بطاقة: وكشفت كورونا حقيقة ثورتنا الرّقميّة ...

بطاقة: وكشفت كورونا حقيقة ثورتنا الرّقميّة ...

تاريخ النشر : 23:41 - 2020/04/23

رغم أنّ عمر الأكذوبة يبلغ عشرات السّنين، فقد واصلنا تصديقها إلى أن جاءت أطوار قدوم وباء كورونا بحلقاته المفزعة لتكشف الحقيقة وتعرّي الواقع الذي يلمّ بنا منذ عقود والذي نحاول رفض وجوده.

منذ عهد بن علي ونحن نسمع عن الثّورة الرّقميّة وخاصّة عن انخراط بلادنا فيها.

ثمّ جاءت انتفاضة 2011 بحلوها ومرّها واجترّت الحكومات المتعاقبة نفس الأكذوبة. بل إنّ بعضها خصّص لها وزارة لنكتشف في آخر المطاف أنّ كلّ ما أنجزته يتمحور في مراقبة الآخرين والإطّلاع على المعطيات الشّخصيّة لخدمة مصالح ضيّقة دون اهتمام بمتطلّبات هذا القطاع وبأهدافه الحقيقيّة على المدى المتوسّط والطّويل.

وقد جاءت كارثة كورونا لتكشف المستور من خلال أوّل اختبار جدّيّ. بعد فرض الحجر الصّحّيّ التّامّ وانقطاع سبل العمل والرّزق لفئة كبيرة من المواطنين من ذوي الدّخل الضّعيف، تقرّر توزيع مساعدات ماليّة شملت عددًا كبيرًا من الفئات الضّعيفة في كلّ جهات البلاد. كانت فكرة المائتي دينار طيّبة رغم تواضع المبلغ، وانتظرنا تدخّل وزارة الشّؤون الاجتماعية وبعض الوزارات الأخرى المعنيّة لإيصال هذه المساعدات إلى أصحابها، فإذا بأولي الأمر يعتمدون طريقة بدائيّة سمحت بحدوث تجمّعات غفيرة توحي بفتح الباب أمام كارثة في صورة انتقال عدوى الفيروس وسط عشرات الآلاف من المتجمّعين.

حصل ذلك وكأنّ بلادنا لم تسمع قطّ عن الثّورة الرّقميّة والتّقنيات الحديثة التي تمكّن من تجنّب خطر هذه التّجمّعات، وقد انطلق الإعداد لتوزيع القسط الثّاني من هذه المساعدات، والخوف كلّ الخوف من رؤية نفس السّيناريو يتجدّد رغم الوعود الرّسميّة بحسن التّنظيم واعتماد طرق وتقنيات جديدة سنرى إن كان بإمكان مواطنينا التّأقلم معها. والغريب أنّ البعض يتباهى بصولاتنا وجولاتنا في هذا العالم الرّقميّ في حين أنّ استخراج مجرّد مضمون للحالة المدنيّة يستوجب اليوم الخروج أثناء ساعات العمل للتّوجّه إلى البلديّة وانتظار ساعة أو أكثر للحصول على وثيقة كان بالإمكان استخراجها على شبكة الإنترنات بمجرّد الضّغط على زرّ... هكذا نحن، ننجح أحيانًا ونخفق حينًا، لكنّنا قليلا ما نسعى إلى إصلاح أخطائنا وكثيرًا ما نطلق العنان لكبريائنا المبالغ فيه وزعمنا بأنّنا الأفضل على كلّ الواجهات. وقد تجلّى ذلك أيضًا حين بالغ رئيس الجمهوريّة في التّباهي بوعي المواطن التّونسيّ، وكأنّه قادم من كوكب آخر، ونذكر جميعًا "مسرحيّة" الوعي وحملات النّظافة المموّلة التي دامت يومًا واحدًا قبل أن تتبخّر دون عودة.

لذلك يتحتّم علينا مزيد وضع أقدامنا على الأرض والإقتناع بنقائصنا الكثيرة وبتأخّرنا في مجالات عديدة وبضرورة العمل والكدّ لتدارك أمرنا حتّى نسترجع، على الأقلّ، ما ضاع منّا خلال السّنوات الأخيرة التي عشناها على وقع الخيال والأحلام في حين كانت تستوجب منّا الواقعيّة وعدم الإنسياق وراء الأكاذيب والمزاعم الواهية...

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

في أكثر من مرة يثبت رئيس الجمهورية أنّه يسلك طرقا أخرى غير طرق الكلام، ثمّة أرجاء في هذا البلد، ق
07:00 - 2025/05/04
يعقد مجلس نواب الشعب بعد غد الثلاثاء جلسة عامة تخصص للنظر في اتفاق القرض المبرم بين الجمهورية الت
07:00 - 2025/05/04
تعقد لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب يوم الأربعاء المقبل 7 ماي الجاري جلسة ستخصص للتداول حو
07:00 - 2025/05/04
تعزيز التعاون الصحّي مع الاتحاد الافريقي
07:00 - 2025/05/04
استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد أمس الأول بقصر قرطاج فاطمة ثابت حرم شيبوب وزيرة الصناعة والمناجم
07:00 - 2025/05/04
في ظل التحولات العالمية المتسارعة في صناعة السيارات، تسعى تونس إلى تعزيز مكانتها كمركز إقليمي لصن
07:00 - 2025/05/03
 عندما بدأ دونالد ترامب ولايته الثانية، كان يبدو للوهلة الأولى أن الولايات المتحدة أمام مرحلة جدي
07:00 - 2025/05/03