باجة: التغيّرات المناخيّة تهدّد قطاع تربية الماشية

تراجع القطيع ومنظومة الحليب في خطر

باجة: التغيّرات المناخيّة تهدّد قطاع تربية الماشية

تاريخ النشر : 15:28 - 2023/10/25

أثّرت التغيرات المناخيّة على قطاع تربية الماشية في ولاية باجة باعتبارها قطبا فلاحيا هامّا ومتنوّعا، مما أدى إلى تراجع القطيع بشكل واضح جرّاء نقص الأعلاف والمراعي بسبب قلة التساقطات وارتفاع درجات الحرارة. 

وقد تم تسجيل رقم قياسي للحرارة القصوى في 27 جوان 2022 في باجة وصلت إلى 47.8 درجة، في حين أن المعدلات العادية لا تتجاوز 30 درجة في نفس الشهر. وقد بلغت التساقطات من 1 سبتمبر 2022 إلى 30 جوان 2023 ما يقدر بـ 487 مم في وقت يكون فيه المعدل المرجعي 586 مم. وتكون بذلك نسبة النقص في التساقطات 17 في المائة، وفق ما أكده المهندس بالمعهد الوطني للرصد الجوي عبد الرزاق الرحال في تصريح لـ "الشروق". 

يمكن أن نلاحظ من خلال هذا الرسم ارتفاعا في إنتاج اللحوم البيضاء من 13070 طن سنة 2011 إلى 38500 طن سنة 2022، كما تم تسجيل زيادة طفيفة في حجم إنتاج اللحوم الحمراء من 9990 طن إلى 10010 في نفس الفترة، في حين سجل إنتاج الحليب بعض التراجع من 105800 لتر إلى 105000 لتر في الفترة المذكورة.

قطاع تربية الماشية مهدّد 

تفيد إحصائيات المندوبية الجهوية للفلاحة بباجة أن حجم القطيع تراجع بشكل حاد من أكثر من 500 ألف رأس سنة 2011 إلى 111700 رأس سنة 2022. 

منير الوسلاتي مربّي أبقار وأغنام بمعتمديّة باجة الجنوبية، اختصر أزمة قطاع تربية الماشية بقوله:" الفلاح معادش يخمّم على قوت أبنائه بل أصبح يخمّم على قوت حيوانته." 

وأضاف في تصريح لـ "الشروق" أنّه يجد صعوبة كبيرة في توفير الكميّات اللاّزمة من العلف لتلبية حاجيات قطيعه، حيث تظلّ الأبقار دون أكل لأيام متواصلة".  

وتابع أنّ قطيعه تراجع بشكل ملحوظ حيث تقلّص عدد رؤوس الأبقار من 8 إلى 3 رؤوس، فيما انخفض عدد رؤوس الأغنام من 50 الى 15 رأسا بسبب الجفاف وانعدام المراعي وغلاء أسعار العلف وعجزه على توفير الكميات اللازمة، داعيا الدولة إلى مراعاة ظروف الفلاّح وإصلاح منظومة تربية الماشية. 

من جانبه،  قال  شكري الدجبي رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بباجة في تصريح لـ"الشروق" أنّ تراجع التساقطات إلى النصف خلال السنة الفارطة خلّف  نقصا حادا في الأعلاف الخضراء "ممّا جعلنا في أزمة حقيقيّة باعتبار أن فلاحتنا تقليديّة ولم نهيئ  أنفسنا  للتغيرات المناخية التي كانت معلومة منذ أكثر من 20 سنة، والعالم  يتحدّث عنها ويحذّر من مخاطرها، في حين أنّ الدولة التونسيّة لم تتمكّن إلى حد الآن من وضع استراتيجية ناجعة  تحد من هذه المخاطر، فوجدنا أنفسنا كمربين ومنتجين في مواجهة مع الطبيعة في ظل غياب الدولة وعجزها  عن إيجاد  حلول  استباقية  للتعامل مع  هذه الأزمة، التي من المفترض أن تكون مستعدة لها  منذ مدة، وهو ما أثّر بطريقة مباشرة  على قطاع تربية الماشية"، على حدّ قوله. 
من السهل أن نلاحظ أن كل أنواع القطيع عرفت تراجعا في 2022 مقارنة بـ 2011 

