الصادق شعبان يكتب: ماذا بعد الدستور...
تاريخ النشر : 22:02 - 2022/07/17
ماذا بعد الدستور ! سوف يمر الدستور الجديد و سوف يتبعه نظام انتخابي جديد و سوف يتغير المشهد بعمق ... و لكن السؤال الكبير هو ماذا بعد الدستور ؟ ماذا في هذه الجمهورية الجديدة ! القانون الدستوري ما هو إلا موازنة بين مطالب الحرية و متطلبات النظام ... و اعتقادي ان الموازنة هذه سوف لن تتحقق بسرعة ... اردناها ان تكون افضل مما هو مقترح ، و أعطينا رأينا، لكن ... في الحقيقة ، كان لنا فائض من الحرية ... و اخاف ان يكون أمامنا فائض من النظام ... للنصوص دور في الحياة السياسية دون شك .. لكن ليس الدور الاكبر ، و الحياة السياسية اكثر تشعبا و تعقيدا من الاطر القانونية التي ترسم لها ... سوف آخذ مثال المعارضة ... فللمعارضة القادمة دور أساسي لا يقل عن دور السلطة الحاكمة ... دور لم تلعبه للأسف في العهود السابقة و لا في العشرية الاخيرة ... يعرف أخصائيو العلوم السياسية ان هناك اصنافا للمعارضات و تصنيفات معروفة و معارضات" حسنة " ان صح التعبير و معارضات " سيئة "... من هذه الأصناف معارضات تقود النظام إلى التصلب ، و معارضات أخرى تقود النظام إلى اللين و تساعد على قيام اللعبة التنافسية أو بقائها ... في عهد بورقيبة و عهد بن علي ، عشنا معارضات قادت إلى التصلب ، و في المقابل لم تنجح السلطة في ذلك العهد و في ذاك في استيعاب المعارضة intérioriser ou socialiser و جعلها طرفا مشاركا في التنافس محافظا على التوازنات ... انا الان أفكر دون شك في السلطة كيف سوف تكون ... و في نفس الوقت افكر في المعارضة أيضا، كيف سوف تكون او كيف يجب ان تكون في ضوء المناخ الجديد ... المعارضة مثل السلطة - و ربما قبل السلطة - هي أساس الديمقراطية ...و من يريد تركيز الديمقراطية عليه ان يعتني بهذه و بتلك ... للمعارضة أسس ضرورية نجدها في الديمقراطيات الحقيقية و هي لم تتوفر بعد في اغلب معارضاتنا : اولا يجب أن تكون المعارضة وطنية لا تجرها أيادي خارجية و تدعمها أموال و قنوات إعلام اجنبية ثانيا يجب أن تتمحور المعارضة حول البرامج و الإصلاحات و المسائل الحياتية و تبتعد عن الهويات و العقائديات و الايديولوجيات ثالثا يجب أن تكون المعارضة دون هتك للاعراض و سب و شتم و اول إجراء يجب اتخاذه هو وقف النقل المباشر لجلسات مجلس النواب و الان بالخصوص مجلس الجهات ... هل هذا ممكن ؟ هل سوف تلعب السلطة دورها لتكون المعارضة هكذا ؟... و هل سوف تساعد المعارضة على ان تكون السلطة متقبّلة متجاوبة ؟ من جهة اخرى ، ما زالت المعارضات القائمة على العقائديات و على الشعبويات هي التي تستهوي الانصار ، و المعارضات القائمة على البرامج و البدائل و الأرقام لا إقبال عليها ... ربما هذا سوف يتغير ... و يجب ان يتغير ... يوم يفكر الناس في واقعهم و في مستقبل أطفالهم تكون للمعارضات البرامجية دور ... قد يراني البعض طوباويا... لكن هذا ما اراه ... و هذا ما كتبته منذ ثلاث عقود ... و هذا ما سوف احاول ان اساهم فيه مع أصدقاء و صديقات اعزاء ... نحتاج إلى صوت العقل اذا أردنا لتونس مستقبلا حقيقيا ... أ.د الصادق شعبان

