القانون يمنعه والدولة تهمله.. القمار الالكتروني يصرع الكبار والصغار

القانون يمنعه والدولة تهمله.. القمار الالكتروني يصرع الكبار والصغار

تاريخ النشر : 12:03 - 2021/05/10

تخالها وأنت تمر أمامها أنها محلات للإعلامية والانترنات للعدد الهام من الحواسيب المركزة داخلها. وهي في الواقع فضاءات للألعاب من نوع آخر تقوم أساسا على الرهان...إنه القمار المرقمن الذي بات يتسهوي آلاف التونسيين...

تونس- الشروق
«في غياب حلول الدولة ربما يأتي الفرج من مباراة كرة قدم أو أي اختصاص رياضي آخر». هكذا لخص الموضوع بكل بساطة ومرارة من سنسميه تمويها  خلال هذا التحقيق « عمر». وعمر هو واحد من ألف تونسي  يديرون هذه المحلات الجديدة التي انتشرت. وتوالدت مثل الفقاع في كامل أنحاء البلاد لممارسة نوع جديد من التجارة يقوم على الرهان الرياضي بمختلف أنواعه. والعملية بسيطة جدا. إذ ما عليك إلا فتح حساب لدى أحد المزودين واختيار المباريات الرياضية التي ستراهن على نتائجها ثم تسجيل اختيارك والمبلغ المراهن عليه ومن ثمة انتظار ضربة الحظ. بعض الأرقام التي تستوجب طبعا التثبت منها تتحدث عن نصف مليون تونسي يتعاطون الرهان الالكتروني. وفي الغالب هم من الشباب المعطل عن العمل ومن الموظفين والعملة. ولا يقتصر الأمر على الذكور. إذ للإناث كذلك نصيب في هذه الرهانات. رقم آخر يستوجب كذلك التثبت منه ويتعلق بعدد المحلات التي تمارس هذا النوع من القمار. فحسب محدثي يتجاوز عددها الألف وهي موزعة على مختلف مناطق البلاد. وتمثل ثمانية مزودين لهذه الخدمة وهم  Winabet365  و1XBET  وTbet.tn وtunisiewin.tn وTounesbet, وbet et bet  و888 sport وbet final  ولهؤلاء المزودين مواقع أخرى تقترح ألعابا متنوعة تقوم على أيضا على الرهان على غرار شركة  Casual bet وموقعها bountou1x2. والسؤال المطروح يتعلق بما اذا كان نشاط هذه المحلات قانونيا أم لا ؟  

تنشط تحت غطاء شركات للإعلامية...

