مع الشروق : المحرقة الصهيونية

مع الشروق : المحرقة الصهيونية

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/08/26

صحيح أن ما يحدث في قطاع غزة منذ قرابة العامين هو إبادة جماعية مكتملة الأركان والشواهد والمواقف الدولية، وباعتراف حتى أقرب حلفاء الاحتلال، ولكن هذه الابادة لم تكن وليدة 7اكتوبر 2023 بل قبل ذلك بعقود طويلة.
يجادل الصهاينة بأن ما يرتكبونه من ابادة جماعية في قطاع غزة، هو ردة فعل طبيعية على هجوم السابع من أكتوبر مستغلّين في ذلك الدعاية القوية التي نشروها بعد الهجوم والدعم السياسي الغربي تحت مفهوم "الدفاع عن النّفس".
الترويج الى ان ما يحدث الآن في قطاع غزة والضفة الغربية هو نتاج لـ"طوفان الاقصى" هو دعاية صهيونية مزّيفة ولكنّها قوية جدا، وهي تهدف للإيحاء بأن قبل السابع من أكتوبر لم يكن هناك احتلال او ابادة او جرائم وحشية وكأن الصراع برمّته قد بدأ في السابع من أكتوبر.
منذ تأسيس الكيان الصهيوني سنة 1948 على الأراضي المحتلة، ارتكب العشرات من المجازر والمذابح و الابادات الجماعية خاصة خلال ما يعرف بالنكبة الفلسطينية ابّان ذلك التاريخ المشؤوم ، حيث قامت العصابات الصهيونية باحتلال معظم أراضي فلسطين ، وطرد ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين.
وللتغطية على القضية برمّتها، يريد الصهاينة الآن كتابة التاريخ بدءا من 7 أكتوبر والترويج لمظلومية "الدفاع عن النّفس" كبلد تمّت مهاجمته على حين غرّة وما يقوم به الآن هو ردّة فعل لا غير.
حصر الابادة والتطهير العرقي والتهجير في كونه بدأ بعد السابع من أكتوبر، هو أكبر عملية تزييف للحقائق وللتاريخ وطمس لمعالم الاجرام الصهيوني في الأراضي المحتلة على مدى 77 عاما.
و ما يحدث في قطاع غزة والأراضي المحتلة عموما أصبح أكثر من ابادة جماعية، وهو محرقة أشدّ وطأة وحقيقة من المحرقة النازية (الهولوكوست) خلال الحرب العالمية الثانية.
يجب على العالم من ساسة واعلام وخبراء ومحلّلين وغيرهم التعامل مع ما يحدث الآن في قطاع غزة على أنّه غير مسبوق، او أنّها ابادة جماعية بشكل صادم، بل على العكس تماما إذ يجب اعتبارها ووسمها بأنّها محرقة ممتدة لـ77 عاما، في وقت امتدّت فيه ما يسمى بالمحرقة النازية ضدّ اليهود لعقد ونيف.
من أشدّ ما يحسب لعملية "طوفان الأقصى" أنّها حرّرت الشعوب والحكومات الغربية من الدمغجة الصهيونية عبر اللوبي اليهودي، كما أنّها فتحت الأعين والذاكرة على أن الاحتلال ليس وليد السابع من أكتوبر، فهل كانت "حماس" مثلا موجودة منذ 77 عاما؟
بالإضافة الى ذلك، عرّت العملية الأطماع الصهيونية في الشرق الأوسط التي لطالما حرص القادة الصهاينة على تنفيذها ولكن في صمت وبخطوات عملية تمرّ عبر اسقاط الانظمة وتفكيك الشعوب وتقسيم الجغرافيا.
فحين يصرّح رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بلا مواربة: "أشعر أنني في مهمة تاريخية وروحانية… فأنا مرتبط جدا برؤية إسرائيل الكبرى التي تشمل فلسطين وجزءا من الأردن ومصر"، فإن الأمر يتجاوز أحداث السابع من أكتوبر.
بدرالدّين السّيّاري
 

تعليقات الفيسبوك