مع الشروق.....ويتواصل مسلسل اغتيال الدولة؟

مع الشروق.....ويتواصل مسلسل اغتيال الدولة؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/05/05

المشاهد التي تأتينا من مجلس النواب بما تحمله من خلافات وصراعات ومعارك وكذلك من مشادات تستعمل فيها «المدفعية الثقيلة» لهتك الأخلاق وتعرية صورة الدولة وتدمير هيبتها، هي مشاهد ألفها المواطن التونسي للأسف الشديد... ويبدو أنه طبّع معها بشكل باتت القاعدة هي هذه الانفلاتات والعنتريات والاستثناء هو مرور جلسة عادية، هادئة يتم فيها السجال بالأفكار وبالرؤى وبالمواقف وبالتصورات وليس بالثلب والسباب والشتائم وبالكثير مما حواه معجم الوقاحة وقلة الحياء من مفردات...
الاختلاف شيء مطلوب ومحمود وفيه رحمة، شريطة أن يكون بأساليبَ حضارية تراعي آداب الحوار وتحرص على حد أدنى من السمو الأخلاقي والسلوكات الراقية. وترسل الى المواطن إشارات إيجابية مفادها أن نوابه الذين صعّدهم يعرفون كيف يديرون خلافاتهم واختلافاتهم ويعرفون كيف يستميتون في الدفاع عن القضايا العادلة والمسائل الحيوية لقاعدتهم الانتخابية دون خروج عن النص أو وقوع في المحظور...
ودون تحويل قاعة الجلسات العامة في البرلمان ومنابر الإعلام إلى ساحات لاستعراض العضلات في توجيه السباب والشتائم وعرض ما حوى قاموس قلة الحياء والإسفاف من مفردات...
وبالمحصلة فإن بعض النواب قد تخصّصوا في انتهاك كل الحرمات. ولم يعودوا يتوقفون أمام هيبة الدولة ولا رموز المؤسسات السيادية. كما لم يعودوا يعترفون بقيم أخلاقية قبل أن تكون قواعد للعيش المشترك تخص علاقة الرجل بالمرأة وما يفترض أن يعامل به المرأة من حسنى على اعتبار أنها قد تكون أمه أو أخته أو زوجته أو قريبته... خاصة لدى جماعة سياسية تزعم أن مرجعيتها دينية يفترض أن تحرص في كل الحالات على الانضباط وعلى مكارم الأخلاق وعلى احترام القانون والمؤسسات...
من حق أي نائب أن يختلف مع رئيس الدولة... ومن حق أي نائب أن يعترض على كل مواقفه وعلى كل سياساته. ومن حق أي نائب أن يعبر بكل حرية عن احترازاته واعتراضاته على مواقف رئيس الدولة...
لكن شريطة أن يتم ذلك في إطار كامل من الاحترام لرمزية رئيس كل التونسيين ولهيبة الدولة ولعلوية القانون. أما أن يتعمد البعض تمريغ هيبة الدولة ورمزية رئيس الدولة في الوحل على خلفية موقف سياسي من سياسات رئيس الدولة وقراءاته للأحداث أو لمشاريع القوانين المعروضة عليه فإن ذلك ليس من الديمقراطية في شيء. وليس من الأخلاق الحميدة في شيء، وليس من العمل السياسي في شيء. هذه الأفعال والأقوال لا تزيد إلا في ترذيل مشهد سياسي به الكثير من «توابل» التردي والسقوط... ولا تزيد إلا في إعطاء المواطن العادي مسوّغات إضافية للدوس على القانون وعلى حرمة المؤسسة وحتى على هيبة الدولة... كما أن هذه الشطحات المتكررة لا تزيد إلا في إضعاف الدولة تمهيدا لإحالتها على رصيف الأحداث وتحويلها إلى لقمة سائغة للوبيات ولمراكز القوى ولأصحاب الأجندات المشبوهة...
فمن يعيد هؤلاء إلى الجادة ؟ ومن يجبرهم على احترام الخطوط الحمراء والكف عن تعرية الدولة على الرصيف وانتهاك كل الرموز والحرمات ؟
لقد آن الأوان لوقف نزيف الانهيار انتصارا للدولة ولمنطق القانون والمؤسسات الذي بدونه تعمّ الفوضى ويعدم الاستقرار؟
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك