مع الشروق : أوراق الضغط العربية لمواجهة مخطط ترامب

مع الشروق : أوراق الضغط العربية لمواجهة مخطط ترامب

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/02/15

لا يتوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تسويق المخططات الاستعمارية لتصفية القضية الفلسطينية من خلال السيطرة على قطاع غزة وطرد سكانه الى الدول العربية متناسيا او متجاهلا انه على مدار سنوات طويلة من الاحتلال والحصار والحروب الوحشية، وقف الفلسطينيون في غزة كالجبال أمام آلة القتل الصهيونية، التي حاولت تفتيت عظامهم وإجبارهم على الاستسلام. لكن رغم كل محاولات الاحتلال، فإن الهدف الأسمى لهذا الشعب لم يتحقّق بعد، وهو تحرير الأرض وحق العودة. ومع توقف ضجيج المدافع، لا يعني ذلك انتهاء الحرب، بل هي معركة مستمرة بأشكال جديدة، كما أن الاحتلال وحلفاءه يتآمرون في الظلام لاستكمال الأهداف الخفية لهذه الحرب، التي تشمل تشويه الهوية الفلسطينية وتصفية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
إن أبرز أبعاد هذه الأهداف تكمن في مخطط التهجير القسري الذي تتبناه السلطات الصهيونية بالتواطؤ مع الولايات المتحدة، والذي لا يقف عند حدود حصار غزة والدمار الذي لحق بها، بل يسعى لتهجير أهلها إلى مناطق أخرى في محاولة لفرض واقع جديد يتضمن تغيير التركيبة الديمغرافية لفلسطين. وعليه، يتحول هذا المخطط من مرحلة التهجير القسري إلى "التهجير الطوعي"، الذي يجري تحت شعارات زائفة تزعم أنها إنسانية، مثل أن القطاع أصبح غير صالح للسكن وأن العودة إلى الحياة الطبيعية باتت مستحيلة، بهدف تفريغ غزة من سكانها ودفعهم إلى مغادرتها تحت ضغط المعاناة.
لكن هذا المخطط الاستعماري لا يمكن أن يمر دون أن يواجهه العرب والفلسطينيون بكل قوة، لأن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة بأسرها، ومن واجب الجميع أن يقفوا صفاً واحداً في وجه هذا المشروع الخطير . ففي الوقت الذي يحاول فيه الاحتلال استغلال حالة ضعف الموقف العربي في بعض الجوانب، لا تزال هناك أوراق ضغط قوية بيد العرب والفلسطينيين يمكن أن تُحدث تغييراً جذرياً في الموقف الدولي والعالمي تجاه هذه القضية العادلة.
ولعل المخطط المصري العربي لاعادة اعمار غزة خلال السنوات المقبلة دون افراغه من سكانه هو الورقة الاقوى والابرز لقطع الطريق امام المخطط الصهيوني الأمريكي للسيطرة على القطاع . كما انه من بين أهم أوراق الضغط الاخرى التي يمتلكها العرب والفلسطينيون هي القدرة على تحريك الجبهة الداخلية العربية والتلويح بتجميد أو حتى إلغاء معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني، الذي بادر بخرق هذه المعاهدة عبر احتلال محور فيلادلفيا واستمرار وجوده فيه.
بالإضافة إلى ذلك، يُعدّ التحرك العربي الجماعي لخفض العلاقات مع الحكومة الأمريكية بمثابة خطوة ضرورية لوقف الانحياز الأمريكي السافر إلى الاحتلال. على الصعيد العسكري، يستطيع العرب تفعيل اتفاقيات الدفاع المشترك وتنفيذ مناورات عربية مشتركة، مع الاحتفاظ بحق الرد على أي محاولة لتوسيع دائرة العدوان. وفي ذات الوقت، يمكن استخدام ورقة النفط كأداة ضغط مؤثرة، عبر تحريك الأسواق العالمية لزيادة تكاليف دعم السياسات الأمريكية الصهيونية.
وأما على المستوى الدولي، فإن تعزيز الدعم الأوروبي وفرض عقوبات على الكيان الصهيوني من خلال المؤسسات الدولية يمكن أن يُشكل تحدياً كبيراً لهذه السياسات الاستعمارية. ومن الضروري أن يتوحّد الموقف العربي في الاعتراف بالمقاومة الفلسطينية، وتوحيد الجهود من أجل دعم قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس. إن القضية الفلسطينية ليست مجرد مسألة سياسية أو جغرافية، بل هي قضية وجود وهوية. وفي هذا السياق، يصبح من واجب العرب والفلسطينيين أن يعززوا مواقفهم ويضعوا خططاً استراتيجية شاملة لمواجهة التحديات الكبرى التي تتهدّد هذه القضية، لأن الأمل في التحرير لن يتحقق إلا بتوحيد الجهود وتحقيق العدالة والحقوق كاملة للشعب الفلسطيني.
ناجح بن جدو 
 

تعليقات الفيسبوك