ذكاء اصطناعي أم تشوّهات فَرْطفَوْرِيّة وإدراكات مشوّشَة: إنسان مُلهَم أم إنسان مستعْمَل؟
تاريخ النشر : 21:08 - 2025/11/16
توجد نزعة فَرْطفَوْرِيّة عامة تنتشر بشكل مطّرد في كل أوساط المجتمع هذه الأيام. ومعها سبات وثير. هي نزعة تسرّع مبكّر ومفرط في نوع من الإستعجال المتطرّف وكأننا على أجنحة سرعة وفي حالات طوارئ لا تنقطع، دونها نندثر ونتلاشى وينتهي الزمان. إنها خفّة مطلقة. يدور كل ذلك، أي ما أحطنا به هذه النزعة من توصيفات، يدور حول ما يسمى "ذكاء اصطناعي"، بما فيه وما عليه. هي في الأخير تشوّهات وتشوّشات خوارزميّة تسلّلت إلى كل شيء وأصبحت تنتج فيضا من التوجّسات حينا وفوائض من التفاهات والإنحرافات الدعائية والغرور الرقمي أو الإلكتروني الصبياني أحيانا، وبشكل عابر ومخترق للفضاءات والخطابات والكتابات والفئات والأعمار والمستويات والمجالات والسياسات... إلخ.
اصلاح العقل أم اصلاح الذكاء؟ الإنسان الملهَم أم الإنسان المستعمَل؟
ما هو الرّهان؟ هذا هو السؤال. لا يتعلق الأمر لا بتعريفات ولا بتطبيقات واستعمالات ولا بمجالات تفكير واختصاصات ولا بحدود وآفاق وتساؤلات تضع عبارة ما يسمى "ذكاء اصطناعي" هذا موضع كل شيء تأصيلا أو تحليلا أو دراسة أو تشريعا أو تأطيرا أو تنظيرا.
لا نفعل سوى طرح بعض العبارات العامة (لن نسمّيها مفاهيما في الوقت الحاضر)، والتي قد تساعد على طرح أسئلة محددة في أطر وسياقات محددة.
ماهو رهان اصلاح الذكاء؟ عقل مستعمَل أم مبتكِر؟ هل من معنى لإصلاح الذكاء؟ وهل من معنى لعقل اصطناعي؟
يُحكى كثيرا عن الذكاء ولا يُحكى عن العقل. وعندما يُحكى عن العقل لا يُحكى عن الفكر، بينما الرهان الفعلي والأكبر هو تحرير الفكر وبناء المعارف المحرَّرَة والتطلع إلى الإبداع والابتكار وهو أهم من التفوق. هل يمكن مثلا أن نتحدث عن موهبة اصطناعية أو حكمة اصطناعية أو مهارة اصطناعية؟
ورغم قِدم هذا الموضوع وكثرة أحلام وأوهام الفلاسفة وتراكم جرائم جحافل الإبادة والتدمير وأجهزتها، يتزايد التعامل المتهافت والأعمى مع هذا الموضوع.
هل يمكن مثلا أن نعمل على إصلاح هذ الذكاء الإصطناعي؟ أليس من الضروري إصلاح أميّة الذكاء الإصطناعي هذا؟ كيف تكون مقاومة إغراقه للتعليم مثلا وهيمنته على العقل التربوي وذكاءات المتعلِّم؟ كيف نواجه عنجهية الجهل المتغطرس؟
من شاء أن يأخذ بعض ذلك على أنه أسئلة له ذلك. ومن أراد أن ينظر إلى ذلك على أنه مفاهيم تستدعي تفكيرا وتوضيحا ونقدا له ذلك أيضا. وأمّا من يرى في ذلك مجرد قلق أو تحسّسا لطريق التفكير، أو حتى محاولة التفكير، فليأخذ الأمور كما ترُوق له. أمّا نحن، فيشقّنا بالفعل هاجس كبير: هل نحلم بإنسان مستعمَل أم بإنسان مبتكِر ومُبدِع ومُلهِم ومُلهَم؟ ألن يصبح المستعمِل مستعمَلا ومستعمِل المستعمَل مستعمَلا؟ كيف نسلم فيما نستطيع لهذا المسمى ذكاء بينما نتناسى ما لا نستطيع به أو دونه وننساق وراء التخلف الطوعي المضاعف؟ الأمر ليس سيان. وشتان بين محاكاة الإبداع البشري وبين نسخ النسخ. وشتان بين تحرير المعارف والعقول وإطلاق الطاقات والقدرات وتنمية المواهب والمهارات والذكاءات وتحصيل الابتكارات وتحقيق الإبداعات وبين تسهيل وتعميق وتعميم التبعيّة، وبالخصوص تَتْبِيع العقول بعد احتلالها في أوساط النخب كما في المجتمع.
