ما وراء فضيحة حجب الأعداد .. من يحكم "الدولة أم النقابات"؟

ما وراء فضيحة حجب الأعداد .. من يحكم "الدولة أم النقابات"؟

تاريخ النشر : 15:46 - 2023/05/16

تختزل قضية حجب الأعداد في الابتدائي والثانوي جوهر  المخاض  الوطني الرّاهن الذي يدور  حول مدى قدرة الدولة على استعادة سلطتها على أعوانها قبل الخوض في أي إصلاحات هيكلية. 
لقد انتقلت تونس من خلال قيام مسار 25  جويلية  من مجتمع الفوْضى والإنفلات إلى دولة  النظام  ومن ثمة فإن قدرة  هذا المسار على إعادة بسط سلطة القانون في الشارع مترتبطة عضويا بمدى قدرة الحكومة على إعادة فرض الانضباط والتسلسل  العمودي  للسلطة في دواليبها. 
فمن العبث  أن تسعى الحكومة إلى إصلاح أوضاع التعليم أو محاربة الإحتكار والتهرب الضريبي  أو إلى تحريك المشاريع الجامدة وهي لا تتحكم في أعوانها. 
ومن ثمة   فإن تأبيد حجب الأعداد في التعليم وما يتسبب  فيه من كسر لمعنويات الشعب التونسي في مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد تتطلب بالأساس عزيمة وطنية قوية  هو إفراز طبيعي  لحكومة غير قادرة على ضبط أولوياتها وظلت على مدى عام ونصف  العام تتخبط  في الظلام متسببة في ضغوطات إضافية مجانية على الشعب التونسي ومنظومة الأمن القومي. 
إن جذور قضية  التعليم في تونس تعود إلى عام 2011  حين تم تسليم سلطة تعيين مديري  المؤسسات التربوية إلى النقابات وبالتالي فإن الإصلاح الحقيقي لهذا المرفق الحيوي  يبدأ بتخليص  إدارة التعليم من  قبضة النقابات حتى وإن  اضطرّت إلى استخدام منطق قوة  الدولة حيث كان بمقدور وزارة  التربية  أن توقف حجب الأعداد  منذ ديسمبر الفارط لو قامت بحجب الأجور لأن الإمتناع  عن تنزيل الأعداد هو تقاعس  عن أداء واجب تعاقدي تماما مثل الموظف الذي يتغيب عن العمل شهورا طويلة دون أن يبعث حتى بشهادة مرضيّة. 
وبالمحصلة توجد  اليوم حالة تصادم بين روح مسار 25  جويلية بوصفه التزام داخلي وخارجي يجب أن يدرك غاياته  في كل الحالات وبين حكومة تطنب  في الحديث عن الاصلاحات  الهيكلية وهي عاجزة حتى عن فرض الإنضباط داخل  حصونها  معبرة عن حالة انبتات حقيقية  فتونس لا تحتاج إلى إصلاحات بقدر ما تتعطش إلى استعادة قيمة العمل  والجهد واجتثاث  التقاعس من جذوره...حيث لا توجد أي دولة محترمة  في العالم تدفع الأجور  بانتظام لموظفين لا يشتغلون. 
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22
لم يكن قصف القنصلية الايرانية في دمشق عملا عبثيا وانما عملا مخطط له هدفه خلط الاوراق اقليميا ودول
07:00 - 2024/04/21
تصاعدت منذ انطلاق طوفان الأقصى وتيرة مواجهة الكيان الصهيوني من خارج فلسطين وأصبحت ظاهرة بارزة بصد
07:00 - 2024/04/21
-إذا كان الوعي من أعمال العقل،وإذا كان العقل يغلب عليه التشاؤم أحيانا،وهو يحلّل ويستقرئ ببرود وحي
09:16 - 2024/04/15
مرّت ذكرى يوم الطفل الفلسطيني الموافق للخامس من شهر افريل هذه السنة في ظروف صعبة لواقع الطفل الفل
09:16 - 2024/04/15