مع الشروق : مؤتمرات بلا معنى... والمطلوب تحرير الشرعيّة الدولية أولا!
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/07/30
بإشراف أممي انتظم أمس وأول أمس مؤتمر دولي لدعم «حل الدولتين» في فلسطين المحتلة. ومع أن كل إنسان حرّ وشريف يدعم هذا الحل ويدعم إيجاد حل عادل ومنصف يمكّن الشعب الفلسطيني من حقوقه الوطنية المشروعة وفي طليعتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفق ما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية... ومع أن كل رئيس دولة يحترم نفسه ويقدر أن يتطلع إلى وجهه في مرآة الشعوب والأمم ينحاز بطبعه إلى هذا الحل ويدعمه ويدعو إليه... رغم كل هذا فإن سقف انتظارات الشعب الفلسطيني (ومعه الشعوب العربية المغلوبة على أمرها) متدنّ جدا ويكاد يلامس العدم ليقين هذه الشعوب بأن مؤتمرا دوليا إضافيا لن يضيف شيئا إلى سجل قضية حافل بالمؤتمرات الدولية... وبأن قرارا جديدا يوصي بضرورة التوصل إلى حل الدولتين كسبيل وحيد لحل القضية الفلسطينية لن يغير شيئا على أرض الواقع ولن يكون أكثر من رقم عابر في سجل حافل بقرارات الشرعية الدولية التي لم تطبق والتي داستها وتدوسها اسرائيل بغطرسة وعنصرية قادتها وبجنازير دباباتها وبقذائف مدافعها وبصواريخها وبكل أدوات الإبادة والتدمير كما يجري الآن في غزة من حرب إبادة بالقنابل وبالتجويع في مشهد يتواصل لقرابة العامين أمام مرأى ومسمع هذا المنتظم الأممي الذي يتداعى لتنظيم ما سمي مؤتمر «حل الدولتين».
لماذا نقول أن سقف الانتظارات يلامس الصفر وبأن قرارا جديدا يوصي بضرورة إرساء حل الدولتين كأساس للحل في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا معنى ولا قيمة له؟ نقول ذلك لأن المجتمع الدولي حين يقفز على معطيات الواقع وحين يهرول إلى عقد اجتماع جديد واستصدار توصية جديدة أو قرار جديد مع علمه المسبق أنه سوف يبقى حبرا على ورق يكون قد وضع العربة قبل الحصان... وأصل الشيء والمنطق السليم يقتضيان أن نضع الحصان أولا وبعده العربة ثانيا لأن الحصان هو من سيجرّ العربة وليس العكس.
من هنا يصبح المطلوب هو تخليص الشرعية الدولية أولا وتحريرها من كل المكبلات الصهيونية والأمريكية وحتى الغربية التي تعيق تنفيذ قراراتها.. وتحوّلها إلى مجرّد ورقات لا تساوي أكثر من الحبر الذي كتبت به.. وبإمكان المجتمع الدولي بدوله ومنظماته وبرؤسائه وبموظيفه وبخبرائه وبسياسييه أن يسأل نفسه عن عدد القرارات التي اتخذها مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وباقي المؤسسات الأممية المتفرعة عن المنتظم الأممي والتي تنام نوما عميقا في سجلات وملفات الأمم المتحدة.. كما له أن يسأل نفسه عن عدد القرارات التي داسها الكيان الصهيوني ولم يعر لها أي اهتمام وعن عدد قرارات مجلس الأمن التي قتلها في المهد الفيتو الأمريكي وحال دون استصدارها وإذا صدرت فبلا أي قوة تجعلها قابلة للتنفيذ لتكون بحكم القرارات التي ولدت ميتة... وأولا وأخيرا ليسأل المجتمع الدولي نفسه ولتسأل تلك «الآلة