كيف تكون الكفاءة غير مزيَّفة والنزاهة غير مزوَّرة والمصداقية بعيدة عن التلاعب ويكون الإبداع ذاتيا وفعليا وأصيلا؟ كيف يمكن أن يتعايش العقل المبدِع مع العقل المستهلِك والمستهلَك؟ وكيف تحيا النفس الإبداعية، أو حتى الطاقة الإبداعية، مع صناعة مجتمعات الكسل والسبات الفكري والتواكل الإدراكي والتجهيل الناعم المتزايد؟ وما الذي سوف تصبح عليه الثقافة والحضارة والفن والعلم؟
لنحاول رؤية الأمر الآن من زاوية أخرى هي الزاوية العسكرية، حيث قالت رابطة مشاة البحرية الأمريكية هذه الأيام ان الولايات المتحدة "فشلت في إستهداف منصّات الإطلاق اليمنية". وان "التهديدات اليمنية المتعددة أجبرت المدمرات الأمريكية على استخدام ذخائر دقيقة ومكلفة للغاية وهو ما يثير القلق من قدرة اليمنيين على فرض آثار استراتيجية". وان "هجمات اليمنيين دفعت حاملات طائرات أمريكية وحلفاء الناتو إلى إعادة تموضع قواتهم في البحر الأحمر".
وأضافت: " لقد أثبتوا أن الابتكار العمليّاتي لا يحتاج إلى موارد ضخمة بل إلى عقلية مرنة وغير تقليدية. وأنّ اليمنيّين يطبقون عمليا شعار "أكثر بأقلّ" الذي يرفعه سلاح مشاة البحرية الأمريكية منذ عقود". وأن النجاح لا يمكن أن يكون بالتفوق التكنولوجي لوحده بل يقوم على التفوق في الإبتكار. وهذا درس يجب الإستفادة منه، حيث الإنسان المبتكِر هو الذي يعوَّل عليه وليس الإنسان المُقَلَّد أو الإنسان المُفْتَعَل والمُصطنَع، ولا صناعة المتعلِّم المغشوش. وهو نسخة معلَّبة، بل نسخة محمَّلة أو قابلة للتحميل. وهو شحنة جاهزة قابلة للإستعمال لمرّة واحدة ثم تُرمى. وكيف سيكون الفرق بين مُتعَلِّم المدارس ومتعلّم الشوارع الافتراضية؟ وكيف سيتم تفكيك الأميّة المركبة أينما كانت؟
وأمّا من زاوية الذكاء الإصطناعي العسكري فالأمر يكشف الهوّة الإدراكية السحيقة حول ما وصلت إليه الأمور وما يمكن أن يُستشرف في إطار سباق التسلح العالمي في الذكاء الإصطناعي هذا، وخاصة في إطار الحروب المتواصلة مع العدو الصهيوني وتآكل ما يعرف بالقانون الدولي وتدمير الديبلوماسية والسياسة ذاتها وإنتشار التكنولوجيا خارج الأوساط الرسمية وسائر المخاطر المستقبلية. ومن بين الأسئلة الكبرى: كيف سيكون الدفاع المعرفي في الحروب المعرفية الكبرى؟ وكيف سيكون التعلّم المعزّز في ساحات المعارك؟ وكيف ستكون القدرة التنبئية العسكرية والحرب خارج الفضاء والحرب الفائقة والاستخدام الهجومي للذكاء الاصطناعي تخطيطا وتنفيذا؟
توجد نزعة فَرْطفَوْرِيّة عامة تنتشر بشكل مطّرد في كل أوساط المجتمع هذه الأيام. ومعها سبات وثير. هي نزعة تسرّع مبكّر ومفرط في نوع من الإستعجال المتطرّف وكأننا على أجنحة سرعة وفي حالات طوارئ لا تنقطع، دونها نندثر ونتلاشى وينتهي الزمان. إنها خفّة مطلقة. يدور كل ذلك، أي ما أحطنا به هذه النزعة من توصيفات، يدور حول ما يسمى "ذكاء اصطناعي"، بما فيه وما عليه. هي في الأخير تشوّهات وتشوّشات خوارزميّة تسلّلت إلى كل شيء وأصبحت تنتج فيضا من التوجّسات حينا وفوائض من التفاهات والإنحرافات الدعائية والغرور الرقمي أو الإلكتروني الصبياني أحيانا، وبشكل عابر ومخترق للفضاءات والخطابات والكتابات والفئات والأعمار والمستويات والمجالات والسياسات... إلخ.
