يَستقبل العالم العربي شهر رمضان المعظم في شكل جديد بعد أن أجبر انتشار فيروس «كورونا» الجميع على ملازمة بيوتهم.  «الشروق» حاولت الاقتراب من الرياضيين التونسيين في مثل هذا الشهر الكريم للوقوف على كيفية تعاملهم مع هذا الوضع الاستثنائي مع النبش في ذاكرتهم. وقد اخترنا اليوم المدافع السابق للملعب التونسي محسن الجندوبي الذي يُعتبر واحدا من أفضل العناصر من حيث الانضباط الكبير والعطاء بغير حساب وهذا ما يؤكده الجمهور وما يشهد به تاريخه المُميز مع «البقلاوة» والمنتخب وكذلك مع الأهلي السعودي. ويكفيه فخرا أنه كان من نجوم ملحمة الأرجنتين عام 78.   
بطاقة صفراء واحدة    
الإلتزام بمواعيد التمارين وإحترام المدرب والمنافس داخل وخارج الملعب كلها عوامل كانت تميّز جيل الجندوبي آنذاك. ويقول في هذا الشأن «طيلة مسيرتي الرياضية تحصلت على ورقة صفراء واحدة كانت في آخر موسم من مسيرتي التي انتهت سنة 1988  وكان ذلك في المقابلة التي جمعت «البقلاوة» بمحيط قرقنة وكان الحكم من الجزائر. وقد قال لي بالحرف الواحد بعد نهاية اللقاء وعندما علم أنها أول بطاقة صفراء في مسيرتي: «لو علمت بالأمر ما كنت أنذرتك». تقمّص الجندوبي أزياء المنتخب الوطني لأول مرة سنة 1974  حيث لعب أول لقاء له أمام الكويت، وكان المدرب المجري «أندري ناجي» هو الذي آمن بقدرات ابن «البقلاوة» وجعله ضمن المنتخب مؤكدا أنه عنصر ممتاز ومثل هذه الشهادة يعتز بها محسن خاصة أنها تصدر عن أحد أفضل المدربين الأجانب الذين اشتغلوا في برّ تونس. وبعد ذلك أشرف على المنتخب عبد المجيد الشتالي الذي قاد منتخبنا للتألق في مونديال الأرجنتين 1978. ويستحضر مدافع الملعب التونسي ذكريات مونديال الأرجنتين فيقول: «الحقيقة أنني أعيش الى اليوم على ايقاع ذلك الانجاز الكبير والتاريخي وتلك الفترة التي اختفت فيها الألوان ورفرفت فيها راية تونس، في مُقابلتنا أمام المكسيك وبين الشوطين وضع أمامنا المدرب «العبقري» عبد المجيد الشتالي العلم الوطني وقال لنا بالحرف الواحد:»أنتم تلعبون لأجل هذا العلم «، لا يمكن أن أنسى تلك الرهبة الذي انتابتنا حتّى أننا نزلنا في الشوط الثاني بوجه مغاير تماما وسحقنا المنافس لنحقّق فوزا تاريخيا لتونس وكافة الأفارقة». 
سفراء فوق العادة 
انجاز المنتخب الوطني في الأرجنتين خلال مونديال 78 جعل الفريق يحظى باستقبال يليق بالأبطال عند عودتهم الى تونس حيث كان الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في استقبالهم آنذاك وقال لهم :»أنتم أبطال عرّفتم بتونس في العالم في ظرف زمني قياسي. ويقول الجندوبي إن البعض في الأرجنتين كانوا يسألون اللاعبين عن نمط العيش في تونس، حيث كان العديد منهم يعتبرون التونسيين من سكان الغابات بحكم أن بلادنا كان شبه مجهولة في تلك الفترة.
برنامج خاص    
الجندوبي كان خلال شهر رمضان المعظم يواظب على صلاة التراويح في جامع الحي، غير أن الحجر الصحي العام خلال هذه الفترة سيُجبره على البقاء في المنزل حيث يقول:»الحمد لله على كل حال هذا ابتلاء من الله سبحانه وتعالى. والحقيقة أنني جهّزت برنامجا خاصا برمضان هذا العام حيث سنقيم صلوات المغرب والعشاء والتراويح في منزلي رفقة ابني وزوجتي وبناتي». الجندوبي اعتبر جائحة «كورونا» «بطاقة صفراء» من الله للبشرية حتى تعود الى الطريق الصحيح مبينا أنه رغم هذا الابتلاء إلا أن البعض مازال غافلا وخاصة أصحاب النفوس المريضة ممّن تحكمهم المادة والباحثين عن جمع المال من خلال الاحتكار والترفيع في الأسعار واستغلال الظروف الاقتصادية التي تمرّ بها بلادنا. ويختم العبيدي (شُهر الجندوبي) كلامه بالترحم على الأسطورة نورالدين ديوة الذي يبقى من أحسن اللاعبين في تاريخ «البقلاوة» والكرة التونسية.