الانقسام السياسي في ليبيا وتزايد رغبة المواطنين بإجراء انتخابات عادلة تضمن لهم حق تقرير مصيرهم بأنفسهم باختيار من يحكم بلادهم، دفع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، لاستغلال قضايا معيشية لرفع شعبيته ومكانته بين المواطنين تحسبًا لأي تغييرات سياسية كبيرة قد تشهدها البلاد في المستقبل القريب.
مطلع العام الحالي، عزمت حكومة الدبيبة إقرار قانون لرفع الدعم عن المحروقات، ما أثار سخطًا شعبيًا كبيرًا، فوجد الدبيبة ضالته في هذا الملف، وقرر التراجع عن رفع الدعم، وإجراء استفتاء عن طريق الهاتف تراه بعض الأطراف مشبوها في خطوة قد يظن البعض بأن الهدف منها وضع حدّ للجدل المثار حول هذا الملف والخروج بقرار نهائي ونافذ، ليتضح فيما بعد بأن الإستفتاء نفسه يحمل أبعادًا سياسية ولا يتعلق بالمحروقات فقط.
حيث تداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات وتسجيلات صوتية للمكالمات الهاتفية التي تلقاها العديد من سكان شرق ليبيا من موظفي مصلحة الإحصاء والتعداد في طرابلس، التي ينتقل تدريجيًا خلالها المحاورون الذين يبدأون الحديث بموضوع دعم المحروقات إلى القضايا السياسية ثم يدلون بتصريحات دعائية لصالح الدبيبة وانتقادات تجاه قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، مُلقين باللوم بحسب ما زعموا على عمليات التهريب الكبيرة في مناطق سيطرته.
ورأى العديد من المراقبين والمحللين الاقتصاديين أن رفع الدعم عن المحروقات هدفه إحداث بلبة فقط، من أجل إظهار مدى اكتراث رئيس الحكومة بآراء الشعب، بالإضافة إلى تمرير دعاية من خلال المكالمات الهاتفية، ودعاية مضادة لمنافسيه السياسيين في الشرق الليبي، مشيرين إلى أن حكومة الدبيبة هي المسؤولة عن الإهدار الكبير في الميزانية العامة في ملف المحروقات.
وأشار مراقبون إلى تصريحات واقعية من الحكومة المكلفة من مجلس النواب متعلقة بإهدار حكومة الدبيبة لمئات المليارات دون أن تشيد مرفقا حيويا واحدا يجعل ليبيا تستغني فيه عن استيراد المحروقات، وتنتقل من خانة المستوردين الاستهلاكيين إلى صف المصدرين المستثمرين، فلم تنشئ مصفاة، ولم تجدد أو تطور القائم منها، بل إنها لم تقم بالصيانات الأساسية لها، ولكنها تثير قضية رفع الدعم عن المحروقات من أجل تقليل مصاريف الميزانية العامة، وتلقي بالمسؤولية على عاتق المواطنين، وتحرضهم على المشير حفتر. 
ويرى المراقبون بأن هذه الاستفتاءات لن يكون لها أي تأثير على الأرض، فهي ليست عملية تصويت حقيقية ولا يمكن قانونًا الإعتماد على نتائجها، خصوصًا بعد أن تكشف بأنها ليست إلا لعبة سياسية ودعاية لرفع شعبية الدبيبة وإظهاره على أنه الشخصية السياسية الوحيدة التي تهتم برأي المواطن وبحاجاته وبأن ساسة الشرق وتحديدًا المشير خليفة حفتر، ليسوا على هذه الدرجة المطلوبة من الكفائة.
وتجدر الإشارة إلى أن ليبيا حاليًا تدخل منعطفًا جديًا نحو الانتخابات والتجهيز لها، خصوصًا مع الاجتماعات التي يجريها المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، مع جميع الأطراف السياسية الخارجية والداخلية، وبالتالي فإن هرولة الساسة كرئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، لاستعطاف قلوب المواطنين، ورفع شعبيته بينهم وتحريضهم على المشير خليفة حفتر، ليس إلا محاولة منه لكسب نصر سياسي استراتيجي إلى حين وصول البلاد إلى الانتخابات، أو لكسب مقعد في الحكومة الموحدة التي لا ينفك مجلس النواب الحديث عنها.