نقاط التكامل كثيرة: هل تقتطع تونس تذكرة في «البريكس»؟
تاريخ النشر : 14:20 - 2023/10/20
فيما لم يستعبد وزير الخارجية «نبيل عمّار» على هامش الزيارة التي أداها مؤخرا إلى روسيا انضمام تونس إلى مجموعة «البريكس» تبدو هذه الأخيرة الأقدر على استيعاب تطلعات تونس نحو امتلاك اقتصاد وطني قوي يكرس بالفعل معاني الإزدهار والرخاء.
بل إن التراجع السريع لمركزية الاتحاد الأوروبي منذ قيام الحرب الأكرانية بات يحتم على تونس التعجيل بربط علاقات شراكة مع قوى جديدة لتفادي أزمة اقتصادية عميقة لا يمكن التكهن بمداها خصوصا في خضم ارتباط نحو ثلاثة أرباع الصادرات التونسية بالسوق الأوروبية.
ويمثل التغيير العميق الحاصل مؤخرا في «سلوفاكيا» والذي دفع إلى دفة الحكم بالمعارضة المناهضة للعقوبات على روسيا والرافضة لسياسة دعم أكرانيا أول الإرتدادات القوية داخل الاتحاد الأوروبي للأزمة المالية والمعيشية الناجمة عن وقوف أوروبا على خط المواجهة الأول ضد مسار بناء الاقتصاد العالمي الجديد الذي يقوده تحالف «مجموعة البريكس».
لقد انذثرت نحو 40 بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في ألمانيا التي كانت قاطرة الاقتصاد الأوروبي فيما تبدو فرنسا دولة مفلسة بعد أن تجاوزت ديونها 3000 مليار يورو فيما يبدو القادم أسوأ خصوصا بعد تفاقم ارتدادات الأزمة على الولايات المتحدة التي تعد الشريك الاقتصادي الأول للإتحاد الأوروبي فقد اضطر الكونغرنس نهاية مؤخرا للتصديق على «ميزانية تكميلية» تحدد مجالات الانفاق العمومي إلى نهاية العام الحالي دون تخصيص دولار دولار واحد لدعم أكرانيا وهو ما يؤكد بوضوح أن واشنطن أصبحت منغمسة في شأنها المالي الداخلي علما وأن البنك الفدرالي كان قد تدخل بثقله مطلع العام الحالي لتطويق افلاس ثلاثة بنوك أمريكية فيما اضطرت وزارة الخزانة الأمريكية في جوان الفارط إلى استصدار ترخيص من الكونغرس للرفع في سقف الدين العام وذلك بهدف تعبئة موارد جديدة لتمويل الميزانية العامة.
وفي المقابل لا يوجد أفق واضح أمام الاقتصاديات الأوروبية بسبب ثلاث عوامل موضوعية أولها عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي يرجح أن يتفاقم في المدة القادمة وثانيها فقدان أوروبا للاستقلال الطاقي مقابل تحكم مجموعة البريكس وحلفاؤها في إمدادات وأسعار الطاقة وثالثها تأثيرات التحولات الجيوسياسية العميقة المناهقضة للقوى التقليدية في عدة مناطق من العالم ولاسيما إفريقيا التي تمثل احتياطي الاقتصاد العالمي والشرق الأوسط في ظل التطورات الساخنة في الأراضي الفلسطينية والتي تمهد للقطيعة مع المعسكر الغربي .
وبالنتيجة فإن تواصل التعويل على الشباك الأوروبي الأوحد في خضم هذه التحولات العالمية العميقة هو استسلام لتهديد حقيقي بأزمة اقتصادية ومالية خانقة قد تؤدي إلى إغلاق مئات المصانع وتسريح عشرات الآلاف من العمال بالنظر إلى أن أي تراجع للنمو في منطقة اليورو سينعكس مباشرة على عجلة التنمية لدى شركائها ومن بينهم تونس.
ومن ثمة فإن الانفتاح الاقتصادي على مجموعة البريكس بقدر ما يمثل رهانا استراتيجيا يتلاءم مع متطلبات بناء تونس الجديدة فإنه يشكل أيضا مسألة ملحة لأن تونس ستحتاج على المدى القصير إلى أسواق واستثمارات جديدة لتفادي تداعيات هبوط مستويات النمو داخل الاتحاد الأوروبي خاصة على نشاط التصدير والاستثمار.
