ملـــفّ الأسبـوع...يشتكي منه التلميذ والمُدرّس والولي.. البرنامج المدرسي كثيف.. والتحصيل ضعيف

ملـــفّ الأسبـوع...يشتكي منه التلميذ والمُدرّس والولي.. البرنامج المدرسي كثيف.. والتحصيل ضعيف

تاريخ النشر : 14:09 - 2024/12/31

رغم أن الحاجة الى تغيير وتطوير البرامج الرسمية المعتمدة في النظام التعليمي التونسي ظهرت منذ عدة سنوات، إلا أنها تأكدت بشكل كبير في السنوات الاخيرة وتحولت الى مطلب ينادي به كثيرون.
تونس – الشروق:
في السنوات الأخيرة أصبحت تسود لدى التلاميذ والمدرسين والأولياء حالة من التململ بسبب محتوى ومضامين البرامج التعليمية المعتمدة للتدريس في المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية. فمضامين أغلب المواد التي يقع تدريسها اصبحت "ثقيلة" نسبيا في رأي كثيرين وأحيانا تكون "مُملّة" ولا تقدم إضافة بالنسبة لمكتسبات التلميذ. وفي المدة الأخيرة بدأت تظهر بعض الدعوات من المربين والمختصين والأولياء تطالب وزارة التربية بالتخفيف في المناهج والبرامج التعليمية خاصة في المرحلة الابتدائية التي يواجه فيها التلميذ كما كبيرا من الدروس والمواد فضلا عن صعوبة فهمها واستيعابها أحيانا وأصبحت بالنسبة اليه بمثابة الكابوس. وأكثر من ذلك أصبح التحصيل التعليمي والدراسي للتلميذ في السنوات الأخيرة ضعيفا ولا يلبي انتظارات التلميذ نفسه ووليه ولا يلبي في ما بعد احتياجات سوق الشغل محليا ودوليا.
مضامين قديمة
عند الحديث عن البرنامج الدراسي الرسمي، تكون الملاحظة الأولى للتلاميذ والأولياء والمربين هي عدم مواكبة مضامينه للتطورات وبقائها رهينة مضامين تقليدية. فبعض الدروس "قديمة" ولم تعد صالحة في راي كثيرين للعصر الحالي خاصة من حيث الأرقام المعتمدة والمعطيات والوقائع التي تعود الى حقب زمنية بعيدة وحضارات قديمة لا يمكن ان تكون مقياسا للحاضر. ويرى خبراء ومختصون أن بعض المضامين الدراسية اصبحت تفرض نفسها اليوم وفي مقدمتها الاعلامية والتكنولوجيات الحديثة والرقمنة والذكاء الاصطناعي والمحافظة على البيئة والاقتصاد الأخضر إلى جانب مواد أخرى ذات علاقة بالمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية للعصر الحديث. وهذه المواد باتت تتطلب عناية اكثر في بلادنا منذ المرحلة الابتدائية وصولا الى الثانوي على مستوى المضمون وعدد ساعات التدريس وايضا على مستوى الضوارب.  
ثقيلة على التلميذ والمُدرّس
يشتكي التلميذ والمدرس والولي من" الثقل المضموني" للدروس. ويعتبر كثيرون ان بعض الدروس في مختلف المواد تتجاوز أحيانا القدرات الفكرية والذهنية للتلميذ وهو في المرحلة الابتدائية أو الإعدادية وهو ما قد يساهم في نفور التلميذ منها. حيث تكون بعض المضامين صعبة الفهم ومعقدة أحيانا وبصفة عامة تكون في نظر البعض " أكبر" من مستوى إدراك التلميذ وفهمه خاصة بالنسبة لبعض المواد العلمية التي تتضمن تفاصيل دقيقة ونظريات صعبة وقد تتجاوز أحيانا القدرات الفكرية في سن متقدمة.
وقد أصبحت هذه الدروس والمواد لا تترك أي وقت فراغ للتلميذ لممارسة هواياته واللعب واللهو بما انها تتطلب التركيز في القسم والمراجعة في المنزل حتى يتسنى استيعابها. وكان بالإمكان في رأي هؤلاء ان يقع الاعتماد بالنسبة لتلاميذ الابتدائي على دروس خفيفة دون الدخول في متاهات التفاصيل العلمية والتقنية الدقيقة في بعض المواد والتي يضطر التلميذ الى حفظها عن ظهر قلب دون ان يفهمها..
وفي السياق ذاته يشتكي التلاميذ والأولياء من "ثقل" وزن المحفظة خاصة في المرحلة الابتدائية وذلك جراء كثرة الكتب والكراسات والمواد المدرسية، دون ان يكون لذلك انعكاس حقيقي على المكتسبات التعليمية للتلميذ، وهو ما قد يزيد من نفور التلميذ من الدراسة وفق رأيهم. فعديد الدروس المضمنة بالكتب المدرسية مثلا لا يقع التطرق اليها تماما في القسم، وفي أحسن الأحوال تقع مطالبة التلميذ بالاستعانة بها عند المراجعة، شأنها شأن بعض الدروس الأخرى المدرجة ضمن البرنامج الرسمي.. وفي أحيان أخرى يتفاجأ التلميذ خلال الدروس الخصوصية بمضامين دراسية لم يقع التطرق إليها ضمن البرنامج الرسمي وهو ما يتسبب في اختلاط الأمور لديه. 