وحذّر الدجبي من عواقب تواصل النشاط الفلاحي بالطريقة التقليديّة ممّا قد "يعصف بقطاع تربية الماشية ويؤدّي إلى تسجيل تراجع حاد في إنتاج اللحوم وهو ما يجعل الأمن الغذائي في خطر". 

وتحدّث الدجبي عن نقص امتلاء السدود جراء تراجع التساقطات خاصّة خلال الثلاثة السنوات الأخيرة، ممّا أدى إلى تراجع زراعة الأعلاف الخضراء، كما تم تسجيل ارتفاع جنوني في أسعار الأعلاف المركبة منذ أكثر من عام بمعدل يتراوح بين 30 و40 في المائة. 

وأمام هذه المخاطر التي تهدّد ديمومة قطاع تربية الماشية، دعا شكري الدجبي الى تكاتف مجهودات كل الهياكل المعنيّة من أجل تكثيف البحث العلمي لإيجاد أصناف جديدة من البذور العلفية التي تتلاءم مع هذه التغيرات المناخيّة. 

وتابع: "نحن كمنظمة لدينا حلول على المدى المتوسط والبعيد من خلال وضع مخططات للخروج من هذه الأزمة باعتماد خارطة فلاحيّة تتلاءم مع التغيرات المناخيّة وتقوم على تقسيم الأراضي الزراعية بكامل الولاية إلى مناطق تختص كل واحدة منها بإنتاج معيّن يراعي نوعية التربة وكمية التساقطات." 

منظومة الحليب في خطر  

أكّد الخبير في التنمية والموارد الدكتور حسين الرّحيلي في تصريح لـ "الشروق"، على هامش ورشة عمل حول "الإنتاج الفلاحي في ظلّ شحّ مياه الرّي وتحديات التغيّرات المناخية"،  انتظمت في  سبتمبر الماضي  بمدينة الحمامات، أن آخر الأرقام تفيد  أن 30 بالمائة من الأبقار تمّ التفويت فيها، وهو ما يفسّر أزمة الحليب على المستوى الوطني، و في حال تواصل الوضع مثلما هو عليه إلى غاية سنة 2030، دون إصلاحات قد يؤدي إلى فقدان أكثر من 50 بالمائة من المنظومة، وسيؤدي ذلك انهيارها، مما يضطر  الدولة إلى  توريد كل الحاجيات الأساسية والحياتية كاللحوم الحمراء والحليب، وفق تقديره .​​ 
وأضاف الرّحيلي أن من تتوفر لديه الإمكانيات المادية الكبيرة هو فقط من يستطيع تربية المواشي وهو ما يفسر تخلّي عدد كبير من الفلاحين عن قطيعهم سواء بالبيع أو تهريبها نحو القطر الجزائري. 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

ودوره في ضمان إنجاز المشاريع العمومية بالجودة والمواصفات الفنية المطلوبة 
22:13 - 2024/04/27
أدى نبيل عمّار، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، امس الجمعة 26 أفريل الجاري، وبمن
19:48 - 2024/04/27
قال المعهد الوطني للرصد الجوي في بلاغ له مساء اليوم ان طقس الليلة يتميز بسحب قليلة بأغلب المناطق
19:10 - 2024/04/27
مثلت حلحلة المشاريع الصحية المعطلة بمعتمدية جرجيس، ومنها مشروع تحويل المستشفى الجهوي القديم وسط ا
18:04 - 2024/04/27
توفّي اليوم السبت الصحفي كمال السماري وهو اصيل  مدينة تالة بولاية القصرين.
16:14 - 2024/04/27