في مناخ الرداءة : مشاريع ثقافية رائدة
تاريخ النشر : 15:34 - 2019/08/05
تراجع الاهتمام بالمسائل الفنية و الفكرية الرفيعة لدى أغلب التونسيين شجع على صعود خطابات إعلامية ضئيلة لوجود العديد من المشاهدين المتابعين لها. هذا بالإضافة إلى إنتاج أعمال ثقافية ضعيفة لا تحمل مضامين ذات قيمة للتأثير على و جلب الجمهور التونسي. لكن داخل هذا المناخ الغير محفز صمد أشخاص في مواجهة انتشار الرداءة و تدني الذوق العام بالمساهمة في بناء مستقبل تونس موسيقيا ومواصلة إثارة قضايا فكرية مهمة عبر مشاريع ناجحة تهدف إلى إشراك التونسي في الثقافة الكونية موسيقيا و فكريا . و استمروا في تنفيذ أفكارهم و أحلامهم لحماية الثقافة التونسية و لم يكتفوا بالتعبير عن الخوف من الوضع المتردي الذي آلت إليه تونس. يمكن التنويه بمشروعين أثبتا نجاح أهدافهما.
يتمثل المشروع الأول في الأوركستر السيمفوني المدرسي و الجامعي .أسسه و يشرف عليه المايسترو و أستاذ علوم الموسيقى حافظ مقني منذ أواخر الثمانينات. اعتمد الأستاذ حافظ مقنى دائما على التلاميذ و الطلبة في الاوركستر. و أثبت من خلالها قدرة الأطفال و الشباب على الإبداع و عزف موسيقى عالمية لكبار الموسيقيين مثل بتهوفن و موزار و هايدن و غيرهم و يساهم عدد من هؤلاء الأطفال من إعادة توزيع قطع موسيقية عالمية. الرسالة التي تحملها الاوركستر هي أنه باستطاعة الطفل أن يتعلم و يعزف الموسيقى العالمية الراقية . و بذلك ترتقي أذواقهم الموسيقية . كما يمكن الاستفادة من تعلم الموسيقى و عزفها كلانفتاح على العالم عبر التعرف على مختلف الإعمال الموسيقية العالمية. الموسيقى الراقية تصقل الذوق و تجمل الروح و تحقق شخصية متوازنة لدى الطفل . يتعلم الطفل الصبر و التركيز و الثقة بالنفس و مشاركة العمل مع الآخرين عند عزفه في اوركستر. هذه الميزات تضل مع العازف مع تقدمه في السن لأن بناء الإنسان المتوازن يبدأ من الصغر. بفضل هذا النوع من المشاريع الموسيقية يمكن أن تحصل تونس على عدد أكثر من العازفين للموسيقى السمفونية العالمية ويساعدها على الانخراط في الثقافة الكونية بسهولة في عصر تنافس الثقافات. المطلوب من الدولة التونسية دعم مثل هذه المشاريع المهمة في كل الجهات بالمساعدة على بعث فرق تعنى بالموسيقى السيمفونية الراقية تصل لكل أطفال و شباب تونس بشكل عادل. قد يمتلك هذه الموهبة و الهواية للموسيقى الراقية أي طفل أو شاب في أي مكان من تونس .أما اقتصار وجودها في العاصمة يحرم العديد من اكتشاف مواهبهم كما يحرم تونس من العديد من الموسيقيين في المستقيل. بناء الأوطان يبدأ أساسا بالاهتمام بالأطفال و العناية بمواهبهم و تشجيعهم على ممارستها . قدرة الدول على تطوير الثقافات ليس محض صدفة و إنما إعداد مشاريع و تنفيذها و إنجاحها على المدى الطويل.