ضعف التحصيل التعليمي
يعتبر المختصون أن مفتاح نجاح البرامج التعليمية يتلخص في كيفية إعداد جيل متعلم قادر على التفكير والتحليل والإبداع. صحيح أن مدرستنا تنجب سنويا عديد المتفوقين والنوابغ في مختلف المواد على غرار المواد العلمية والتكنولوجية ويجد هؤلاء سهولة في الاندماج في سوق الشغل. لكن ما يُلاحظ هو أن أغلب التلاميذ يفتقرون إلى ملكة التفكير والتحليل والتحلي بالقيم المجتمعية والأخلاقية وبالشعور الوطني وبثقافة حب العمل والمبادرة والإبداع والاستقامة الاجتماعية. وهذا ما قد ينعكس على المجتمع برمته في ما بعد باعتبار أنه لا يكفي ان تؤدي البرامج التعليمية إلى إنتاج جيل متفوق ونابغة في اختصاص ما، بل يجب ان يكون هذا الجيل قادرا على ممارسة حياة متوازنة وسليمة داخل المجتمع وعلى القيام بدوره كعنصر فاعل وناجح اجتماعيا ومهنيا يحقق الفائدة لنفسه ولمجتمعه.. ويرى أصحاب هذا الرأي أن بداية الحل يمكن ان تكون عبر تخفيف البرامج الدراسية الرسمية وتطويرها وجعلها مواكبة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية وجعلها خاصة تضمن "إنتاج" جيل متوازن يتحلى بثقافات حب العمل والمواطنة والابداع.. وبالإضافة الى تخفيف البرنامج الرسمي الحالي آن الأوان لردّ الاعتبار لمواد أخرى من شأنها المساهمة في كل ذلك على غرار التربية الفنية والتربية الموسيقية والتربية الرياضية والتربية الإبداعية والتربية الاجتماعية والتربية الاقتصادية..
ضعف اللغات
تواجه المنظومة التعليمية في تونس انتقادات بالقول أنها لا تولي مثلا مسالة اللغات اهمية كبرى وهي التي أصبحت اليوم ضرورية في سوق الشغل سواء في تونس أو في العالم. إذ يقع الاقتصار على تدريس اللغة الفرنسية والانقليزية مع أفضلية للفرنسية على مستوى الضارب وعلى مستوى عدد ساعات التدريس والحال ان الانقليزية اصبحت ذات اهمية كبرى في سوق الشغل محليا ودوليا شانها شان لغات اخرى وآن الأوان للتفكير في إدراجها بالبرنامج الرسمي منذ المرحلة الابتدائية والاعدادية كالإسبانية والصينية والألمانية وغيرها والتي أصبحت بدورها ذات اهمية في سوق الشغل..
نظام التقييم
لا تقتصر الانتقادات الموجهة للبرامج المدرسية الرسمية على الجانب المضموني بل تمتد الى منظومة التقييم المعتمدة في المدارس والمعاهد بالقول انها اصبحت بدورها غير ملائمة وتعتمد على الحفظ وعلى تكرار ما وقع تلقينه للتلميذ في القسم او خلال الدروس الخصوصية دون اجتهاد او تفكير. وهو ما قد يؤدي إلى تقليص فرص الإبداع والتفكير النقدي والتحليل لدى التلاميذ ويؤثر على المهارات الأساسية لديهم والتي لا تقل أهمية عن المهارات المكتسبة في مادة من المواد الأخرى الاساسية   ومن شان كل ذلك ان يساهم حسب المختصين في معاناة التلميذ من صعوبات واضطرابات التعلم لأسباب نفسية ترتبط بعدم فهم بعض المضامين او عدم تقبلها والحصول على نتائج متدنية بعد الامتحانات وعدم القدرة على ان يكون انسانا ناجحا في المجتمع بكل ما تحمله كلمة نجاح من معاني..
انتظار الإصلاح طال
سبق ان أعلنت وزارة التربية اكثر من مرة انها ستخفف من البرامج والمناهج التعليمية وأيضا من الكتب المدرسية وكل ذلك من اجل تطوير التحصيل العلمي للتلميذ وجعله مواكبا للتطورات الى جانب تطوير طريقة تدريس بعض المواد وإيلاء أهمية للمواد ذات الطبيعة التثقيفية والترفيهية والإبداعية. وسبق ان أعلنت أيضا انها ستراجع الزمن المدرسي وتطوره من أجل تمكين التلميذ من اكثر وقت للراحة ولممارسة هواياته وللمطالعة وكذلك الشأن بالنسبة لطريقة التقييم بالامتحانات. غير ان ذلك لم يحصل الى حد الآن وهو ما اصبح مصدر قلق بالنسبة للتلميذ والولي والمدرس ولكل المعنيين بالشأن التربوي..
ويبقى الامل اليوم في خطة الإصلاح التربوي التي أعلنت عنها الدولة في الفترة الأخيرة والتي سيتولاها المجلس الأعلى للتربية. غير ان هذا المسار يتطلب اليوم التعجيل بتنفيذه وعدم الانتظار اكثر بالنظر الى أهميته بالنسبة للأجيال التي تدرس حاليا وباعتبار ما يحتله قطاع التعليم في تونس من أهمية اقتصادية واجتماعية..

