مع الشروق.. «العامرة»... بالأفارقة عامرة !
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/09/25
كانت تسمى بـ «الخريبة» ، ونظرا لسلبية هذا الاسم ، تمت تسميتها سنة 1963 بالضد أي «العامرة» بقرار من رئيس الجمهورية الراحل الحبيب بورقيبة يوم دشن أول مضخة ماء بالمنطقة.
ويقال ، والعهدة على الكاتب الصحفي والمنتج الإذاعي «أبو بكر عبد الكافي» ( 1918 / 1986 ) في كتابه تاريخ صفاقس ، انه « في اول القرن التاسع هجري تقريبا نزل بقرية تجاور « الخريبة» تدعى «شريانة» الشيخ العالم الصالح مخلوف المنحدر الى سلالة ادريس الأكبر الذي يتصل نسبه بالإمام علي ابن ابي طالب رضي الله عنه، وكان قدومه من المغرب الأقصى، وله بالعامرة مقام شهير وتنسب اليه عائلات كثيرة .»
العامرة لا تبعد أكثر من 25 كلم على مدينة صفاقس ، منطقة فلاحية ، يتقد أهاليها حيوية ونشاطا، بعضهم يشتغل بالفلاحة والصيد البحري ، وعدد آخر في الوظيفة العمومية التي تمكنوا من الوصول إليها بعد عناء الدراسة بمعهد 18 جانفي بجبنيانة أو بمعاهد صفاقس.
هذه المنطقة الفلاحية الممتدة شمال صفاقس المدينة، أصبحت اليوم «عامرة» لا بسكانها فقط ، بل بعدد كبير من الأفارقة جنوب الصحراء الذين اتجهوا إليها أو تم توجيههم إليها ليسكنوا أراضيها الفلاحية ملتحفين السماء وظلال الزياتين ، ومفترشين أرضها الخصبة في انتظار شتاء بارد .
عددهم لا يمكن حصره ، فهم موزعون هنا وهناك ، يتحركون بحذر شديد ، منتظرين الساعة الصفر لمغادرة «العامرة « بعد ان شقوا الصحارى والأدغال والبحار، حاملين على ظهورهم أكياسا من حكايات مملوءة أمالا وجراحا وأوجاعا ..تكبدوا مشاق السفر ومفاجآت المسالك وقطاع الطرق والانتهازيين آملين فقط في حياة تليق بالبشر ..
بعضهم دفع كل ما يملك وما لا يملك «للحراقين» وتجار البشر، على أن تلامس رجلاه تراب أوروبا وتتطلع عيناه إلى أضوائها ويشرب من مائها ويستجمع «أورهاتها» ، قليلها له ، وكثيرها لأفواه جائعة مفتوحة في أوطانهم تنتظرها على أحر من حر رمال الصحارى.
أغلبهم استقر بصفاقس بقلب المدينة لأشهر طويلة ، واليوم هم بمنطقة العامرة وجبنيانة يعانون الويلات ، فالحياة في الريف ليست يسيرة خاصة بالنسبة للأجانب ..وأهل المنطقة ورغم جودهم وكرمهم الذي جبلوا عليه ، باتوا يتوجسون خيفة وقلقا من جحافل سكان جنوب الصحراء الذين استقروا بالعامرة ووضع بعضهم يديه على المنتوج الفلاحي مستندين على كثرتهم وقلة عدد سكان ريف العامرة ..
الحديث عن ظروف الأفارقة بالعامرة تحتاج إلى صفحات مبللة بالحبر والدموع والأوجاع و الجوع والعطش وربما بالتجاوزات ، لأنهم فقط أخطؤوا العنوان ، فهذه المدينة الصغيرة لا يمكنها استيعابهم ، وبقاؤهم هناك بلا معنى ، بلا هدف ، هم في ظروف ربما أصعب من الظروف التي فروا منها بعد أدار الغرب المتشدق بالديمقراطية ظهره لهم فلم يجدوا لهم من ملجأ إلا تونس التي باتت تبحث لوحدها عن حلول لمن تقتسم معهم أقدم القارات ..
