. وتعرف كيف تمتص غضبه وكيف تروّضه.
ومن يعرف روسيا و تحديدا «قيصرها» فلاديمير بوتين يعرف جيدا أن هذا الرجل لا ينسى. ولا يغفر. ويرد الضربة في الوقت المناسب تماما. وهو لم ينس بالطبع تفاخر أنقرة بتدمير منظومات الدفاع الجوية «بانتسير» التي كانت موجودة في قاعدة الوطية عندما كانت تحت سيطرة قوات خليفة حفتر.
هي إذن ليست مجرّد ضربة. بل رسالة مضمونة الوصول الى أنقرة ليس باسم موسكو فحسب. بل هي باسم كل من يتخندق في صفّها. ومفادها أن الأضواء الحمراء اشتعلت وأنه لا مانع ولا خوف من إشعالها.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك