مع الشروق :أين منظماتنا العربية والإسلامية من نزيف الأمة ؟

مع الشروق :أين منظماتنا العربية والإسلامية من نزيف الأمة ؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/07/12

أين منظماتنا العربية والإسلامية مما يحدث في منطقتنا؟ أين الصوت الجماعي الذي يزعم تمثيل أمة تقارب ربع سكان الكوكب؟ هل يُعقل أن يمرّ عشرون شهرا من الإبادة المستمرة في غزة، ولا تزال بيانات الشجب والاستنكار هي أقصى ما يُقدَّم باسمنا في الوقت الذي تقدم فيه الحكومات الغربية كل ما لديها عسكريا وتكنولوجيا واعلاميا وسياسيا وديبلوماسيا لدعم الكيان الصهيوني ؟!.
فما يجري في غزة منذ أكتوبر 2023 لا يمكن ان نعتبره بأي شكل من الاشكال مجرد تصعيد او ردة فعل على ملحمة طوفان الاقصى التي كسرت هيبة المحتل ، بل حرب إبادة شاملة حصدت أكثر من 57 ألف شهيد ، وخلّفت قرابة 140 ألف جريح، فيما دُمّرت البنية التحتية للقطاع بشكل شبه كلي كما ان أكثر من 80 % من المباني، 90 % من المستشفيات، 80 % من المدارس، وحتى الأراضي الزراعية لم تسلم وتم تدميرها وتحويلها الى ركام .
هذه الفاجعة والكارثة التي تشهدها غزة هي في حقيقة الامر استمرار لمسلسل طويل من المجازر والانتهاكات بحق المسلمين والعرب، من العراق وسوريا ولبنان الى البوسنة والهرسك ، ومن اليمن وليبيا إلى الروهينغا وكشمير، وكلها كانت ساحات دامية لم تشهد تدخلا فاعلا واحدا من المنظمات الإقليمية التي يُفترض بها أن تحمي وتدافع عن امتنا العربية والاسلامية .
فمنظمة التعاون الإسلامي مثلا ، والتي تضم 57 دولة وتمثل نحو 1.9 مليار مسلم، تسوّق لنفسها على أنها “الصوت الجماعي للعالم الإسلامي” ، لكنها في الحقيقة تبدو أقرب إلى صدى خافت لا يكاد يُسمع وسط صراخ الألم الفلسطيني. فماذا فعلت هذه المنظمة أمام 20 شهرا من الإبادة؟ وما الذي منعتْه أو أوقفته أو غيّرته؟ لا شيء يُذكر سوى الاجتماعات الشكلية والتصريحات الإنشائية التي مللنا منها .
أما جامعة الدول العربية، فإنها تواصل أداءها التقليدي المُخزي وكأن الواقع لم يتغير، وكأن فلسطين لم تُحتل، ولم يُهجّر شعبها، ولم يُرتكب فيها أكبر عدوان مستمر في العصر الحديث. فاعلية الجامعة شبه معدومة، وربما مردّ ذلك إلى مسارات التطبيع المتسارعة التي اختارتها بعض الحكومات، وضعف الدول الأخرى التي تمزقها الأزمات الداخلية والحروب الاهلية والفتن والصراعات الجانبية.
ولا يصح أن يمر هذا العتاب دون أن نذكّر بمجلس التعاون الخليجي، وهو تكتل إقليمي غني بالموارد والنفوذ، ومع ذلك فدوره في قضية بحجم الإبادة في غزة لا يزال باهتا وسلبيا ، بل يبدو أن هذا المجلس، الذي أُسس لتحقيق "التكامل والتنسيق"، أصبح رهينة الحسابات الاقتصادية والتحالفات الدولية، متجاهلا مسؤوليته التاريخية في لحظة تتطلب موقفا سياسيّا وإنسانيّا حازما، لا توازنات دبلوماسية باردة.
أما اتحاد المغرب العربي، فالحديث عنه أقرب إلى الرثاء لان الكيان وُلد ميتا، ولم يشهد يوما فاعلية حقيقية على الأرض، وكأن شعوبه ليست جزءا من الأمة التي تنزف. سنوات طويلة من الجمود، ومن الخلافات الثنائية العقيمة، جعلته غائبا كليّا عن كل القضايا المصيرية، فلا صدى له لا في القدس، ولا في غزة، ولا في أي معركة تخص الأمة أو مستقبلها.أمام كل هذا، علينا أن نتساءل: هل انتهت صلاحية هذه الكيانات؟ وهل تحوّلت إلى مؤسسات شكلية تُستدعى وقت الأزمات فقط لإصدار البيانات لإسكات الشعوب؟
إن حرب الإبادة في غزة التي عرت اجرام الكيان الصهيوني ودموية داعميه الغربيين ، شكلت ايضا فضيحة سياسية وأخلاقية للمنظومة العربية والإسلامية بأكملها. وإن لم تكن هذه اللحظة مناسبة لوقفة جادة ومراجعة عميقة وشاملة لأدوارنا الجماعية، فمتى؟! وإلى متى نُسلِّم امة كاملة للموت والابادة والاجرام الصهيوني ؟
ناجح بن جدو

تعليقات الفيسبوك