راشد شعور
كانت تسمى بـ «الخريبة» ، ونظرا لسلبية هذا الاسم ، تمت تسميتها سنة 1963 بالضد أي «العامرة» بقرار من رئيس الجمهورية الراحل الحبيب بورقيبة يوم دشن أول مضخة ماء بالمنطقة.
ويقال ، والعهدة على الكاتب الصحفي والمنتج الإذاعي «أبو بكر عبد الكافي» ( 1918 / 1986 ) في كتابه تاريخ صفاقس ، انه « في اول القرن التاسع هجري تقريبا نزل بقرية تجاور « الخريبة» تدعى «شريانة» الشيخ العالم الصالح مخلوف المنحدر الى سلالة ادريس الأكبر الذي يتصل نسبه بالإمام علي ابن ابي طالب رضي الله عنه، وكان قدومه من المغرب الأقصى، وله بالعامرة مقام شهير وتنسب اليه عائلات كثيرة .»
العامرة لا تبعد أكثر من 25 كلم على مدينة صفاقس ، منطقة فلاحية ، يتقد أهاليها حيوية ونشاطا، بعضهم يشتغل بالفلاحة والصيد البحري ، وعدد آخر في الوظيفة العمومية التي تمكنوا من الوصول إليها بعد عناء الدراسة بمعهد 18 جانفي بجبنيانة أو بمعاهد صفاقس.
هذه المنطقة الفلاحية الممتدة شمال صفاقس المدينة، أصبحت اليوم «عامرة» لا بسكانها فقط ، بل بعدد كبير من الأفارقة جنوب الصحراء الذين اتجهوا إليها أو تم توجيههم إليها ليسكنوا أراضيها الفلاحية ملتحفين السماء وظلال الزياتين ، ومفترشين أرضها الخصبة في انتظار شتاء بارد .
عددهم لا يمكن حصره ، فهم موزعون هنا وهناك ، يتحركون بحذر شديد ، منتظرين الساعة الصفر لمغادرة «العامرة « بعد ان شقوا الصحارى والأدغال والبحار، حاملين على ظهورهم أكياسا من حكايات مملوءة أمالا وجراحا وأوجاعا ..تكبدوا مشاق السفر ومفاجآت المسالك وقطاع الطرق والانتهازيين آملين فقط في حياة تليق بالبشر ..
بعضهم دفع كل ما يملك وما لا يملك «للحراقين» وتجار البشر، على أن تلامس رجلاه تراب أوروبا وتتطلع عيناه إلى أضوائها ويشرب من مائها ويستجمع «أورهاتها» ، قليلها له ، وكثيرها لأفواه جائعة مفتوحة في أوطانهم تنتظرها على أحر من حر رمال الصحارى.
أغلبهم استقر بصفاقس بقلب المدينة لأشهر طويلة ، واليوم هم بمنطقة العامرة وجبنيانة يعانون الويلات ، فالحياة في الريف ليست يسيرة خاصة بالنسبة للأجانب ..وأهل المنطقة ورغم جودهم وكرمهم الذي جبلوا عليه ، باتوا يتوجسون خيفة وقلقا من جحافل سكان جنوب الصحراء الذين استقروا بالعامرة ووضع بعضهم يديه على المنتوج الفلاحي مستندين على كثرتهم وقلة عدد سكان ريف العامرة ..
الحديث عن ظروف الأفارقة بالعامرة تحتاج إلى صفحات مبللة بالحبر والدموع والأوجاع و الجوع والعطش وربما بالتجاوزات ، لأنهم فقط أخطؤوا العنوان ، فهذه المدينة الصغيرة لا يمكنها استيعابهم ، وبقاؤهم هناك بلا معنى ، بلا هدف ، هم في ظروف ربما أصعب من الظروف التي فروا منها بعد أدار الغرب المتشدق بالديمقراطية ظهره لهم فلم يجدوا لهم من ملجأ إلا تونس التي باتت تبحث لوحدها عن حلول لمن تقتسم معهم أقدم القارات ..
راشد شعور