والواضح في هذا الصدد أنه توجد مقومات تبادل منافع بين تونس ومجموعة البريكس حيث تمثل هذه الأخيرة ثلث الناتج الخام مقابل 25 بالمائة لمجموعة «السبعة الكبار» G7 كما قامت بإنشاء مجموعة من البنوك التنموية والصناديق التي تمهد لقيام نظام مالي عالمي جديد فيما أصبحت مجموعة «البريكس» تتحكم في أهم أدوات التأثير وأساسا الطاقة والغذاء والمال والتكنولوجيا.
ومن جهتها تمثل تونس واحدة من أهم المناطق الإستراتيجية في العالم وهو ما يؤهلها لأن تكون حلقة مفصلية في تجسيم مبادرة «حزام وطريق» الروسية الصينية التي تمثل إطار الاقتصاد العالمي الجديد خصوصا وأن تونس تتموقع في قلب منطقة كبرى للتبادل الحر تمتد عموديا من شمال أوروبا إلى جنوب إفريقيا كما تربط أفقيا بين شرق وغرب البحر الأبيض المتوسط.
وبالمحصلة فإن تحقيق تطلعات تونس الجديدة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية تتطلب تجاوز نسق النمو الاقتصادي لحاجز 10 بالمائة وهو هدف لن يتحقق إلا داخل فضاء «البريكس» الذي يمثل بكل المقاييس الاقتصاد العالمي الجديد علما وأن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي أفرزت نسب نمو ضعيفة لم تتجاوز في أحسن الحالات 5 بالمائة وهو ما أدى آليا إلى تراكم البطالة والفقر وتفاقم موجات النزوح في الداخل والهجرة إلى الخارج بالتوازي مع إضعاف المحتوى التكنولوجي للاقتصاد التونسي الذي يكاد يتحول إلى اقتصاد عمولة وهو ما تختزله محدودية القيمة المضافة للأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسوق الأوروبية حيث تكاد تقتصر في القطاع الصناعي على تشغيل اليد العاملة التونسية فيما يستهلك السياح الأوروبيون أكثر مما يدفعونه بالعملة الصعبة بسبب أسعار التعاقد المخجلة بين الفنادق التونسية ومنظمي الرحلات الأوروبيين وهو ما جعل عائدات تونس من السياحة تساوي 2 بالمائة من عائدات السياحة في تركيا.

فيما لم يستعبد وزير الخارجية «نبيل عمّار» على هامش الزيارة التي أداها مؤخرا إلى روسيا انضمام تونس إلى مجموعة «البريكس» تبدو هذه الأخيرة الأقدر على استيعاب تطلعات تونس نحو امتلاك اقتصاد وطني قوي يكرس بالفعل معاني الإزدهار والرخاء.
بل إن التراجع السريع لمركزية الاتحاد الأوروبي منذ قيام الحرب الأكرانية بات يحتم على تونس التعجيل بربط علاقات شراكة مع قوى جديدة لتفادي أزمة اقتصادية عميقة لا يمكن التكهن بمداها خصوصا في خضم ارتباط نحو ثلاثة أرباع الصادرات التونسية بالسوق الأوروبية.
ويمثل التغيير العميق الحاصل مؤخرا في «سلوفاكيا» والذي دفع إلى دفة الحكم بالمعارضة المناهضة للعقوبات على روسيا والرافضة لسياسة دعم أكرانيا أول الإرتدادات القوية داخل الاتحاد الأوروبي للأزمة المالية والمعيشية الناجمة عن وقوف أوروبا على خط المواجهة الأول ضد مسار بناء الاقتصاد العالمي الجديد الذي يقوده تحالف «مجموعة البريكس».
لقد انذثرت نحو 40 بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في ألمانيا التي كانت قاطرة الاقتصاد الأوروبي فيما تبدو فرنسا دولة مفلسة بعد أن تجاوزت ديونها 3000 مليار يورو فيما يبدو القادم أسوأ خصوصا بعد تفاقم ارتدادات الأزمة على الولايات المتحدة التي تعد الشريك الاقتصادي الأول للإتحاد الأوروبي فقد اضطر الكونغرنس نهاية مؤخرا للتصديق على «ميزانية تكميلية» تحدد مجالات الانفاق العمومي إلى نهاية العام الحالي دون تخصيص دولار دولار واحد لدعم أكرانيا وهو ما يؤكد بوضوح أن واشنطن أصبحت منغمسة في شأنها المالي الداخلي علما وأن البنك الفدرالي كان قد تدخل بثقله مطلع العام الحالي لتطويق افلاس ثلاثة بنوك أمريكية فيما اضطرت وزارة الخزانة الأمريكية في جوان الفارط إلى استصدار ترخيص من الكونغرس للرفع في سقف الدين العام وذلك بهدف تعبئة موارد جديدة لتمويل الميزانية العامة.
