مع الشروق : البيروقراطية .. وتعطيل الإصلاحات
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/07/18
تتأكد الحاجة من يوم إلى آخر في تونس لإتمام عديد الإصلاحات في مختلف المجالات.. ورغم التقدم الحاصل في الأعوام الاخيرة من خلال الاصلاحات الهامة التي وقع اتمامها او الشروع فيها ، إلا ان مجالات اخرى مازالت تنتظر نصيبها من الإصلاح خاصة بعد ان اتضح للعيان حجم ما أصابها من من "فيروسات" الفساد وسوء التصرف وسوء الحوكمة خلال العشرية التي تلت سنة 2011 وحاجتها الاكيدة اليوم للانقاذ قبل ان تتفاقم أوضاعهم نحو الاسوأ..
لم يستثن الفساد وسوء التصرف و"التدمير" الممنهج خلال العشرية المذكورة أي قطاع من القطاعات الحيوية في البلاد. فالمرافق العمومية الأساسية وفي مقدمتها الصحة والتعليم والنقل والبنية الاساسية تقهقرت الى الوراء من حيث جودة الخدمات المقدمة وعلى مستوى التجهيزات والإمكانات والقدرات المالية واللوجيستية..وأداء الإدارة في عديد المجالات تراجع بدوره مركزيا وجهويا وأصبح المواطن يتذمر من التعطيلات ومن غياب الخدمات الإدارية الضرورية.. وعديد المؤسسات العمومية باتت اليوم على حافة الإفلاس
وفي المجال الاقتصادي والتنموي، ما زالت البلاد تعاني الى اليوم مما حصل بعد 2011 من تجاهل تام للشأن الاقتصادي مقابل الاهتمام المبالغ فيه آنذاك بالصراعات السياسية وب"حرب" الكراسي وتقاسم الغنائم وبغيرها من المسائل الأخرى التي اتضح مع تقدم الوقت أنها لم تقدم إضافة للبلاد. فتعطلت بذلك الإصلاحات الاقتصادية والتنموية وتضررت المالية العمومية وأصاب الشلل المؤسسات العمومية ومختلف منظومات الانتاج ولم يسلم القطاع الخاص من الضرر فبات هو الآخر ينتظر عديد الإصلاحات..
اليوم لا خيار غير التوجه مباشرة ودون تفكير طويل ودون تردد او تعطيل نحو الإصلاح الشامل لكل المجالات التي تنتظر الإصلاح.. فالإرادة السياسية العليا للإصلاح متوفرة وفق ما أكده رئيس الجمهورية قيس سعيد أكثر من مرة، وبعض الاصلاحات اموالها مرصودة، والامكانات البشرية والكفاءات الضرورية لذلك متوفرة والدراسات مُنجزة وامكانية التعاون الدولي بالنسبة لبعض الاصلاحات متاحة والحاجة الى الإصلاح متاكدة وضرورية والمواطن ينتظر بشدة هذه الإصلاحات..
ومقابل توفر الإرادة السياسية العليا للإصلاح، يبدو ان الإرادة التنفيذية لتحقيق تلك الاصلاحات مازالت غير متوفرة داخل جانب من الإدارة ولدى شق من المسؤولين وأصحاب القرار داخل بعض الهياكل.. ولا أدل على ذلك من تعطل بعض الإصلاحات نتيجة طول الاجراءات الادارية والبيروقراطية "القاتلة" التي تفرض المرور بعدة مراحل إدارية لتنفيذها على أرض الواقع. فبعض المشاريع والإصلاحات أموالها مرصودة والدراسات بشأنها جاهزة لكنها تتعطل على مستوى لجنة من اللجان او هيئة من الهيئات "لابداء الرأي" أو على مستوى امضاء احد المسؤولين او في انتظار قدوم مراسلة من إدارة اخرى او ترخيص الى غير ذلك من أسباب التعطيل التي تكاد تتحول سمة بارزة للادارة التونسية...
لا يمكن إيجاد أي تفسير لتعطل إصلاح مرافق التربية والتعليم والصحة ومشاريع الانتقال الطاقي نحو الطاقات البديلة ومشاريع إصلاح الوضع البيئي والتطهير ومشاريع تعبيد الطرقات واستصلاح الموانئ والمطارات إلا بالبيروقراطية المقيتة.. ولا يمكن فهم تعطل مشاريع تطوير التصرف في النفايات ومشاريع تطوير القطاع المالي والنقدي والبنكي وتطوير عمل الديوانة وإصلاح منظومة الدعم وتنظيم مسالك التوزيع واصلاح الصناديق العمومية والمؤسسات العمومية المفلسة ومكافحة التهرب الضريبي إلا عند الاطلاع على التعطيلات البيروقراطية التي تكبل كل ذلك، والأمثلة عديدة ولا تحصى ولا تعد..
وقد آن الأوان اليوم لان يقع التعجيل بتنفيذ الاصلاحات التي طال انتظارها خصوصا ان عديد الدول تقدمت عنا بأشواط عديدة وحققت إصلاحات هامة بفضل تخلصها من البيروقراطية والتحلي بالمرونة الإدارية . فكل أسباب الاصلاح متوفرة وفي مقدمتها الإرادة السياسية العليا التي ما انفك يعبر عنها رئيس الدولة، وكذلك توفر التمويلات اللازمة لبعض المشاريع وايضا توفر القدرات البشرية والكفاءات القادرة على تنفيذ الإصلاح في اسرع وقت ممكن. ولم يبق غير التخلص من التعطيلات الإدارية التي تتسبب في ضياع الوقت وفي مزيد تفاقم الأوضاع نحو الاسوأ ولا تخدم إلا المصالح الخاصة لبعض الأطراف.