المشروع الفكري الثاني هو جمعية الدراسات الفكرية و الاجتماعية بتونس التابعة لمؤسسة مؤمنون بلا حدود. أسس الجمعية مجموعة من الأساتذة الجامعيين سنة 2016 . وتهدف إلى إعادة قراءة الموروث الحضاري والفكري والاجتماعي. على عكس صعود البرامج التافهة و انتشارها في المجتمع التونسي ، تستقطب جمعية الدراسات الفكرية و الاجتماعية بتونس الجمهور المهتم بالفلسفة و الفكر الإنساني العربي و العالمي . لا تزال تقاوم بثبات الخطابات الإعلامية السطحية والضحلة التي تستهزئ بكل ما له قيمة فكرية . و تساهم هذه الجمعية في تطوير الثقافة التونسية عبر تنظيم الملتقيات العلميّة والنّدوات والمحاضرات والأيّام الدّراسية وحلقات النّقاش والورشات التّكوينيّة لفائدة الباحثين في الإنسانيّات وتنظيم الحوارات التّفاعلية مع الأكاديميّين والمفكّرين. إذ تواصل إقامة ندوات فكرية رفيعة تهتم بالقضايا الفلسفية و الإنسانية.و تسعى الجمعية من خلال هذه الندوات إلى قراءة التاريخ و المسائل الدينية و الحضارية برؤية موضوعية وأكاديمية متخصصة . من أبرز المحاضرات و اللقاءات لهذه السنة : " محاكمة ابن رشد" و"من هو الفرد في الإسلام ؟ و "صدام الحرية و المقدس"و " الفرد و الفردانية". و ما يميز عمل جمعية الدراسات الفكرية و الاجتماعية بتونس هو بث جميع اللقاءات على المباشر في الفيسبوك لتمكين المهتمين بالفكر و الفلسفة متابعة الندوات من أي مكان في العالم. كما تتنقل إلى أماكن أخرى من الجمهورية التونسية و يحضرها الطلبة في الجامعات و تستقطب عدد محترم من الجمهور في كل الندوات التي تقيمها . نجحت الجمعية الفكرية للدراسات من إنقاذ الجمهور الذي وجد نفسه مغتربا في مناخ السطحية و التفاهة التي تملأ الساحة الثقافية التونسية .
بطاقة شكر لكل القائمين و المساهمين في تواصل هذين المشروعين و البرهنة على أنه مازال في تونس من يناضل دون يأس من أجل تأسيس ثقافة كونية داخلها وأثبتوا أنه "على هذه الأرض ما يستحق الأمل ". شكرا على إيمانهم بقدرة الفن و الفكر على النهوض بالثقافة التونسية بمقاومتهم الرداءة و السطحية.

تراجع الاهتمام بالمسائل الفنية و الفكرية الرفيعة لدى أغلب التونسيين شجع على صعود خطابات إعلامية ضئيلة لوجود العديد من المشاهدين المتابعين لها. هذا بالإضافة إلى إنتاج أعمال ثقافية ضعيفة لا تحمل مضامين ذات قيمة للتأثير على و جلب الجمهور التونسي. لكن داخل هذا المناخ الغير محفز صمد أشخاص في مواجهة انتشار الرداءة و تدني الذوق العام بالمساهمة في بناء مستقبل تونس موسيقيا ومواصلة إثارة قضايا فكرية مهمة عبر مشاريع ناجحة تهدف إلى إشراك التونسي في الثقافة الكونية موسيقيا و فكريا . و استمروا في تنفيذ أفكارهم و أحلامهم لحماية الثقافة التونسية و لم يكتفوا بالتعبير عن الخوف من الوضع المتردي الذي آلت إليه تونس. يمكن التنويه بمشروعين أثبتا نجاح أهدافهما.
