"طوفان الأقصى" يفجر أزمة جديدة في إسرائيل

"طوفان الأقصى" يفجر أزمة جديدة في إسرائيل

تاريخ النشر : 19:56 - 2025/12/24

وسط أزمة وجودية تعيشها إسرائيل جراء "طوفان الأقصى"، صوت الكنيست على تشكيل "لجنة تحقيق بديلة" وصفها معارضون بتغطية على فشل القيادة بمواجهة الانهيار غير المسبوق في 7 أكتوبر.
ففي ظل أزمة سياسية ووجودية غير مسبوقة تضرب إسرائيل جراء "طوفان الأقصى" الذي انطلق في 7 أكتوبر 2023، وخلف تداعيات استراتيجية وأمنية وسياسية لا تزال تهتز لها أركان أسرائيل، صوت الكنيست، الأربعاء، على مشروع قانون ينص على تشكيل "لجنة تحقيق سياسية بديلة"، في خطوة وصفها المعارضون والضحايا بأنها "لجنة تغطية" هدفها تبرئة بنيامين نتنياهو وقيادات جيشه من مسؤوليتهم عن "الانهيار الأمني الأكبر في تاريخ إسرائيل.
وشهدت جلسة الكنيست مشاهد فوضى غير مسبوقة، إذ أدار أعضاء "مجلس أكتوبر" الذي يضم عائلات القتلى والأسرى الإسرائيليين في هجوم "طوفان الأقصى"، ظهورهم لمنبر الكنيست احتجاجا، بينما رفع أعضاء كنيست من المعارضة لافتات كتب عليها: "لا للتستر"، و"عار"، و"خزي". وانهمرت الدموع بين صفوف العائلات، الذين رأوا في هذا التصويت "طعنة جديدة في ظهور أبنائهم"، ومحاولة مكشوفة لطمس حقيقة الفشل في 7 اكتوبر.
وغاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن الجلسة، بينما كان يحتفل بـ"استعراض أجنحة" في قاعدة حتسريم الجوية، في تصرف وصف بأنه "فرار من المسؤولية"، فيما دافع نائب الوزير ألموغ كوهين عن موقف الحكومة، موجها اتهامات لاذعة لقادة أمنيين سابقين، من بينهم رئيس أركان الجيش السابق هاليفي، قائلاً: "الرجل الملطخة يداه بالدماء ظهر وهو يلعب الطاولة في شبشب وسروال داخلي!".
وأثار التصويت الذي مر بأغلبية ضئيلة (53 مقابل 48)، جدلا واسعا، إذ يتيح مشروع القانون للحكومة تشكيل لجنة تحقيق خاضعة لإملاءاتها السياسية، تتناقض جذريا مع قانون لجان التحقيق لعام 1968، الذي يمنح المحكمة العليا السلطة الحصرية في اختيار أعضاء اللجنة لضمان حيادها.
وأثار تصريح نتنياهو، الذي دعا اللجنة المقترحة إلى التحقيق في "أحداث أوسلو والانسحابات السابقة"، سخطا واسعا، إذ رآه المراقبون محاولة فجة لربط "طوفان الأقصى" الذي يعتبره الفلسطينيون تجسيدا لمقاومة شعبية وعسكرية ضد الاحتلال الإسرائيل، بمسارات سياسية قديمة، بهدف تشويه سياق المقاومة الفلسطينية المعاصرة، وتحويلها إلى "كارثة داخلية" ناتجة عن خيارات سياسية سابقة، لا عن جرائم إسرائيل المستمرة.
وقال زعيم المعارضة يائير لابيد:"هذه اللجنة وهمية. هدفها الوحيد مساعدة نتنياهو على الهروب من المسؤولية... موتانا يستحقون لجنة حقيقية، لا مسرحية تغطية".
وفي مشهد رمزي، قدم رافي بن شطريت، والد أحد الجنود القتلى في 7 اكتوبر، جزرا لأعضاء الائتلاف، قائلاً: "أنتم تتصرفون كالأرانب الجبانة... الجزر هدية للجبناء!".

كما هدد والد الأسير إيتاي تشين، روبي تشين، بعدم التعاون مع أي جهة تنضم إلى "لجنة التغطية"، محذرا: "كل من يرفع يده اليوم، سيلطخ بعار قايين مدى الحياة".
ووصفت ريئوت ريخت إدري، والدة أحد ضباط "الشاباك" القتلى، ما يجري بأنه "خيانة لن تغتفر"، مضيفة: "المسؤولون المنتخبون يزرعون الفتنة بين العائلات، ويكذبون على الشعب بلا خجل، ويجلبون علينا الكارثة القادمة".
ويأتي هذا التصويت قبل أيام فقط من الموعد النهائي (4 يناير 2026) الذي حددته المحكمة العليا لحكومة نتنياهو لتبرير عدم تشكيل لجنة تحقيق حكومية وفق القانون. ويرى مراقبون أن هذا القانون البديل يعد محاولة يائسة لإحباط قرار المحكمة، وتفادي لجنة تحقيق مستقلة قد تفضح تواطؤ القيادة السياسية والعسكرية في فشلها الاستراتيجي أمام هجوم "طوفان الأقصى".
وفي خضم هذا الانهيار الداخلي، تتعمق أزمة اسرائيل، ليس فقط على الصعيد الأمني والعسكري، بل أيضا على مستوى الثقة الشعبية بالمؤسسة السياسية، التي باتت تنظر إليها كـ"عصابة فساد" تسعى لحماية نفسها على حساب دماء جنودها ومستقبل كيانها، بحسب معارضين.
بينما يواصل السكان والمقاومون في غزة صمودهم، ويتصاعد الدعم الشعبي لصوابية "طوفان الأقصى" في فلسطين والعالم، تبدو حكومة إسرائيل أكثر انقساما وضعفا من أي وقت مضى. فما بدأه المقاومون في 7 أكتوبر لم يقتصر على تحرير الأسرى وتكسير معادلات الردع فحسب، بل فتح أيضا "صندوق عفن" في إسرائيل، ليكشف للعالم أن الدولة العبرية تعيش أخطر لحظات وجودها، ليس لأنها تهزم في الميدان فحسب، بل لأنها "تخون نفسها"، بحسب تعبير معارضين إسرائيليين لحكومة نتنياهو.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

نددت الخارجية الفرنسية بـ "المبادرة العدائية الواضحة" تجاه استئناف الحوار الفرنسي الجزائري أو تهد
23:22 - 2025/12/24
سجلت ولاية المدية الجزائرية مساء اليوم الاربعاء 24 ديسمبر، هزة ارضية بقوة 3.9 درجات على سلم ريشتر
22:43 - 2025/12/24
صادق البرلمان الجزائري، الأربعاء، بالإجماع على قانون يجرم الاستعمار الفرنسي للجزائر بين عامي 1830
16:00 - 2025/12/24
أجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الأربعاء، اتصالا هاتفيا برئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبي
14:22 - 2025/12/24
كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في تصريحات نُشرت اليوم الأربعاء، أن المقترح الجديد لإنها
13:30 - 2025/12/24
أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا اليوم الأربعاء، العثور على الصندوق الأسود وجهاز تسجيل الص
11:20 - 2025/12/24
يصوّت البرلمان الجزائري اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025 على مشروع قانون يهدف إلى تجريم الاستعمار ال
10:33 - 2025/12/24
أعلنت محكمة العدل الدولية، الثلاثاء، انضمام بلجيكا إلى الدعوى المرفوعة من جانب جنوب إفريقيا تتهم
09:18 - 2025/12/24