فاضل الطياشي
تتأكد الحاجة من يوم إلى آخر في تونس لإتمام عديد الإصلاحات في مختلف المجالات.. ورغم التقدم الحاصل في الأعوام الاخيرة من خلال الاصلاحات الهامة التي وقع اتمامها او الشروع فيها ، إلا ان مجالات اخرى مازالت تنتظر نصيبها من الإصلاح خاصة بعد ان اتضح للعيان حجم ما أصابها من من "فيروسات" الفساد وسوء التصرف وسوء الحوكمة خلال العشرية التي تلت سنة 2011 وحاجتها الاكيدة اليوم للانقاذ قبل ان تتفاقم أوضاعهم نحو الاسوأ..
لم يستثن الفساد وسوء التصرف و"التدمير" الممنهج خلال العشرية المذكورة أي قطاع من القطاعات الحيوية في البلاد. فالمرافق العمومية الأساسية وفي مقدمتها الصحة والتعليم والنقل والبنية الاساسية تقهقرت الى الوراء من حيث جودة الخدمات المقدمة وعلى مستوى التجهيزات والإمكانات والقدرات المالية واللوجيستية..وأداء الإدارة في عديد المجالات تراجع بدوره مركزيا وجهويا وأصبح المواطن يتذمر من التعطيلات ومن غياب الخدمات الإدارية الضرورية.. وعديد المؤسسات العمومية باتت اليوم على حافة الإفلاس
وفي المجال الاقتصادي والتنموي، ما زالت البلاد تعاني الى اليوم مما حصل بعد 2011 من تجاهل تام للشأن الاقتصادي مقابل الاهتمام المبالغ فيه آنذاك بالصراعات السياسية وب"حرب" الكراسي وتقاسم الغنائم وبغيرها من المسائل الأخرى التي اتضح مع تقدم الوقت أنها لم تقدم إضافة للبلاد. فتعطلت بذلك الإصلاحات الاقتصادية والتنموية وتضررت المالية العمومية وأصاب الشلل المؤسسات العمومية ومختلف منظومات الانتاج ولم يسلم القطاع الخاص من الضرر فبات هو الآخر ينتظر عديد الإصلاحات..
اليوم لا خيار غير التوجه مباشرة ودون تفكير طويل ودون تردد او تعطيل نحو الإصلاح الشامل لكل المجالات التي تنتظر الإصلاح.. فالإرادة السياسية العليا للإصلاح متوفرة وفق ما أكده رئيس الجمهورية قيس سعيد أكثر من مرة، وبعض الاصلاحات اموالها مرصودة، والامكانات البشرية والكفاءات الضرورية لذلك متوفرة والدراسات مُنجزة وامكانية التعاون الدولي بالنسبة لبعض الاصلاحات متاحة والحاجة الى الإصلاح متاكدة وضرورية والمواطن ينتظر بشدة هذه الإصلاحات..
ومقابل توفر الإرادة السياسية العليا للإصلاح، يبدو ان الإرادة التنفيذية لتحقيق تلك الاصلاحات مازالت غير متوفرة داخل جانب من الإدارة ولدى شق من المسؤولين وأصحاب القرار داخل بعض الهياكل.. ولا أدل على ذلك من تعطل بعض الإصلاحات نتيجة طول الاجراءات الادارية والبيروقراطية "القاتلة" التي تفرض المرور بعدة مراحل إدارية لتنفيذها على أرض الواقع. فبعض المشاريع والإصلاحات أموالها مرصودة والدراسات بشأنها جاهزة لكنها تتعطل على مستوى لجنة من اللجان او هيئة من الهيئات "لابداء الرأي" أو على مستوى امضاء احد المسؤولين او في انتظار قدوم مراسلة من إدارة اخرى او ترخيص الى غير ذلك من أسباب التعطيل التي تكاد تتحول سمة بارزة للادارة التونسية...
لا يمكن إيجاد أي تفسير لتعطل إصلاح مرافق التربية والتعليم والصحة ومشاريع الانتقال الطاقي نحو الطاقات البديلة ومشاريع إصلاح الوضع البيئي والتطهير ومشاريع تعبيد الطرقات واستصلاح الموانئ والمطارات إلا بالبيروقراطية المقيتة.. ولا يمكن فهم تعطل مشاريع تطوير التصرف في النفايات ومشاريع تطوير القطاع المالي والنقدي والبنكي وتطوير عمل الديوانة وإصلاح منظومة الدعم وتنظيم مسالك التوزيع واصلاح الصناديق العمومية والمؤسسات العمومية المفلسة ومكافحة التهرب الضريبي إلا عند الاطلاع على التعطيلات البيروقراطية التي تكبل كل ذلك، والأمثلة عديدة ولا تحصى ولا تعد..
وقد آن الأوان اليوم لان يقع التعجيل بتنفيذ الاصلاحات التي طال انتظارها خصوصا ان عديد الدول تقدمت عنا بأشواط عديدة وحققت إصلاحات هامة بفضل تخلصها من البيروقراطية والتحلي بالمرونة الإدارية . فكل أسباب الاصلاح متوفرة وفي مقدمتها الإرادة السياسية العليا التي ما انفك يعبر عنها رئيس الدولة، وكذلك توفر التمويلات اللازمة لبعض المشاريع وايضا توفر القدرات البشرية والكفاءات القادرة على تنفيذ الإصلاح في اسرع وقت ممكن. ولم يبق غير التخلص من التعطيلات الإدارية التي تتسبب في ضياع الوقت وفي مزيد تفاقم الأوضاع نحو الاسوأ ولا تخدم إلا المصالح الخاصة لبعض الأطراف.
فاضل الطياشي
