بين مفاوضات السلام ومصادرة الأصول الروسية..سعي أوروبي لمكسب أخير قبل الـ "الهزيمة تاريخية"

بين مفاوضات السلام ومصادرة الأصول الروسية..سعي أوروبي لمكسب أخير قبل الـ "الهزيمة تاريخية"

تاريخ النشر : 17:15 - 2025/12/07

يشهد الملفّ الروسي- الأوكراني حراكاً دبلوماسياً مكثّفاً خلال الأيام الأخيرة، مع دخول أطراف ذات وزن دولي مباشرةً على خطّ الوساطة، ورغم زخم الاتصالات، يؤكد الكرملين أن أي "حلّ وسط" لم يتحقق بعد، خصوصاً في القضايا الجوهرية المرتبطة بالأراضي. هذا المسار التصاعدي في المحادثات يعكس جدّية دولية في محاولة كبح التصعيد قبل تعمّق أزمة الشتاء.

وبحسب تقارير اعلامية فإن أي حل لإنهاء الأزمة سيحمل نصراً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً لموسكو، ومكاسب لواشنطن، ونوع من الخسائر للاتحاد الأوروبي، وخسارة للأوكران، بحكم المعطيات الميدانية الحالية، ووفقاً لموازين الربح والخسارة لكل من روسيا وأوكرانيا.

لذا فإنه وفقاً لمصادر سياسية فإن الغرب وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي يسعى للحصول على آخر مكسب في هذه المواجهة مع الروس قبل توقيع أي اتفاق سيسجل خسارة تاريخية لهم في هذه المواجهة. وبحسب خبراء، فإن هذا المكسب الأخير يتمثل بالأموال الروسية المجمدة في الغرب واستخدامها في دعم أوكرانيا أو بأي طريقة أخرى تحرم الروس من الاستفادة منها، في انتهاك واضح لكل القوانين والشرائع الدولية.

بالنسبة للأوروبيين فإن الأموال الروسية المجمدة ستوفر خسائر مالية إضافية على الاتحاد الأوروبي، كما يمكنها دعم حلفائها،والحدّ من المخاطر المالية على خزائنها.
وفي هذا السياق كثر الحديث والتصريحات والتقارير الإعلامية عن خطة أوروبية لاستخدام الأصول المالية الروسية المجمدة في أوروبا. حيث يعمل الاتحاد الأوروبي على بلورة آليات لتمويل الدفاع وإعادة إعمار أوكرانيا من خلال استغلال الأصول التابعة للبنك المركزي الروسي، والمجمّدة في الغرب منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فيفري 2022.

وبحسب عديد المصادر، يقضي مقترح المفوضية الأوروبية بالسماح للحكومات الأوروبية باستخدام نحو 300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمّدة لصالح أوكرانيا، من دون مصادرتها بشكل مباشر.
وبحسب عديد المصادر، فإن الخطة المطروحة تمنح أوكرانيا ما يُعرف بـ«قرض التعويضات»، مدعوماً بالعائدات الناتجة عن استحقاق السندات الروسية المجمّدة. ولن تكون كييف مطالبة بسداد هذا القرض. المخاطر المرتبطة بالقرض ستُتحمل بشكل جماعي، إما من قِبل دول الاتحاد الأوروبي فقط، أو بالاشتراك مع بقية أعضاء مجموعة السبع: الولايات المتحدة وكندا واليابان.

من أصل 300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمّدة، تحتفظ أوروبا بـ210 مليارات يورو (229 مليار دولار)، منها 185 مليار يورو عبر شركة «يوروكلير» في بروكسل. نحو 175 مليار يورو من هذه الأصول تحولت إلى سيولة نقدية مع حلول آجال السندات، وهو المبلغ المرشح للاستخدام.

ولتفادي شبهة مصادرة الأصول الروسية، يُدرس نقل السيولة من «يوروكلير» إلى كيان خاص جديد (SPV) تملكه حكومات الاتحاد الأوروبي وربما مجموعة السبع. في المقابل، ستصدر المفوضية الأوروبية سندات صفرية العائد مضمونة من المالكين، لحماية «يوروكلير» من أي دعاوى قضائية روسية. ولكن لن تنضم جميع أعضاء الاتحاد الـ27، إلى هذا الكيان، فالمجر وسلوفاكيا، اللتين ترتبطان بعلاقات أوثق مع موسكو، قد تعارضان المشاركة. 


وفقاً للباحث والخبير الاقتصادي محمد عبد السلام، فإن تبعات استخدام الاًصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا، نظرياً وعلى المدى القريب هي مكسب مادي وحيد لأوروبا في الحرب الخاسرة مع روسيا، ولكن عملياً، وعلى المدى البعيد ستكون سيئة جداً على الاتحاد الأوروبي، وذلك لعدّة أسباب: أولاً وفقاً لعبد السلام فإن ذلك سيؤثر بشكل سلبي كبير على الاقتصاد الأوروبي كونه سيكسر ثقة المستثمرين والشركات بالاتحاد الأوروبي، الذي لطالما اعتبر منطقة استثمار آمنة وبيئة عمل مستقرة على مدار عشرات السنين سابقاً. وهذا ما سيقلل من الاستثمارات الأجنبية في أوروبا ناهيك عن الغضب الشعبي في دول القارة العجوز من إهتمام حكوماتهم بالقضية الأوكرانية بدلاً من تحقيق اصلاحات داخلية تخدم مصالح دافعي الضراب في أوروبا.