اصلاح العقل أم اصلاح الذكاء؟ الإنسان الملهَم أم الإنسان المستعمَل؟
ما هو الرّهان؟ هذا هو السؤال. لا يتعلق الأمر لا بتعريفات ولا بتطبيقات واستعمالات ولا بمجالات تفكير واختصاصات ولا بحدود وآفاق وتساؤلات تضع عبارة ما يسمى "ذكاء اصطناعي" هذا موضع كل شيء تأصيلا أو تحليلا أو دراسة أو تشريعا أو تأطيرا أو تنظيرا.
لا نفعل سوى طرح بعض العبارات العامة (لن نسمّيها مفاهيما في الوقت الحاضر)، والتي قد تساعد على طرح أسئلة محددة في أطر وسياقات محددة.
ماهو رهان اصلاح الذكاء؟ عقل مستعمَل أم مبتكِر؟ هل من معنى لإصلاح الذكاء؟ وهل من معنى لعقل اصطناعي؟
يُحكى كثيرا عن الذكاء ولا يُحكى عن العقل. وعندما يُحكى عن العقل لا يُحكى عن الفكر، بينما الرهان الفعلي والأكبر هو تحرير الفكر وبناء المعارف المحرَّرَة والتطلع إلى الإبداع والابتكار وهو أهم من التفوق. هل يمكن مثلا أن نتحدث عن موهبة اصطناعية أو حكمة اصطناعية أو مهارة اصطناعية؟
ورغم قِدم هذا الموضوع وكثرة أحلام وأوهام الفلاسفة وتراكم جرائم جحافل الإبادة والتدمير وأجهزتها، يتزايد التعامل المتهافت والأعمى مع هذا الموضوع.
هل يمكن مثلا أن نعمل على إصلاح هذ الذكاء الإصطناعي؟ أليس من الضروري إصلاح أميّة الذكاء الإصطناعي هذا؟ كيف تكون مقاومة إغراقه للتعليم مثلا وهيمنته على العقل التربوي وذكاءات المتعلِّم؟ كيف نواجه عنجهية الجهل المتغطرس؟
من شاء أن يأخذ بعض ذلك على أنه أسئلة له ذلك. ومن أراد أن ينظر إلى ذلك على أنه مفاهيم تستدعي تفكيرا وتوضيحا ونقدا له ذلك أيضا. وأمّا من يرى في ذلك مجرد قلق أو تحسّسا لطريق التفكير، أو حتى محاولة التفكير، فليأخذ الأمور كما ترُوق له. أمّا نحن، فيشقّنا بالفعل هاجس كبير: هل نحلم بإنسان مستعمَل أم بإنسان مبتكِر ومُبدِع ومُلهِم ومُلهَم؟ ألن يصبح المستعمِل مستعمَلا ومستعمِل المستعمَل مستعمَلا؟ كيف نسلم فيما نستطيع لهذا المسمى ذكاء بينما نتناسى ما لا نستطيع به أو دونه وننساق وراء التخلف الطوعي المضاعف؟ الأمر ليس سيان. وشتان بين محاكاة الإبداع البشري وبين نسخ النسخ. وشتان بين تحرير المعارف والعقول وإطلاق الطاقات والقدرات وتنمية المواهب والمهارات والذكاءات وتحصيل الابتكارات وتحقيق الإبداعات وبين تسهيل وتعميق وتعميم التبعيّة، وبالخصوص تَتْبِيع العقول بعد احتلالها في أوساط النخب كما في المجتمع.