يتمثل المشروع الأول في الأوركستر السيمفوني المدرسي و الجامعي .أسسه و يشرف عليه المايسترو و أستاذ علوم الموسيقى حافظ مقني منذ أواخر الثمانينات. اعتمد الأستاذ حافظ مقنى دائما على التلاميذ و الطلبة في الاوركستر. و أثبت من خلالها قدرة الأطفال و الشباب على الإبداع و عزف موسيقى عالمية لكبار الموسيقيين مثل بتهوفن و موزار و هايدن و غيرهم و يساهم عدد من هؤلاء الأطفال من إعادة توزيع قطع موسيقية عالمية. الرسالة التي تحملها الاوركستر هي أنه باستطاعة الطفل أن يتعلم و يعزف الموسيقى العالمية الراقية . و بذلك ترتقي أذواقهم الموسيقية . كما يمكن الاستفادة من تعلم الموسيقى و عزفها كلانفتاح على العالم عبر التعرف على مختلف الإعمال الموسيقية العالمية. الموسيقى الراقية تصقل الذوق و تجمل الروح و تحقق شخصية متوازنة لدى الطفل . يتعلم الطفل الصبر و التركيز و الثقة بالنفس و مشاركة العمل مع الآخرين عند عزفه في اوركستر. هذه الميزات تضل مع العازف مع تقدمه في السن لأن بناء الإنسان المتوازن يبدأ من الصغر. بفضل هذا النوع من المشاريع الموسيقية يمكن أن تحصل تونس على عدد أكثر من العازفين للموسيقى السمفونية العالمية ويساعدها على الانخراط في الثقافة الكونية بسهولة في عصر تنافس الثقافات. المطلوب من الدولة التونسية دعم مثل هذه المشاريع المهمة في كل الجهات بالمساعدة على بعث فرق تعنى بالموسيقى السيمفونية الراقية تصل لكل أطفال و شباب تونس بشكل عادل. قد يمتلك هذه الموهبة و الهواية للموسيقى الراقية أي طفل أو شاب في أي مكان من تونس .أما اقتصار وجودها في العاصمة يحرم العديد من اكتشاف مواهبهم كما يحرم تونس من العديد من الموسيقيين في المستقيل. بناء الأوطان يبدأ أساسا بالاهتمام بالأطفال و العناية بمواهبهم و تشجيعهم على ممارستها . قدرة الدول على تطوير الثقافات ليس محض صدفة و إنما إعداد مشاريع و تنفيذها و إنجاحها على المدى الطويل.
المشروع الفكري الثاني هو جمعية الدراسات الفكرية و الاجتماعية بتونس التابعة لمؤسسة مؤمنون بلا حدود. أسس الجمعية مجموعة من الأساتذة الجامعيين سنة 2016 . وتهدف إلى إعادة قراءة الموروث الحضاري والفكري والاجتماعي. على عكس صعود البرامج التافهة و انتشارها في المجتمع التونسي ، تستقطب جمعية الدراسات الفكرية و الاجتماعية بتونس الجمهور المهتم بالفلسفة و الفكر الإنساني العربي و العالمي . لا تزال تقاوم بثبات الخطابات الإعلامية السطحية والضحلة التي تستهزئ بكل ما له قيمة فكرية . و تساهم هذه الجمعية في تطوير الثقافة التونسية عبر تنظيم الملتقيات العلميّة والنّدوات والمحاضرات والأيّام الدّراسية وحلقات النّقاش والورشات التّكوينيّة لفائدة الباحثين في الإنسانيّات وتنظيم الحوارات التّفاعلية مع الأكاديميّين والمفكّرين. إذ تواصل إقامة ندوات فكرية رفيعة تهتم بالقضايا الفلسفية و الإنسانية.و تسعى الجمعية من خلال هذه الندوات إلى قراءة التاريخ و المسائل الدينية و الحضارية برؤية موضوعية وأكاديمية متخصصة . من أبرز المحاضرات و اللقاءات لهذه السنة : " محاكمة ابن رشد" و"من هو الفرد في الإسلام ؟ و "صدام الحرية و المقدس"و " الفرد و الفردانية". و ما يميز عمل جمعية الدراسات الفكرية و الاجتماعية بتونس هو بث جميع اللقاءات على المباشر في الفيسبوك لتمكين المهتمين بالفكر و الفلسفة متابعة الندوات من أي مكان في العالم. كما تتنقل إلى أماكن أخرى من الجمهورية التونسية و يحضرها الطلبة في الجامعات و تستقطب عدد محترم من الجمهور في كل الندوات التي تقيمها . نجحت الجمعية الفكرية للدراسات من إنقاذ الجمهور الذي وجد نفسه مغتربا في مناخ السطحية و التفاهة التي تملأ الساحة الثقافية التونسية .
بطاقة شكر لكل القائمين و المساهمين في تواصل هذين المشروعين و البرهنة على أنه مازال في تونس من يناضل دون يأس من أجل تأسيس ثقافة كونية داخلها وأثبتوا أنه "على هذه الأرض ما يستحق الأمل ". شكرا على إيمانهم بقدرة الفن و الفكر على النهوض بالثقافة التونسية بمقاومتهم الرداءة و السطحية.