رغم أن مجلس المنافسة كان رفض بتاريخ  3 أكتوبر 2019 دعوى رفعتها شركة Casual bet ضد شركة النهوض بالرياضة وهي الشركة الوحيدة المخول لها قانونا بممارسة الرهان الرياضي في تونس فإن شركات الرهان الرياضي بقيت تمارس نشاطها بكل حرية ودون أي تدخل من الدولة لتطبيق القانون. وجاء في قرار مجلس المنافسة  أن القطاع تم تنظيمه من قبل المشرع نظرا الى أثره المباشر على الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلاد. لذا وقع ضبطه وفق معايير مضبوطة تحت رعاية  الدولة ورقابتها.  إذ  نص المرسوم عدد 20 لسنة 1974 المؤرخ في 24 أكتوبر 1974 المتعلّق بإقامة معارض الألعاب وألعاب البيت واليانصيب على أنه تمنع الألعاب التي يغلب فيها الحظ على البراعة إلا إذا نصّ القانون على خلاف ذلك مثلما هو الشّأن بالنسبة إلى لعبة البروموسبور المنظمة بقانون خاصّ يمكّن الدّولة من معرفة المداخيل والحصول على نصيب  من المرابيح للنّهوض بالرّياضة. 
وهو ما يعني ضمنيا وإلزاما أن شركة النهوض بالرياضة هي الطرف الوحيد المخول له الرهان على المباريات الرياضية. وهو نفس القرار الذي اتخذته الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في شهر أوت 2020 لما طالبت القنوات التلفزية والاذاعات بمنع بث ومضات إشهارية تروج لهذه الشركات. حيث اعتبرت الهيئة أنه بالرجوع إلى التقارير الواردة من وحدة الرصد التابعة للهيئة تبيّن قيام بعض القنوات التلفزية والإذاعية ببث ومضات إشهارية وبرامج رياضية يتم فيها تنظيم مسابقات رهان رياضي من قبل شركات خاصة. وبعد الاطلاع على المرسوم عدد 20 لسنة 1974 المؤرخ في 24 أكتوبر 1974 والمتعلق بإقامة معارض الألعاب وألعاب البيت واليانصيب المصادق عليه بالقانون عدد 96 لسنة 1974 المؤرخ في 11 ديسمبر 1974 يتبيّن أنه قد تم منع ألعاب الحظ ومن ضمنها ألعاب الرهان الرياضي. وحيث بالرجوع إلى القانون عدد 63 لسنة 1984 المؤرخ في 6 أوت 1984 المتعلق بتنظيم  الأنشطة البدنية والرياضية وتنميتها يتبيّن أن المشرع التونسي قد أوكل الى شركة النهوض بالرياضة مهمّة النهوض بالأنشطة الرياضية وبتشجيع تمويلها وذلك بتنظيم المباريات والتكهنات الرياضية وبكل العمليات التابعة لها. وحيث يتبيّن تبعا لذلك أن ممارسة نشاط الرهان الرياضي محتكر من قبل الدولة التونسية عبر شركة النهوض بالرياضة. ولا يجوز ممارسته من قبل الشركات الخاصة حسب النصوص القانونية ذات العلاقة. وعليه، وحرصا من الهيئة على ضمان احترام منشآت الاتصال السمعية البصرية القوانين والتراتيب الجاري بها العمل وعدم انخراطها في الترويج لنشاط مخالف للقانون، تدعو الهيئة مختلف القنوات التلفزية والإذاعية إلى عدم تنظيم مسابقات وبث ومضات ترويجية لمسابقات الرهان الرياضي التزاما بالقوانين والتراتيب الجاري بها العمل. وكان عادل زرمديني  الرئيس المدير العام لشركة النهوض بالرياضة (بروموسبور) حذر في حديث له لموقع ليدرز من مخاطر « تفشّي ظاهرة ألعاب الرهان غير القانونية من خلال انتصاب مؤسّسات تخرق القوانين والتشريعات. وتستغّل بعض الغموض والنقاط الرمادية. وتعمل على استهواء المتراهنين دون أن تقدّم لهم أيّ ضمانات باعتبار أنّ منصّات تعاملها الالكترونية موجودة خارج البلاد التونسية. وتدفع معاليم خدماتها بالعملة الأجنبية في انتهاك لقوانين الصرف. وتفرض أسعارا مختلفة بفوارق هامّة للعملة الأجنبية. وتختلف كثيرا عند الشراء لحصد المرابيح الطائلة. كما تثير بالخصوص ريبة كبيرة  في إمكانية  تبييض  الأموال  وغيرها من الشبهات، اضافة الى التجاوزات القانونية الصارخة والتلاعب بالإجراءات الخاصة ببعث المؤسسات. حيث أن كافة المؤسسات التي تمارس هذا النشاط دون وجه قانوني مسجلة بدفاتر السجل الوطني للمؤسسات كمؤسسات مختصة في الخدمات الإعلامية».