الروتينية» والتي اسمها الأمم المتحدة عن المصداقية التي بقيت لها وهي تستصدر منذ بداية الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني قرارات يدوسها الصهاينة وحلفاؤهم الأمريكيون بأحذيتهم.. بدءا بقرار التقسيم وانتهاء بالقرارات الخاصة بالعدوان المدمر على غزة مرورا بالقرار 242 الذي يجبر الصهاينة على العودة إلى حدود الرابع من جوان 1967... والأهم من كل هذا ليسأل المنظمون لهذا المؤتمر والقائمون عليه أنفسهم: عن أي دولتين يتحدّثون والكيان الصهيوني يحتل غزة ويريد تهجير سكانها ويخطّط لتهجير سكان الضفة تمهيدا لضمّها؟ وعن أية حدود لدولة الكيان يتحدثون والجيش الصهيوني يخطط لابتلاع جنوب لبنان وجنوب سوريامع كامل هضبة الجولان ويتطلع إلى نهر الفرات وأبعد من ذلك إلى العراق وإيران وتركيا؟ هل سأل هؤلاء أنفسهم كذلك عن موقع الرقعة الجغرافية للدولة الفلسطينية المتحدث عنها وهل هو على كوكبنا هذا أم على المريخ أو زحل؟
لأجل كل هذا يصبح المطلوب قبل تحرير فلسطين وقبل المطالبة بتطبيق حل الدولتين لإنهاء الصراع هو تحرير الشرعية الدولية وتحرير الإرادة الدولية وتحرير القانون الدولي من سطوة الصهاينة وحلفائهم الأمريكيين ومن منطق الموازين والمكاييل المزدوجة التي تحصّن هذا الكيان الغاصب حتى الآن من أية ملاحقة وهو يعربد ويدوس على كل قرارات الشرعية الدولية.. ومتى تحرّرت الإرادة الدولية واستعادت الشرعية الدولية وزنها واعتبارها ومصداقيتها فإن الرجاء يصبح مشروعا في رؤية مؤتمرات شبيهة ذات مصداقية وذات وزن مؤثر في مسارات ومآلات الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني.
عبد الحميد الرياحي
بإشراف أممي انتظم أمس وأول أمس مؤتمر دولي لدعم «حل الدولتين» في فلسطين المحتلة. ومع أن كل إنسان حرّ وشريف يدعم هذا الحل ويدعم إيجاد حل عادل ومنصف يمكّن الشعب الفلسطيني من حقوقه الوطنية المشروعة وفي طليعتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفق ما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية... ومع أن كل رئيس دولة يحترم نفسه ويقدر أن يتطلع إلى وجهه في مرآة الشعوب والأمم ينحاز بطبعه إلى هذا الحل ويدعمه ويدعو إليه... رغم كل هذا فإن سقف انتظارات الشعب الفلسطيني (ومعه الشعوب العربية المغلوبة على أمرها) متدنّ جدا ويكاد يلامس العدم ليقين هذه الشعوب بأن مؤتمرا دوليا إضافيا لن يضيف شيئا إلى سجل قضية حافل بالمؤتمرات الدولية... وبأن قرارا جديدا يوصي بضرورة التوصل إلى حل الدولتين كسبيل وحيد لحل القضية الفلسطينية لن يغير شيئا على أرض الواقع ولن يكون أكثر من رقم عابر في سجل حافل بقرارات الشرعية الدولية التي لم تطبق والتي داستها وتدوسها اسرائيل بغطرسة وعنصرية قادتها وبجنازير دباباتها وبقذائف مدافعها وبصواريخها وبكل أدوات الإبادة والتدمير كما يجري الآن في غزة من حرب إبادة بالقنابل وبالتجويع في مشهد يتواصل لقرابة العامين أمام مرأى ومسمع هذا المنتظم الأممي الذي يتداعى لتنظيم ما سمي مؤتمر «حل الدولتين».
