أمريكا وأوروبا على حافة الإنفجار: الصهيونية العالمية تتفكك... النظام الدولي ينهار

أمريكا وأوروبا على حافة الإنفجار: الصهيونية العالمية تتفكك... النظام الدولي ينهار

تاريخ النشر : 15:41 - 2024/05/02

تتراكم المؤشرات التي تؤكد أن تداعيات طوفان الأقصى وصلت إلى المرحلة التي أصبح فيها النظام الدولي المعمول به منذ عام 1946 في حالة إحتضار متأثرا بإنهيار وهم الديمقراطية الغربية. 
وربما اختزلت ملامح القاضي في محكمة العدل الدولية الذي تلا بداية هذا الأسبوع قرار المحكمة بشأن القضية التي رفعتها دولة نيكاراغوا واتهمت فيها ألمانيا بالمشاركة في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ربما اختزلت ذروة الإنحصار الذي بلغته منظومة التحكيم الدولية التي تقف عاجزة عن قطع أي خطوة إلى الأمام لإستيعاب تأثيرات التغير الجذري لموازيين القوى في العالم ولا إلى مواصلة حماية الصهيونية العالمية. 
لقد انتهجت محكمة العدل الدولية سياسة مسك العصا من الوسط حيث امتنعت عن إصدار قرار حاسم وواضح يكرس المسؤولية الجنائية   للحكومة الألمانية من خلال إرسال شحنات السلاح إلى إسرائيل لكنها رفضت في نفس الوقت مطلب شطب القضية الذي رفعته ألمانيا. 
وبالنتيجة يقف النظام الدولي اليوم أمام خيارين إما التمرد على هيمنة الصهيونية العالمية أو فقدان الصلوحية تماما وذهاب أغلب الدول إلى نظام دولي جديد على غرار الإنتقال الحاصل إثر الحرب الكونية الثانية من منظومة «عُصْبة الأمم» إلى الأمم المتحدة تبعا لتغير موازين القوى إثر صعود القطبيين الروسي والأمريكي على أنقاض الدمار الأوروبي. 
وربما  عبر رئيس مجلس النواب الأمريكي أمس الأول عن ذروة خوف الصهيونية العالمية من هذا المخاض عندما هدد بشكل صريح وواضح أعضاء الجنائية الدولية في حال إصدار بطاقة جلب ضد رئيس حكومة الكيان الصهيوني الذي أصبح مثل الفأر المحشور في «حفرة عميقة» . 
هذا التهديد بالذات الذي يتزامن مع القمع الأمريكي والفرنسي المتوحش وغير المسبوق لطلاب الجامعات يعبر بكل وضوح عن تعاظم مخاوف أنظمة الحكم المنتمية للمنظومة الصهيونية من فتح باب الحساب حيث أن سقوط حكام إسرائيل يعني بالضرورة  إطلاق مسار كامل لمحاسبة الحركة الصهيونية على كل الجرائم التي ارتكبتها في مختلف أنحاء العالم على غرار العراق وبوغسلافيا ومالي وسوريا ولبنان وأفغانستان والصومال وذلك على غرار المحكمة الخاصة التي انتصبت إثر الحرب العالمية الثانية لمحاسبة الحركة النازية .
وعندما يتزامن هذا التهديد غير المسبوق في الأعراف الدولية مع سحل الطلبة في الجامعات الفرنسية والأمريكية تتفكك مساحيق التضليل الإعلامي الصهيوني وتنكشف حقيقة ما يحصل اليوم في العالم حيث  يزداد تأثير ما يسمى «تحالف الجنوب» بالنسق الذي تتهاوى به هيمنة الصهيونية العالمية التي انتقلت منذ قيام طوفان الأقصى من موقع الفعل إلى ردات الفعل وذلك بدعم واضح من الضمانة العسكرية الروسية والبديل الاقتصادي الصيني. 
وبالمحصلة تعيش البشرية في المرحلة الراهنة على وقع مفارقة حقيقية في ظل التصادم الحاصل بين الواقع العالمي الجديد والنظام الدولي وهي مفارقة اختزلها وضع الدولة الفلسطينية  التي أصبحت أمرا واقعا في ظل اعتراف 142 دولة بهذا الكيان التاريخي فيما يعطل  الفيتو  الأمريكي انتقال هذا الإعتراف من القانون إلى الممارسة الفعلية وهو ما يعني بالضرورة أن الأمم المتحدة باتت عاجزة عن تكريس إرادة الأغلبية بوصفها أساس ممارسة القانون  الدولي. 
وتؤشر هذه المفارقة بكل وضوح إلى عزلة الصهيونية العالمية التي استنفدت كل أساليب التضليل والهروب إلى الأمام وضاق أمامها هامش المناورة إلى أبعد حدّ حتى أصبحت كل خطوة تقطعها ترتد عليها بعنف حيث أن التهديد الإسرائيلي لإيران انقلب إلى تهديد إيراني ملموس للولايات المتحدة فيما انقلب التهديد الأمريكي بخلق بؤرة إرهاب جديدة في ليبيا إلى طرد للجيش الأمريكي من النيجر والتشاد. 
والواضح أن تراكم الخسائر الجيوستراتيجية  في معسكر الصهيونية العالمية يعود بالأساس إلى طبيعة الأنظمة  الحاكمة التي لا تنبثق عن إرادة شعبية حقيقية وإنما عن مراكز نفوذ تدور حول تجمع «المال والإعلام» وبالتالي فهي تمعن في الهروب إلى الأمام بمنطق الدفاع عن المصالح الذاتية. 
والواضح أيضا أن هذه الأنظمة الإستبدادية الفاقدة لأي واعز إنساني أو أخلاقي وصلت إلى مرحلة مواجهة شعوبها التي وجدت في النضال الأسطوري للشعب الفلسطيني دافعا للتمرد على القمع الناعم الذي طالما عانت منه وحوّل المواطن إلى مجرد آلة فاقدة لحق التفكير والإختيار. 
وعلى هذا الأساس يرجح أن معسكر الصهيونية العالمية بقطبيه الأمريكي والأوروبي يتجه نحو انقلابات داخلية لا يمكن التكهن بشكلها ومداها فاللجوء  إلى القمع المفرط ضد طلبة وأساتذة الجامعات يعني بالضرورة إنتهاء  فاعلية أدوات الهيمنة الداخلية التي كانت تستخدمها أنظمة الحكم الصهيونية. 
ويعني هذا التحول بالنتيجة  أن الشعوب الأوروبية والأمريكية قد انصهرت فعليا في موجة الإنعتاق الإنساني التي تدور حول النضال الوطني الفلسطيني لأن القاسم المشترك هو تراكم مشاعر القهر تجاه أدوات الإسبتداد الصهيوني الذي يقوم على عقيدة بشعة ومتوحشة وعبثية باتت خطرا داهما على مستقبل الحياة على كوكب الأرض. 
كما يعني هذا التحول أن المعسكر الصهيوني بقيادة الولايات المتحدة لم يعد يعبأ بأمن إسرائيل ولا بمصير نتنياهو وإنما هو بصدد المناورة  دون أن يدرك إلى أين ستؤول الأحداث. 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

استشهد أربعة مواطنين فلسطينيين وأصيب آخرون، فجر اليوم الجمعة 17 ماي 2024، في غارة شنها طيران الاح
07:48 - 2024/05/17
عزالدين عقيل، يكتب لـ«الشروق» (خاصّ) 
07:00 - 2024/05/17
أمر مجلس قضاء ولاية الجلفة وسط الجزائر بإيداع 6 أشخاص بينهم المتهم الرئيسي، الحبس المؤقت في قضية
00:39 - 2024/05/17
قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بوينو إن بلاده رفضت السماح لسفينة تحمل أسلحة متجه
00:21 - 2024/05/17
سجل مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والفيزياء الأرضية بالجزائر، رجة أرضية، مساء اليوم ا
22:19 - 2024/05/16
قالت الأمم المتحدة اليوم الخميس إنها تضع اللمسات الأخيرة على خطط لتوزيع المساعدات التي سيتم تسليم
21:02 - 2024/05/16
انطلقت أعمال القمة العربية الـ33 في العاصمة البحرينية المنامة اليوم الخميس، في ظل تصاعد الحرب الم
16:39 - 2024/05/16