من يقف وراء هذه الشركات ؟

لا يعد الرهان الرياضي العشوائي ظاهرة جديدة في تونس. فإلى تاريخ غير بعيد اختصّت محلات خدمات الانترنات في هذه النوع المشبوه من التجارة. وحسب محدثي عمر، وصل عدد هذه المحلات الى 1500 محل كانت تنشط في اطار شبكات عنكبوتية يديرها تونسيون مقيمون في الخارج. ويقومون بفتح حسابات لدى مزودين عالميين مختصين في الرهان الرياضي على غرار موقع Planet.  وبفضل هذه الحسابات يمكنون التونسيين المقيمين داخل البلاد من المراهنة بالعملة المحلية بطريقة غير مشروعة. وقد تسبب هذا النوع من القمار في مآس عديدة حتى أن بعضهم أفلس وآخر باع كل ما يملك أملا في الربح الذي لم يأت. وحسب دائما محدثي رافقت هذه الرهانات عمليات تحيل خطيرة. اذ عادة ما يرفض أصحاب هذه المحلات دفع المرابيح لمستحقيها خاصة اذا ما كانت المبالغ هامة. وتسببت عمليات التحيل هذه في نشوب معركة استعملت فيها الأسلحة البيضاء بين عائلتين في إحدى مدن الوسط الغربي بعد أن رفض صاحب محل للرهان دفع نصيب أحد المتراهنين والمقدر بستين الف دينار. واستغل بعض رجال الأعمال هذا الوضع وخاصة الفراغ القانوني وضعف الدولة للاستثمار في هذا القطاع بتأسيس شركات تبدو في الظاهر شركات لخدمات الإعلامية ولكنها في الاصل ثبتت نشاطها كليا على المقامرة والرهان الرياضي. ويتراوح رقم معاملات هذه الشركات حسب بعض المصادر بين مائة ومائة وخمسين مليون دينار سنويا أي عشرة أضعاف رقم معاملات شركة الدولة أي شركة النهوض بالرياضة. ومن بين هذه الشركات حسب قرار مجلس المنافسة شركة Casual Bet   والذي يعد  أحد مؤسسيها ووكيلها في تاريخ صدور قرار مجلس المنافسة وهو السيد حمان المحمودي الذي سبق له أن كان موظّفا بشركة النهوض بالرياضة  قبل أن يتم عزله بتاريخ 26 ديسمبر 2016 مما يحجر عليه أو بواسطة الغير  نشاطا خاصا له علاقة بوظيفته السابقة وفقا لأحكام الفصل 71 من القانون عدد 78 لسنة 1985 المتعلق بضبط النظام والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية والفصل 116 من الامر عدد 2975 المؤرخ في 19 نوفمبر 2007 المتعلق بالنظام الأساسي لأعوان شركة النهوض بالرياضة. 

صدر هذا المقال في النسخة الورقية الشروق بتاريخ 10 ماي 2021

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

 سجلت وحدات الحماية المدنية وفاة 11 شخصا وإصابة 382 آخرين في حوادث مختلفة خلال الأربع والعشرين سا
12:06 - 2024/04/25
ابرمت الإدارة العامة للمحاسبة العمومية والاستخلاص والإدارة العامة للأداءات، وزارة المالية، من جهة
12:01 - 2024/04/25
تنظم اليوم 25 افريل 2024 جامعة الحقوق والعلوم السياسية بتونس جامعة المنار ندوة علمية حول القانون
09:08 - 2024/04/25
يكون الطقس الخميس 25 افريل 2024 مغشى بسحب عابرة بالشمال فمغيم جزئيا بقية المناطق وفق نشرة متابعة
08:18 - 2024/04/25
ناقشت جلسة عمل وزارية أشرف عليها رئيس الحكومة أحمد الحشاني نتائج المشاركة في ملتقيات الربيع للمجت
07:00 - 2024/04/25
قرّرت وزارة الشؤون الاجتماعية، بداية من أمس الأربعاء، أن تكون عملية تجديد بطاقة الإعاقة بالنسبة ل
07:00 - 2024/04/25
ينظم المرصد التونسي للمياه الملتقى الوطني للماء في دورته الأولى، بداية من اليوم وإلى حدود الأحد ا
07:00 - 2024/04/25
وقّع وزير التشغيل والتكوين المهني لطفي ذياب والمدير التنفيذي لبرامج ابتكار الأعمال النرويجي "ويغو
07:00 - 2024/04/25