ماذا بعد الدستور ! سوف يمر الدستور الجديد و سوف يتبعه نظام انتخابي جديد و سوف يتغير المشهد بعمق ... و لكن السؤال الكبير هو ماذا بعد الدستور ؟ ماذا في هذه الجمهورية الجديدة ! القانون الدستوري ما هو إلا موازنة بين مطالب الحرية و متطلبات النظام ... و اعتقادي ان الموازنة هذه سوف لن تتحقق بسرعة ... اردناها ان تكون افضل مما هو مقترح ، و أعطينا رأينا، لكن ... في الحقيقة ، كان لنا فائض من الحرية ... و اخاف ان يكون أمامنا فائض من النظام ... للنصوص دور في الحياة السياسية دون شك .. لكن ليس الدور الاكبر ، و الحياة السياسية اكثر تشعبا و تعقيدا من الاطر القانونية التي ترسم لها ... سوف آخذ مثال المعارضة ... فللمعارضة القادمة دور أساسي لا يقل عن دور السلطة الحاكمة ... دور لم تلعبه للأسف في العهود السابقة و لا في العشرية الاخيرة ... يعرف أخصائيو العلوم السياسية ان هناك اصنافا للمعارضات و تصنيفات معروفة و معارضات" حسنة " ان صح التعبير و معارضات " سيئة "... من هذه الأصناف معارضات تقود النظام إلى التصلب ، و معارضات أخرى تقود النظام إلى اللين و تساعد على قيام اللعبة التنافسية أو بقائها ... في عهد بورقيبة و عهد بن علي ، عشنا معارضات قادت إلى التصلب ، و في المقابل لم تنجح السلطة في ذلك العهد و في ذاك في استيعاب المعارضة intérioriser ou socialiser و جعلها طرفا مشاركا في التنافس محافظا على التوازنات ... انا الان أفكر دون شك في السلطة كيف سوف تكون ... و في نفس الوقت افكر في المعارضة أيضا، كيف سوف تكون او كيف يجب ان تكون في ضوء المناخ الجديد ... المعارضة مثل السلطة - و ربما قبل السلطة - هي أساس الديمقراطية ...و من يريد تركيز الديمقراطية عليه ان يعتني بهذه و بتلك ... للمعارضة أسس ضرورية نجدها في الديمقراطيات الحقيقية و هي لم تتوفر بعد في اغلب معارضاتنا : اولا يجب أن تكون المعارضة وطنية لا تجرها أيادي خارجية و تدعمها أموال و قنوات إعلام اجنبية ثانيا يجب أن تتمحور المعارضة حول البرامج و الإصلاحات و المسائل الحياتية و تبتعد عن الهويات و العقائديات و الايديولوجيات ثالثا يجب أن تكون المعارضة دون هتك للاعراض و سب و شتم و اول إجراء يجب اتخاذه هو وقف النقل المباشر لجلسات مجلس النواب و الان بالخصوص مجلس الجهات ... هل هذا ممكن ؟ هل سوف تلعب السلطة دورها لتكون المعارضة هكذا ؟... و هل سوف تساعد المعارضة على ان تكون السلطة متقبّلة متجاوبة ؟ من جهة اخرى ، ما زالت المعارضات القائمة على العقائديات و على الشعبويات هي التي تستهوي الانصار ، و المعارضات القائمة على البرامج و البدائل و الأرقام لا إقبال عليها ... ربما هذا سوف يتغير ... و يجب ان يتغير ... يوم يفكر الناس في واقعهم و في مستقبل أطفالهم تكون للمعارضات البرامجية دور ... قد يراني البعض طوباويا... لكن هذا ما اراه ... و هذا ما كتبته منذ ثلاث عقود ... و هذا ما سوف احاول ان اساهم فيه مع أصدقاء و صديقات اعزاء ... نحتاج إلى صوت العقل اذا أردنا لتونس مستقبلا حقيقيا ... أ.د الصادق شعبان