وفي المقابل لا يوجد أفق واضح أمام الاقتصاديات الأوروبية بسبب ثلاث عوامل موضوعية أولها عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي يرجح أن يتفاقم في المدة القادمة وثانيها فقدان أوروبا للاستقلال الطاقي مقابل تحكم مجموعة البريكس وحلفاؤها في إمدادات وأسعار الطاقة وثالثها تأثيرات التحولات الجيوسياسية العميقة المناهقضة للقوى التقليدية في عدة مناطق من العالم ولاسيما إفريقيا التي تمثل احتياطي الاقتصاد العالمي والشرق الأوسط في ظل التطورات الساخنة في الأراضي الفلسطينية والتي تمهد للقطيعة مع المعسكر الغربي .
وبالنتيجة فإن تواصل التعويل على الشباك الأوروبي الأوحد في خضم هذه التحولات العالمية العميقة هو استسلام لتهديد حقيقي بأزمة اقتصادية ومالية خانقة قد تؤدي إلى إغلاق مئات المصانع وتسريح عشرات الآلاف من العمال بالنظر إلى أن أي تراجع للنمو في منطقة اليورو سينعكس مباشرة على عجلة التنمية لدى شركائها ومن بينهم تونس.
ومن ثمة فإن الانفتاح الاقتصادي على مجموعة البريكس بقدر ما يمثل رهانا استراتيجيا يتلاءم مع متطلبات بناء تونس الجديدة فإنه يشكل أيضا مسألة ملحة لأن تونس ستحتاج على المدى القصير إلى أسواق واستثمارات جديدة لتفادي تداعيات هبوط مستويات النمو داخل الاتحاد الأوروبي خاصة على نشاط التصدير والاستثمار.
والواضح في هذا الصدد أنه توجد مقومات تبادل منافع بين تونس ومجموعة البريكس حيث تمثل هذه الأخيرة ثلث الناتج الخام مقابل 25 بالمائة لمجموعة «السبعة الكبار» G7 كما قامت بإنشاء مجموعة من البنوك التنموية والصناديق التي تمهد لقيام نظام مالي عالمي جديد فيما أصبحت مجموعة «البريكس» تتحكم في أهم أدوات التأثير وأساسا الطاقة والغذاء والمال والتكنولوجيا.
ومن جهتها تمثل تونس واحدة من أهم المناطق الإستراتيجية في العالم وهو ما يؤهلها لأن تكون حلقة مفصلية في تجسيم مبادرة «حزام وطريق» الروسية الصينية التي تمثل إطار الاقتصاد العالمي الجديد خصوصا وأن تونس تتموقع في قلب منطقة كبرى للتبادل الحر تمتد عموديا من شمال أوروبا إلى جنوب إفريقيا كما تربط أفقيا بين شرق وغرب البحر الأبيض المتوسط.
وبالمحصلة فإن تحقيق تطلعات تونس الجديدة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية تتطلب تجاوز نسق النمو الاقتصادي لحاجز 10 بالمائة وهو هدف لن يتحقق إلا داخل فضاء «البريكس» الذي يمثل بكل المقاييس الاقتصاد العالمي الجديد علما وأن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي أفرزت نسب نمو ضعيفة لم تتجاوز في أحسن الحالات 5 بالمائة وهو ما أدى آليا إلى تراكم البطالة والفقر وتفاقم موجات النزوح في الداخل والهجرة إلى الخارج بالتوازي مع إضعاف المحتوى التكنولوجي للاقتصاد التونسي الذي يكاد يتحول إلى اقتصاد عمولة وهو ما تختزله محدودية القيمة المضافة للأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسوق الأوروبية حيث تكاد تقتصر في القطاع الصناعي على تشغيل اليد العاملة التونسية فيما يستهلك السياح الأوروبيون أكثر مما يدفعونه بالعملة الصعبة بسبب أسعار التعاقد المخجلة بين الفنادق التونسية ومنظمي الرحلات الأوروبيين وهو ما جعل عائدات تونس من السياحة تساوي 2 بالمائة من عائدات السياحة في تركيا.