مع الشروق .. الطريق إلى «إسرائيل الكبرى»

مع الشروق .. الطريق إلى «إسرائيل الكبرى»

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/08/28

التصعيد الصهيوني في الضفة الغربية ليس عبثيا ولا هو مجاني.. وحين تحذّر فصائل المقاومة الفلسطينية من مخطط صهيوني لنقل حريق غزة إلى الضفة الغربية فإنها لا تعبّر عن أوهام ولا تحذّر من مخاوف غير موجودة ولا يدعمها شيء على أرض الميدان.
على مدى 11 شهرا تفنّن الجيش الصهيوني في ضرب وتدمير كل مناحي الحياة في قطاع يحوي أزيد من مليوني مواطن. كما تفنن في نقل سكان مدن القطاع ودفعهم إلى رحلات نزوح لا تنتهي ولا يسلمون فيها من القنابل والصواريخ التي تطاردهم في كل مكان.. وبعد كل هذه المدة وصل الصهاينة إلى قناعة مفادها أنهم قضوا تقريبا على أسباب وسبل الحياة في القطاع.. وأن مسألة تهجير سكانه الفلسطينيين لم تعد إلا مسألة وقت.. ويقتنع بعدها الفلسطينيون باستحالة الحياة على أرض محروقة ومدمرة بالكامل.. وبالتالي يقبلون بالعرض الصهيوني المتمثّل في إقامة «وطن بديل لهم» على شريط في صحراء سيناء المصرية.. وبذلك يبدو قرار الهجرة وكأنه قرار إرادي فلسطيني ويزول الحرج عن كل الأنظمة المتربصة والمنتظرة ليوم ترى الفلسطينيين يرحلون من أرضهم لتخلو أرض غزة ويخلو معها المجال لمباشرة تنفيذ المشاريع التي أعلن عنها نتنياهو وهي على علاقة بترتيبات مرور طريق الهند ـ أوروبا التي تخطط من خلالها أمريكا لإجهاض طريق الحرير الصيني.
لكن «مقاولة غزة» ليست نهاية المطاف في المخطط الصهيوني الكبير الذي بات يحظى بموافقة ودعم أمريكا وعديد الأنظمة العربية.. وهي مقاولة لا تكتمل مرحليا إلا بإطلاق مقاولة شبيهة في الضفة الغربية تفضي بدورها إلى تدمير واستئصال أسباب الحياة بالنسبة لسكانها الفلسطينيين.. وتسهل عملية القذف بهم وإلقائهم في الضفة الشرقية لنهر الأردن.. وهي المكان الذي يحدّده الصهاينة كـ«وطن بديل» للفلسطينيين.. وكل ذلك تمهيدا لتوسيع «أرض اسرائيل» كما قال المرشح لانتخابات الرئاسية الأمريكي ترامب.. حين أكّد التزامه بالعمل على توسيع رقعة الكيان في أحد اجتماعاته الانتخابية وهو بذلك يجاهر بما تضمره الادارات الأمريكية المتعاقبة في سياق تصيّدها للحظات التاريخية الملائمة لوضع هذا الحلم الصهيوني موضع التنفيذ...
لكن الحلم الصهيوني وان كان يبدأ بقطاع غزّة وبالضفة الغربية لا يتوقف عند حدودهما.. بل يتعداها إلى أجزاء من سوريا ومن لبنان ومن العراق وصولا لتحقيق ما يسميه  الصهاينة «إسرائيل الكبرى» التي تمتد من النيل إلى الفرات في انتظار الالتفات إلى أجزاء أخرى من مصر ومن السعودية يتطلع لها الصهاينة كجزء من أرض الأجداد.. ويؤجلون مسألة التحرّش بها إلى حين..
لأجل كل هذا فإن التصعيد الصهيوني في الضفة ليس عبثيا.  وتحذيرات فصائل المقاومة من مخطط صهيوني لنقل الحريق الكبير إلى الضفة الغربية ليست مجانية.. فطريق «إسرائيل الكبرى» تبدأ من غزة وتمر عبر الضفة.. وتتدحرج كرة النار بعدها إلى باقي الجغرافيا العربية الممتدة بين النيل والفرات.. وعلى ضوء ما نشهده من أوضاع عربية متردية ومزرية.. وعلى ضوء ما ظهر من تشتت العرب وارتماء الكثير منهم في أحضان الكيان الصهيوني وتحوّلهم إلى حلفاء موضوعيين له وإلى خدم لمشروعه فإن يوم انطلاق الحريق الكبير في الضفة وفي خارج الضفة قد لا يتأخر كثيرا في غياب إرادة عربية للتصدي وفي غياب قوة عربية للردع.. والتعويل وسط هذا المشهد المرعب والقاتم يتركز على أبناء الشعب الفلسطيني وعلى فصائله المقاومة لاجهاض هذا المخطط الصهيوني الكبير والخطير.. بعيدا عن كل الجعجعة الصادرة من هنا أو هناك والتي لم نر لها طحنا حقيقيا حتى الآن.. افتحوا عيونكم على الضفة فالحريق الكبير نشب وقد لا يتوقف عند حدود فلسطين المحتلة !
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك