مع الشروق : ضعف العرب... سبب قوة إسرائيل
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/09/18
طرح الهجوم البري الصهيوني الغاشم على قطاع غزة والعدوان الإجرامي على الدوحة أسئلة مشروعة حول الأوراق الفعلية التي تمتلكها الدول العربية من أجل وضع حد للغطرسة الصهيونية، والوقوف سدّا منيعا إزاء المخططات التي تخطّط للمنطقة وعلى رأسها ما يسمى زورا وبهتانا مشروع إسرائيل الكبرى القائم على التقسيم والتفتيت.
فالقوة العسكرية مثلا، لم تعد اليوم مجرد أداة ردع أو ورقة ضغط في الصراعات الدولية، بل أصبحت جزءاً من هوية الأمم ونهضتها، إذ أن الكيان الغاصب الذي نرى اليوم جرائمه في غزة والضفة الغربية، لم يبنِ قوته العسكرية بين ليلة وضحاها، فقد هيّأ لذلك منذ خمسين عاما وأكثر، بخطة محكمة، واستراتيجيات واضحة، وصناعة عسكرية متطورة، ودعم سياسي ودبلوماسي مدروس، وفي المقابل، غرق العالم العربي في خلافاته الداخلية، ونام على وسادة الشعارات الفضفاضة والوعود التي لا تتجسد على أرض الواقع.
فلا شك أن الكيان الصهيوني لم يكن قويا بذاته فقط، بل لأن محيطه العربي ظلّ ضعيفا، متشتتا، يراوح مكانه، لم يتقدّم في بناء وحدته، ولا في تطوير اقتصاده، ولا في تحديث جيوشه، وما نشعر به اليوم من هوان ليس قدرا محتوماً، بل نتيجة تراكمات طويلة من التخلف والركون إلى الخطابات بدل الفعل، إذ ما دامت إسرائيل تمتلك القوة ونحن نفتقدها، فالمعادلة ستظل مختلة لصالحها.
إن ما يحتاجه العرب اليوم ليس «قمم التنديد» ولا بيانات الشجب، فهي فقدت قيمتها مع الزمن، بل اتحاد جديد يقوم على المصلحة المباشرة، خالٍ من الشعارات العاطفية، يحترم خصوصية كل دولة واستقلال قرارها، لكنه يجمعها على أرضية مشتركة: الأمن القومي العربي، ويمكن أن لا يشترط هذا الاتحاد انضمام جميع الدول، بل يضم تلك التي تلتقي مصالحها في الوقت الراهن، بالحساب والعقلانية، تماماً كما فعلت أوروبا في بداياتها.
لقد تبيّن في المرحلة الراهنة أن القوة العسكرية ليست فقط سلاحاً للحرب، بل هي أيضاً محرّك أساسي للتطور الصناعي والتكنولوجي، فالدول الكبرى اليوم من الولايات المتحدة إلى الصين وروسيا لم تصل إلى ريادتها إلا عبر الاستثمار في الصناعات العسكرية التي أفرزت لاحقا ثورات في التكنولوجيا والاتصالات والفضاء والطاقة، بل إن أوروبا نفسها، بعد عقود من الاعتماد على المظلة الأمريكية، وجدت نفسها مجبرة اليوم على العودة إلى تقوية صناعاتها الدفاعية لمواجهة التحديات العالمية.
وبالنسبة للعرب، فإن الاستثمار في هذا القطاع لا يعني بالضرورة سباق تسلح مكلف، بل بناء صناعات محلية تساهم في الأمن الذاتي، وتفتح آفاقا للتطوير التكنولوجي والاقتصادي، وكل دينار يُصرف في هذا المجال هو استثمار في المستقبل، في الجامعات، في البحث العلمي، وفي الشركات الناشئة.
فلا مناص اليوم من قرار عربي جديد بالتحرر من التبعية، وإطلاق مشروع عربي حقيقي للتعاون الاقتصادي والعلمي والصناعي، وعقد تحالفات براغماتية مع قوى صاعدة كالصين، روسيا، والهند لنقل التكنولوجيا، فضلا عن تطوير الصناعات المحلية وربطها بالابتكار، لأن الاقتصاد القوي هو الذي يرفع قيمة الدول.
فلا ريب أن الغطرسة الصهيونية لن تتوقف بالاستجداء ولا بالبيانات، بل بتغيير موازين القوى، وحين ينهض العرب، بالعقل لا بالعاطفة، وبالخطط لا بالشعارات، وحين يستثمرون في اتحاد مرن وقوة عسكرية واقتصادية وبحثية وعلمية وصناعية حقيقية، تتغير المعادلة، وعندها فقط، لن تكون إسرائيل قوية لأنها إسرائيل، بل لأنها واجهت عربا أقوياء قرروا أن يستعيدوا زمام أمرهم.