ثانياً، سوف يُكسب أوروبا عداء روسيا لسنوات قادمة، وسيبقى نقطة سوداء في تاريخ الأوروبيين. ثالثاً، فإن سرقة الأصول الروسية أو استخدامها بطريقة مخالفة للقانون الدولي، سيهز صورة أوروبا كقارة راعية لحقوق الانسان ورافعة لشعار الحرية والديمقراطية، والتي تتناقض مع السرقة أو السيطرة على أموال أشخاص وشركات بطريقة غير مشروعة. 

ثالثاً: في حال أقدم الاتحاد الأوروبي على مصادرة الأصول الروسية لتعويض أوكرانيا عن أضرار الحرب، فإن ذلك سوف يفتح باب كبير أمام الدول الأفريقية التي تعرضت للاستعمار الأوروبي لسنوات طوال للمطالبة بتعويضات من الأوربيين أنفسهم عن كل سنوات الاحتلال والاستعمار وما نتج عنها من أضرار كارثية على شعوب تلك الدول واقتصادها. وهذا ما بدأنا نشهد جزء منه في ليبيا والجزائر حيث تتعالى أصوات تطالب الناتو والاتحاد الأوروبي بتعويضات عن كل ما تسببوا به من أضرار وكوارث بحق شعوب تلك الدول.

ويذكر أن المحادثات بشأن استخدام الأصول الروسية المجمدة كانت قد تعثرت بعدما طالبت بلجيكا بالحصول على ضمانات أكبر بعدم تحملها مسؤولية المخاطر المرتبطة بالأموال، الموجود معظمها في بلجيكا.

كما حذرت روسيا من جانبها مرارا من عواقب هذه الخطوة، وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الاستيلاء على الأصول السيادية الروسية في أوروبا يشكل "سرقة صريحة"، وشدّد على أن روسيا "سترد على أي مصادرة للأصول المجمدة"، موضحا أن بمقدور موسكو أيضا رفض إعادة الأموال التي تحتفظ بها الدول الغربية داخل روسيا.
وفي سياق متصل، أفاد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال تصريح صحفي في نهاية نوفمبر الماضي، على هامش مؤتمر دولي في الجزائر يناقش «تجريم الاستعمار» في أفريقيا، بأن بلاده تعرضت خلال الاستعمار الفرنسي (1830 - 1962) إلى «إبادات ومجازر وحملات تهجير قسري»، تراوح عدد ضحاياها ما بين مليونين وثلاثة ملايين شخص، أي ما يمثل ثلث السكان آنذاك، لافتاً إلى أن صحراء الجزائر «ما زالت تحمل إلى اليوم ندوب التجارب النووية الفرنسية، التي خلّفت آثاراً مدمرة على الإنسان والبيئة».

وكان عطاف يتحدث بمناسبة افتتاح المؤتمر الدولي حول «جرائم الاستعمار في القارة الأفريقية»، والذي يستمر يومين في العاصمة الجزائر، ويجمع وزراء ومحامين ومؤرخين وخبراء أفارقة ومن منطقة الكاريبي، وآخرين من مختلف مناطق العالم، لإدانة جرائم الاستعمار، في محاكمة رمزية للدول الاستعمارية (فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وألمانيا) التي احتلت القارة في القرنين التاسع عشر والعشرين.

وقال عطاف إن «الوقت قد حان لتصفية رواسب الاستعمار بكل تجلياتها، كما حان وقت تصفية الاستعمار ذاته تصفية نهائية»، لافتاً إلى الصحراء وفلسطين. وأكد أن «لأفريقيا الحق في المطالبة بالاعتراف الصريح بجرائم الاستعمار، لأن الاعتراف هو أول خطوات معالجة رواسب حقبة دفعت الشعوب الأفريقية ثمناً باهظاً لها. ولأفريقيا الحق في تجريم الاستعمار تجريماً قانونياً دولياً لا لبس فيه». وأضاف: «كما جرّمت المجموعة الدولية العبودية والفصل العنصري، فقد حان الوقت لتجريم الاستعمار ذاته. ولأفريقيا الحق في التعويض العادل واستعادة الممتلكات المنهوبة، فالتعويض ليس مِنّة ولا صدقة، بل حق تكفله القوانين والأعراف الدولية».

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

أفادت إدارة متحف اللوفر أن تسرب مياه الشهر الماضي أضر بمكتبة قسم الآثار المصرية وتسبب في تلف ما ب
23:46 - 2025/12/07
أعلن رئيس بنين باتريس تالون عبر التلفزيون الوطني مساء الأحد أن "الوضع تحت السيطرة تماما"، عقب محا
23:13 - 2025/12/07
قال المركز الألماني لأبحاث علوم الأرض (جي.إف.زد) اليوم السبت إن زلزالا بقوة 6.36 درجة ضرب اليونان
18:33 - 2025/12/07
هدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بفرض رسوم جمركية على الصين في الأشهر المقبلة، في حال لم تتخذ ب
17:27 - 2025/12/07
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأحد إن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النا
14:50 - 2025/12/07
قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إن الشعب السوري قادر على تجاوز الماضي والنظر إلى المستقبل
14:15 - 2025/12/07
أعلن جنود في بنين باكراً صباح اليوم الأحد، عبر التلفزيون العام "إقالة" الرئيس باتريس تالون من مها
12:15 - 2025/12/07