مع الشروق .. ليبيــا المختطفــــة

مع الشروق .. ليبيــا المختطفــــة

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/08/15

إن أسوأ ما حدث في ليبيا في السنوات الماضية هو اختطاف إرادة الليبيين ومنعهم من إجراء انتخابات عامة يقرّرون فيها مصيرهم. ولقد كانت سنة 2021 هي سنة المكاشفة الحقيقية عندما تم إلغاء انتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر  بقرار من "قوة قاهرة" فرضت على هيئة الانتخابات تعطيل مسارها في آخر لحظة عندما كان الليبيون يستعدون للذهاب إلى صناديق الاقتراع والتعبير عن اختيارهم الحرّ وإنهاء حالة الانقسام و التقسيم التي تعيشها البلاد منذ ذلك الوقت. 
وكل من هم في الواجهة شاركوا فعليا في ما حدث من إلغاء الانتخابات الرئاسية وهم يعرفون جيدا تلك القوة القاهرة التي فرضت إلغاء الانتخابات وتلك القوة هي التي تعمل إلى اليوم  على التدخل بشكل سافر في كل التفاصيل الدقيقة بما في ذلك تعيين مسؤولين حكوميين. فليس أدلّ على ذلك من تدخل واشنطن و بعثتها الأممية التي تغيّرها متى شاءت لتنفيذ مخططاتها في تسمية مسؤولين في البنك المركزي على سبيل المثال أو في الحكومة. فالمواقف التي تم الإعلان عنها بالأمس في ما يتعلق بقرارات مجلس النواب كانت كلها تصب في خانة رفضها لأنها " أحادية" رغم أن المجلس يمثل كل الأطياف السياسية في ليبيا. ولأن واشنطن تدرك أكثر من غيرها أن التوافق هو أمر مستحيل فهي تريد استمرار الوضع على ما هو عليه بحجة غياب التوافق . وحتّى إن توصّل الفرقاء " لاسمح الله" إلى توافق هشّ فإن طرفا منهم سيسارع إلى نقضه قبل أن يجف حبره. وعليه فإن البعثة الأممية التي هي أداة أمريكية صرفة في الوقت الحالي تمارس سياسة تثبيت وضع التشتّت و اختطاف القرار الليبي بل إنها تمنع فعليا الذهاب إلى انتخابات سيقلب فيها الشعب الليبي الطاولة على كل الفاعلين السياسيين في المشهد الحالي و سيخرجهم بصناديق الاقتراع ربما إلى السجون في مرحلة قادمة. ولأن هذه الحقيقة بادية للعيان فإن مختطفي القرار الليبي مستعدون الى الذهاب في خيار حرب أهلية ومنع التحول السياسي بقرار شعبي ليبي سلمي. ولعل التحشيدات العسكرية  للقوى الكبرى في شرق ليبيا و غربها دليل على أن الدولة الشقيقة لا تملك سلطة قرارها و أن المؤسسات التي تم تكوينها في سياقات سياسية ناتجة عن مفعول "الربيع العبري" الذي اجتاح المنطقة في العام 2011 كانت لغاية التقسيم لا لبناء دولة قوية حرة وعادلة و ذات سيادة. والواقع الذي شهدته دول عربية مماثلة يثبت أن منظومة 2011 في ليبيا هي منظومة فاشلة و مشخصنة وتابعة للقوى التي أتت بها وهي صورة حقيقية عن العصابة الدولية التي تختطف ليبيا بعدما كانت دولة ذات سيادة و معادية لكل أشكال الاستعمار في افريقيا و في العالم العربي وفي كل أنحاء العالم.
كمال بالهادي

تعليقات الفيسبوك