ستراها كما تراها غالبية شعبها... تونس الاستراتيجية... لا مجرد حديث في الحب ولا مجرد أخبار سوداء أو بيضاء...
تحتاج هذه المرحلة الجديدة أكثر ما يمكن من توازن بين الخطط والواقع وتجنب أكثر ما يمكن من تنافر وتضارب بين هذا وذاك. وتحتاج أكبر قدر ممكن من التناسب في الحافزية أو الدافعية بين/ ضمن فريق العمل وعند أصحاب الحقوق والتطلعات الشعبية. وتحتاج أعلى نسبة نجاح في الحد من هدر الطاقة وهدر الوقت. وتحتاج خاصة سرعة وإتقان تحقيق الأهداف الظاهرة المتفق عليها حتى إذا كانت غير معلنة وتجنب الدخول في أي من المآزق المجانية التي إما تشتت الجهد وإما لا يمكن الخروج الواقعي والآمن منها في هذا التوقيت.
لن تحصل الاستفادة الفعلية من تقييم المرحلة الحكومية المنقضية إلا بالنظر أبعد من التحديات الحينية، ولا يتم ذلك إلا بفن النظر إلى المراحل الموالية والأهداف اللاحقة.
يجدر أن يبدأ العمل بمواجهة كيفية عمل منظومة التعطيل والتعطل أي كل ما حيك من وراء ومن خلال هذه المنظومة والأدوات التي استخدمت فيها والأدوات التي نفذتها والتي نفذت عبرها من داخل الجهاز التنفيذي ومن خارجه.
وعلى ذلك يتوجب أن يكون التطهير أو التحرير خاطفا وحاسما ومن دون التعويل على كل واهن ومراهن على أهدافه الخاصة وكل من لا يمكن أن يكون حاسما وفي غير وظيفة الاستجابة والتنفيذ. وبالتالي إحداث ديناميكية عمل حثيثة وناجعة تبدأ بإعادة تعريف العلاقة بين أركان الجهاز التنفيذي وتغيير الإيقاع وسد الثغرات والشغورات ودون أخطاء تقديرية، وخاصة، دون أخطاء عاطفية. 
إن إزاحة مراكز الجاذبية التي تتمحور حولها سياسة التعطيل والتعطل الممنهج لشؤون الدولة ومصالح الوطن والشعب بما يعني إزاحة الحامي والمحتمي وتفكيك العلاقات البينبيروقراطية (أي البيروقراطية البينية والشبكية) وضرب مراكز هذا التعطيل والتعطل المرتبط أيضا بمراكز التأثير الفاسد أي اللوبيات العاملة من خارج دواليب الدولة، هو مفتاح المفاتيح التي تتيح تجنب الإنهاك والإرهاق بلا نتيجة وتجنب التكلفة واختصار الوقت وتصفير كل وسائل ومناورات المفسدين وافشالها جميعا بحيث يكون العمل صلبا وبروح لا تساوم ويكون استنفارا عمليا أكثر منه لفا ودورانا.
نعم يمكن تجنب أي نزاعات لا مخارج واقعية آنية لها. ويمكن الإنجاز أكثر من كشف الأهداف والإعلان عنها دون تنفيذها. ويمكن أن يجري العمل بصفة عادية جدا وتبدو تقليدية في الظاهر، ولكنه استثنائي في القرار وفي الهدف، حتى تحصل الطمأنينة الشعبية وتظهر النتائج المنتظرة دون ضجيج كبير بكل ثبات ومصداقية وبتفوق أخلاقي ودون إعطاء أي ذريعة لأي مفسد وحصر كل نوايا الإفساد في الفراغ.
ومن بين الأسئلة التي تتكرر كل يوم بلا انقطاع ومنذ مدة طويلة، السؤال الاتصالي. وبما ان الرئيس يتولاه بنفسه على طريقته من جهة (بصرف النظر عن كون ذلك لا يكفي في نظرنا من حيث ضرورة تنويع الأسلوب)، وبما ان رئيسة الحكومة السابقة أهملته تماما بعد أن عولت لوقت وجيز وغير كاف على أحد الوزراء قبل أن يخرج دون التداول على مهمته كناطق رسمي، من جهة أخرى. نرى ما يلي لأسباب واقعية تماما:
نرى انه وفي إطار الاستمرارية والسلاسة والابتعاد عن التجريب وربح الوقت وحسن التصرف في الفريق الموجود وتعزيزه وتطويره لاحقا وسد الثغرة الاتصالية، انه من المناسب، ومن أجل المرور إلى العمل المثمر والمرن بسرعة، من المناسب تعيين أحد أفراد مؤسسة الرئاسة مديرا لديوان رئيس الحكومة الجديد وناطقا بإسم الحكومة في القصبة (علاوة على ضرورة مخاطبة رئيس الحكومة الجديد للشعب بنفسه أيضا) أو تعيين أحدهم مديرا للديوان الرئاسي في قرطاج. أما إذا لم يكن ذلك مناسبا فتعيين ناطق باسم الحكومة من صلبها أكثر من ضروري (مع انه ليس الخيار الأفضل في ظننا) وكذلك تعيين مدير للديوان الرئاسي من صلبه (وهو الخيار الأفضل على ما نعتقد). والهدف كما أشرنا منذ البداية تفادي الخيارات التي قد تفشل ونكون وقتها تجريبيين دون فائدة. ولا يتم ذلك إلا من خلال توخي الواقعية والتصرف في المتاح مع أقصى حد من الاجتهاد الذي يؤدي إلى نتائج جيدة.