هاشم بوعزيز
طرح الهجوم البري الصهيوني الغاشم على قطاع غزة والعدوان الإجرامي على الدوحة أسئلة مشروعة حول الأوراق الفعلية التي تمتلكها الدول العربية من أجل وضع حد للغطرسة الصهيونية، والوقوف سدّا منيعا إزاء المخططات التي تخطّط للمنطقة وعلى رأسها ما يسمى زورا وبهتانا مشروع إسرائيل الكبرى القائم على التقسيم والتفتيت.
فالقوة العسكرية مثلا، لم تعد اليوم مجرد أداة ردع أو ورقة ضغط في الصراعات الدولية، بل أصبحت جزءاً من هوية الأمم ونهضتها، إذ أن الكيان الغاصب الذي نرى اليوم جرائمه في غزة والضفة الغربية، لم يبنِ قوته العسكرية بين ليلة وضحاها، فقد هيّأ لذلك منذ خمسين عاما وأكثر، بخطة محكمة، واستراتيجيات واضحة، وصناعة عسكرية متطورة، ودعم سياسي ودبلوماسي مدروس، وفي المقابل، غرق العالم العربي في خلافاته الداخلية، ونام على وسادة الشعارات الفضفاضة والوعود التي لا تتجسد على أرض الواقع.
فلا شك أن الكيان الصهيوني لم يكن قويا بذاته فقط، بل لأن محيطه العربي ظلّ ضعيفا، متشتتا، يراوح مكانه، لم يتقدّم في بناء وحدته، ولا في تطوير اقتصاده، ولا في تحديث جيوشه، وما نشعر به اليوم من هوان ليس قدرا محتوماً، بل نتيجة تراكمات طويلة من التخلف والركون إلى الخطابات بدل الفعل، إذ ما دامت إسرائيل تمتلك القوة ونحن نفتقدها، فالمعادلة ستظل مختلة لصالحها.
إن ما يحتاجه العرب اليوم ليس «قمم التنديد» ولا بيانات الشجب، فهي فقدت قيمتها مع الزمن، بل اتحاد جديد يقوم على المصلحة المباشرة، خالٍ من الشعارات العاطفية، يحترم خصوصية كل دولة واستقلال قرارها، لكنه يجمعها على أرضية مشتركة: الأمن القومي العربي، ويمكن أن لا يشترط هذا الاتحاد انضمام جميع الدول، بل يضم تلك التي تلتقي مصالحها في الوقت الراهن، بالحساب والعقلانية، تماماً كما فعلت أوروبا في بداياتها.
لقد تبيّن في المرحلة الراهنة أن القوة العسكرية ليست فقط سلاحاً للحرب، بل هي أيضاً محرّك أساسي للتطور الصناعي والتكنولوجي، فالدول الكبرى اليوم من الولايات المتحدة إلى الصين وروسيا لم تصل إلى ريادتها إلا عبر الاستثمار في الصناعات العسكرية التي أفرزت لاحقا ثورات في التكنولوجيا والاتصالات والفضاء والطاقة، بل إن أوروبا نفسها، بعد عقود من الاعتماد على المظلة الأمريكية، وجدت نفسها مجبرة اليوم على العودة إلى تقوية صناعاتها الدفاعية لمواجهة التحديات العالمية.
وبالنسبة للعرب، فإن الاستثمار في هذا القطاع لا يعني بالضرورة سباق تسلح مكلف، بل بناء صناعات محلية تساهم في الأمن الذاتي، وتفتح آفاقا للتطوير التكنولوجي والاقتصادي، وكل دينار يُصرف في هذا المجال هو استثمار في المستقبل، في الجامعات، في البحث العلمي، وفي الشركات الناشئة.
فلا مناص اليوم من قرار عربي جديد بالتحرر من التبعية، وإطلاق مشروع عربي حقيقي للتعاون الاقتصادي والعلمي والصناعي، وعقد تحالفات براغماتية مع قوى صاعدة كالصين، روسيا، والهند لنقل التكنولوجيا، فضلا عن تطوير الصناعات المحلية وربطها بالابتكار، لأن الاقتصاد القوي هو الذي يرفع قيمة الدول.
فلا ريب أن الغطرسة الصهيونية لن تتوقف بالاستجداء ولا بالبيانات، بل بتغيير موازين القوى، وحين ينهض العرب، بالعقل لا بالعاطفة، وبالخطط لا بالشعارات، وحين يستثمرون في اتحاد مرن وقوة عسكرية واقتصادية وبحثية وعلمية وصناعية حقيقية، تتغير المعادلة، وعندها فقط، لن تكون إسرائيل قوية لأنها إسرائيل، بل لأنها واجهت عربا أقوياء قرروا أن يستعيدوا زمام أمرهم.
هاشم بوعزيز
