مع الشروق : «كاف عبّاد» وشقيقاتها
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/08/17
بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة، زار رئيس الجمهورية معتمدية سجنان من ولاية بنزرت، وربما اكتشف كثيرون جمال تلك المنطقة الواقعة على السواحل الشمالية للبلاد التونسية، ولكن خلف ذلك الجمال و الثروة البيئية، تظهر آثار عقود من التهميش و التفريط في ثروات مهدورة، و نحن نتحدث عن ولاية بنزرت و ليس عن ولاية أخرى بعيدة ربما عن العاصمة.
يكفي أن نقول إنه في تلك المنطقة توجد "جواهر سياحية" منسية، الطريق إليها يجعلك تظن أنك خرجت من الجمهورية التونسية، فهناك منطقة كاف عبّاد و منطقة كاب صيراط وبحيرة إشكل وغيرها من المناطق التي جمعت بين البحر و الجبل و الغابة، على طول السواحل الشمالية و صولا إلى طبرقة، ولكنّ البنية التحتية و خاصة الطرقات هي على غاية من السوء بحيث يمكن أن يتهدد الخطر الزائر في كل لحظة، وهناك ستجد أن الناس مازالوا يحصلون على الماء بطريقة بدائية جدا، رغم وجود بعض مشاريع التزويد بالمياه التي تنجز بطريقة بطيئة.
من غير المنطقي ألا تُبعث في تلك المناطق مشاريع سياحية ضخمة، ذات تشغيلية كبرى و ذات طابع عالمي ايضا، لأنّ العناصر الأساسية متوفرة، ولكن الاستثمارات الضخمة التي يمكن أن تغيّر فعليا وجه المنطقة بالكامل تتطلب شراكات ضخمة مع شركاء محليين أو دوليين، وهذا دور الدبلوماسية الاقتصادية، ودور الساهرين على إعداد المخطط التنموي و هم بصدد صياغة عناوينه الكبرى وتفاصيله الصغرى. لأنّ مثل هذه المشاريع ليست آنية بل هي استراتيجية وجب التجهيز لها ووضع التصورات الكبرى من الآن.
بلدنا وكما أكد رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة ليس بلدا فقيرا، بل هو بلد مفقّر واساسا ينبع فقره من فقر الأفكار و الاستراتيجيات و الحلول التي ميزت الفعل السياسي طيلة العقود الماضية. ما يختزنه الشمال التونسي وكل رقعة في هذه البلاد هي ثروة مهدورة، و"الفقر ما يظلمش" كما يقول مثلنا الشعبي، فنحن الذين نصنع فقرنا ونستلذ دور الضحية، وهذا يستوجب ثورة حقيقية في إدارة الملفات التنموية اساسا. وروح المبادرة موجودة لدى الكثيرين غير أن ترسانة القوانين الجاثمة على مكاتب المسؤولين، هي التي تؤبّد هذا الفقر، ولن يتغير الحال إلا بتحرير المبادرة الاقتصادية تحريرا شاملا غير منقوص.
كمال بالهادي
بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة، زار رئيس الجمهورية معتمدية سجنان من ولاية بنزرت، وربما اكتشف كثيرون جمال تلك المنطقة الواقعة على السواحل الشمالية للبلاد التونسية، ولكن خلف ذلك الجمال و الثروة البيئية، تظهر آثار عقود من التهميش و التفريط في ثروات مهدورة، و نحن نتحدث عن ولاية بنزرت و ليس عن ولاية أخرى بعيدة ربما عن العاصمة.
يكفي أن نقول إنه في تلك المنطقة توجد "جواهر سياحية" منسية، الطريق إليها يجعلك تظن أنك خرجت من الجمهورية التونسية، فهناك منطقة كاف عبّاد و منطقة كاب صيراط وبحيرة إشكل وغيرها من المناطق التي جمعت بين البحر و الجبل و الغابة، على طول السواحل الشمالية و صولا إلى طبرقة، ولكنّ البنية التحتية و خاصة الطرقات هي على غاية من السوء بحيث يمكن أن يتهدد الخطر الزائر في كل لحظة، وهناك ستجد أن الناس مازالوا يحصلون على الماء بطريقة بدائية جدا، رغم وجود بعض مشاريع التزويد بالمياه التي تنجز بطريقة بطيئة.
من غير المنطقي ألا تُبعث في تلك المناطق مشاريع سياحية ضخمة، ذات تشغيلية كبرى و ذات طابع عالمي ايضا، لأنّ العناصر الأساسية متوفرة، ولكن الاستثمارات الضخمة التي يمكن أن تغيّر فعليا وجه المنطقة بالكامل تتطلب شراكات ضخمة مع شركاء محليين أو دوليين، وهذا دور الدبلوماسية الاقتصادية، ودور الساهرين على إعداد المخطط التنموي و هم بصدد صياغة عناوينه الكبرى وتفاصيله الصغرى. لأنّ مثل هذه المشاريع ليست آنية بل هي استراتيجية وجب التجهيز لها ووضع التصورات الكبرى من الآن.
بلدنا وكما أكد رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة ليس بلدا فقيرا، بل هو بلد مفقّر واساسا ينبع فقره من فقر الأفكار و الاستراتيجيات و الحلول التي ميزت الفعل السياسي طيلة العقود الماضية. ما يختزنه الشمال التونسي وكل رقعة في هذه البلاد هي ثروة مهدورة، و"الفقر ما يظلمش" كما يقول مثلنا الشعبي، فنحن الذين نصنع فقرنا ونستلذ دور الضحية، وهذا يستوجب ثورة حقيقية في إدارة الملفات التنموية اساسا. وروح المبادرة موجودة لدى الكثيرين غير أن ترسانة القوانين الجاثمة على مكاتب المسؤولين، هي التي تؤبّد هذا الفقر، ولن يتغير الحال إلا بتحرير المبادرة الاقتصادية تحريرا شاملا غير منقوص.
كمال بالهادي