كيف تكون الكفاءة غير مزيَّفة والنزاهة غير مزوَّرة والمصداقية بعيدة عن التلاعب ويكون الإبداع ذاتيا وفعليا وأصيلا؟ كيف يمكن أن يتعايش العقل المبدِع مع العقل المستهلِك والمستهلَك؟ وكيف تحيا النفس الإبداعية، أو حتى الطاقة الإبداعية، مع صناعة مجتمعات الكسل والسبات الفكري والتواكل الإدراكي والتجهيل الناعم المتزايد؟ وما الذي سوف تصبح عليه الثقافة والحضارة والفن والعلم؟
لنحاول رؤية الأمر الآن من زاوية أخرى هي الزاوية العسكرية، حيث قالت رابطة مشاة البحرية الأمريكية هذه الأيام ان الولايات المتحدة "فشلت في إستهداف منصّات الإطلاق اليمنية". وان "التهديدات اليمنية المتعددة أجبرت المدمرات الأمريكية على استخدام ذخائر دقيقة ومكلفة للغاية وهو ما يثير القلق من قدرة اليمنيين على فرض آثار استراتيجية". وان "هجمات اليمنيين دفعت حاملات طائرات أمريكية وحلفاء الناتو إلى إعادة تموضع قواتهم في البحر الأحمر".
وأضافت: " لقد أثبتوا أن الابتكار العمليّاتي لا يحتاج إلى موارد ضخمة بل إلى عقلية مرنة وغير تقليدية. وأنّ اليمنيّين يطبقون عمليا شعار "أكثر بأقلّ" الذي يرفعه سلاح مشاة البحرية الأمريكية منذ عقود". وأن النجاح لا يمكن أن يكون بالتفوق التكنولوجي لوحده بل يقوم على التفوق في الإبتكار. وهذا درس يجب الإستفادة منه، حيث الإنسان المبتكِر هو الذي يعوَّل عليه وليس الإنسان المُقَلَّد أو الإنسان المُفْتَعَل والمُصطنَع، ولا صناعة المتعلِّم المغشوش. وهو نسخة معلَّبة، بل نسخة محمَّلة أو قابلة للتحميل. وهو شحنة جاهزة قابلة للإستعمال لمرّة واحدة ثم تُرمى. وكيف سيكون الفرق بين مُتعَلِّم المدارس ومتعلّم الشوارع الافتراضية؟ وكيف سيتم تفكيك الأميّة المركبة أينما كانت؟
وأمّا من زاوية الذكاء الإصطناعي العسكري فالأمر يكشف الهوّة الإدراكية السحيقة حول ما وصلت إليه الأمور وما يمكن أن يُستشرف في إطار سباق التسلح العالمي في الذكاء الإصطناعي هذا، وخاصة في إطار الحروب المتواصلة مع العدو الصهيوني وتآكل ما يعرف بالقانون الدولي وتدمير الديبلوماسية والسياسة ذاتها وإنتشار التكنولوجيا خارج الأوساط الرسمية وسائر المخاطر المستقبلية. ومن بين الأسئلة الكبرى: كيف سيكون الدفاع المعرفي في الحروب المعرفية الكبرى؟ وكيف سيكون التعلّم المعزّز في ساحات المعارك؟ وكيف ستكون القدرة التنبئية العسكرية والحرب خارج الفضاء والحرب الفائقة والاستخدام الهجومي للذكاء الاصطناعي تخطيطا وتنفيذا؟