لماذا نقول أن سقف الانتظارات يلامس الصفر وبأن قرارا جديدا يوصي بضرورة إرساء حل الدولتين كأساس للحل في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا معنى ولا قيمة له؟ نقول ذلك لأن المجتمع الدولي حين يقفز على معطيات الواقع وحين يهرول إلى عقد اجتماع جديد واستصدار توصية جديدة أو قرار جديد مع علمه المسبق أنه سوف يبقى حبرا على ورق يكون قد وضع العربة قبل الحصان... وأصل الشيء والمنطق السليم يقتضيان أن نضع الحصان أولا وبعده العربة ثانيا لأن الحصان هو من سيجرّ العربة وليس العكس.
من هنا يصبح المطلوب هو تخليص الشرعية الدولية أولا وتحريرها من كل المكبلات الصهيونية والأمريكية وحتى الغربية التي تعيق تنفيذ قراراتها.. وتحوّلها إلى مجرّد ورقات لا تساوي أكثر من الحبر الذي كتبت به.. وبإمكان المجتمع الدولي بدوله ومنظماته وبرؤسائه وبموظيفه وبخبرائه وبسياسييه أن يسأل نفسه عن عدد القرارات التي اتخذها مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وباقي المؤسسات الأممية المتفرعة عن المنتظم الأممي والتي تنام نوما عميقا في سجلات وملفات الأمم المتحدة.. كما له أن يسأل نفسه عن عدد القرارات التي داسها الكيان الصهيوني ولم يعر لها أي اهتمام وعن عدد قرارات مجلس الأمن التي قتلها في المهد الفيتو الأمريكي وحال دون استصدارها وإذا صدرت فبلا أي قوة تجعلها قابلة للتنفيذ لتكون بحكم القرارات التي ولدت ميتة... وأولا وأخيرا ليسأل المجتمع الدولي نفسه ولتسأل تلك «الآلة الروتينية» والتي اسمها الأمم المتحدة عن المصداقية التي بقيت لها وهي تستصدر منذ بداية الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني قرارات يدوسها الصهاينة وحلفاؤهم الأمريكيون بأحذيتهم.. بدءا بقرار التقسيم وانتهاء بالقرارات الخاصة بالعدوان المدمر على غزة مرورا بالقرار 242 الذي يجبر الصهاينة على العودة إلى حدود الرابع من جوان 1967... والأهم من كل هذا ليسأل المنظمون لهذا المؤتمر والقائمون عليه أنفسهم: عن أي دولتين يتحدّثون والكيان الصهيوني يحتل غزة ويريد تهجير سكانها ويخطّط لتهجير سكان الضفة تمهيدا لضمّها؟ وعن أية حدود لدولة الكيان يتحدثون والجيش الصهيوني يخطط لابتلاع جنوب لبنان وجنوب سوريامع كامل هضبة الجولان ويتطلع إلى نهر الفرات وأبعد من ذلك إلى العراق وإيران وتركيا؟ هل سأل هؤلاء أنفسهم كذلك عن موقع الرقعة الجغرافية للدولة الفلسطينية المتحدث عنها وهل هو على كوكبنا هذا أم على المريخ أو زحل؟
لأجل كل هذا يصبح المطلوب قبل تحرير فلسطين وقبل المطالبة بتطبيق حل الدولتين لإنهاء الصراع هو تحرير الشرعية الدولية وتحرير الإرادة الدولية وتحرير القانون الدولي من سطوة الصهاينة وحلفائهم الأمريكيين ومن منطق الموازين والمكاييل المزدوجة التي تحصّن هذا الكيان الغاصب حتى الآن من أية ملاحقة وهو يعربد ويدوس على كل قرارات الشرعية الدولية.. ومتى تحرّرت الإرادة الدولية واستعادت الشرعية الدولية وزنها واعتبارها ومصداقيتها فإن الرجاء يصبح مشروعا في رؤية مؤتمرات شبيهة ذات مصداقية وذات وزن مؤثر في مسارات ومآلات الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني.
عبد الحميد الرياحي