أهــم عيـــوب البرامـــج المدرسيـــة
-كثرة المواد والدروس والضغط الذي يتعرض له التلميذ خاصة خلال فترة الامتحانات وهو ما يؤدي إلى إنتاج "تلميذ آلي" يكتفي بمجرد حفظ الدروس دون ان يكتسب القدرة على التعبير والتحليل والتفكير والابداع.
-صعوبة استيعاب وفهم عدة دروس خاصة لدى تلاميذ الابتدائي والاعدادي نظرا لاعتمادها مضامين دقيقة ومعقدة وطويلة
-طول الدروس والبرنامج الدراسي السنوي لكل مادة
- عدم مواكبة بعض الدروس التطورات وضعف تدريس التكنولوجيات الحديثة
-ضعف تدريس اللغات
-اعتماد مضامين تعود لفترات وحقب قديمة لا تقدم أية إضافة لتلميذ اليوم
-عدم إدراج مواد تمكن من تطوير موهبة التلميذ وقدراته الإبداعية
-الكتب المدرسية كثيرة ومُملّة ولا تقدم الإضافة في بعض الأحيان

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

تطرق لقاء وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي، بنائب وزير الخارجية ال
22:54 - 2025/05/05
قال المعهد الوطني للرصد الجوي في بلاغ له مساء اليوم ان طقس الليلة سيكون  أحيانا كثيف السحب مع أمط
19:47 - 2025/05/05
 كشف المرصد التونسي للمياه، الإثنين، عن تلقيه 206 بلاغا بشأن إمدادات المياه الصالحة للشرب خلال في
16:40 - 2025/05/05
 أكد وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر، اليوم الإثنين بالرياض، أمام الجلسة العامة للمؤتمر الدولي
16:08 - 2025/05/05
حذرت وحدات الحماية المدنية من خطر إندلاع الحرائق وتزايد المخاطر خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة واقت
14:29 - 2025/05/05
تم، صباح اليوم الاثنين، تدشين قسم امراض الدم بمستشفى عزيزة عثمانة، بعد تجديده حديثا ببادرة من جمع
14:11 - 2025/05/05
تلقت تونس اليوم الاثنين هبة من اليابان تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي (20 منظار للقولونوالمعدة) و
13:17 - 2025/05/05