مع الشروق .. بداية الانهيار المدوي للكيان الغاصب
تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/15
في الذكرى 76 لزرع الكيان الصهيوني اللقيط على أرض فلسطين بعد أن أعطى من لا يملك (الاحتلال البريطاني لمن لا يستحق الصهاينة) يطرح سؤال جوهري: ماذا بقي من الكيان الصهيوني وهل مازال الكيان يمتلك مقومات البقاء والاستمرار؟
السؤال بات مشروعا في ظل المتغيرات الجذرية الحاصلة في علاقة بالقضية الفلسطينية وبالاحتلال الصهيوني البغيض.. الغرب حين زرع الكيان في قلب الأمة العربية ليشطرها إلى نصفين عملا بنصيحة وبتوصيات «كامبل بانرمان» رئيس وزراء بريطانيا مطلع القرن العشرين (1905 ـ 1907) الذي دعا خمسة دول أوروبية إلى اجتماع مصيري وحاسم في ذلك الوقت للنظر في ضرورة زرع كيان دخيل في المنطقة العربية يفصل شطرها الشرقي عن شطرها الغربي..
«بانرمان» أقنع نظراءه بالقول أن هذه الرقعة المتجانسة التي تتواجد فيها دول تملك كل مقومات القوة والنهوض وأن هذا الكيان الموحد متى قام فإنه سيشكل معضلة حقيقية لأوروبا الاستعمارية التي تسيل لعابها ثروات وخيرات الدول العربية وهو ما يفترض من وجهة نظر الغرب الاستعماري زرع كيان دخيل وامداده بكل أسباب القوة والاستمرار في هذا المحيط المعادي ليكون بمثابة قاعدة عسكرية متقدمة وثابتة تمكن الغرب من التحكم في المنطقة وتكون جدار صدّ متقدما في مواجهة القوى الطامحة إلى بسط نفوذها على صرّة العالم ووضع اليد على خيرات وثروات المنطقة.
هذا الكيان الذي تمر الآن 76 سنة على زرعه على أرض فلسطين والذي يغدق عليه الغرب كل الغرب بكامل أسباب القوة والتفوق والغطرسة والهيمنة على المنطقة العربية بأسرها.. وهذا الكيان الذي راكم كل أسباب القوة.. وهذا الكيان الذي احتل وتوسع وبطش وحقق اختراقات جوهرية في جدران البيت العربي جعلت التطبيع وجهة نظر تجد لها أتباعا ومريدين صلب الدول العربية.. وهذا الكيان الذي ظنّ أن أمور المنطقة كلها قد دانت له وبأن عصا أمريكا والغرب قد دجّنت كل الدول العربية وأدخلت جلها بيت الطاعة الصهيو ـ أمريكي.. هذا الكيان جاءه الجحيم من حيث لا يحتسب.. وتلقى الضربة القاصمة من الطرف الذي ظن أنه الحلقة الأضعف في المعادلة.. وبأنه دجّنه وقهره وأذلّه وأركعه بعد أن شطر شعبه إلى نصفين، نصف تحت احتلال استيطاني بشع ونصف في المنافي والشتات يكابد الأمرين في انتظار مآلات حلم لا يريد أن يتحقق وظل يبتعد كلّما يقترب وهو حق وحلم العودة..
ولئن شكل تاريخ زرع الكيان بقرار أممي ظالم يوم 29 نوفمبر 1947 لتتلوه النكبة الكبرى عام 1948 تاريخ شؤم، فإن تاريخ السابع من أكتوبر 2023 سيبقى خالدا في التاريخ كيوم مفصلي في اتجاه بداية العد التنازلي العكسي لزوال هذا الكيان ولانهياره الكامل.. ففي ذلك التاريخ وبدون مقدمات نفذ رجال المقاومة الفلسطينية هجوما صاعقا على مستوطنات وثكنات العدو الصهيوني في غلاف غزة، وتمكنوا في ظرف ساعات معدودات من تدمير وتقويض ما ظل الكيان يبنيه بدعم غربي لا محدود على مدى أزيد من 76 عاما.. فقد ألحقوا بـ«الجيش الذي لا يقهر» هزيمة نكراء ومرّغوا سمعته في رمال غزة.. وفتح العرب والمسلمون وأحرار العالم عيونهم على مشهد ابطال المقاومة وهم يجرّون الجنود الصهاينة ويقتادونهم في الأصفاد إلى الأسر. وتنطلق بذلك صفحة جديدة من الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني.. صفحة كتبتها حرب عدوانية شاملة يشنها الصهاينة دمروا فيها البشر والحجر والشجر وارتكبوا المجازر والابادة الجماعية في مشاهد هزّت ضمير العالم وكتبتها بالخصوص فصائل المقاومة بصمودها الأسطوري في وجه أعتى آلة حربية في المنطقة مدعومة بأساطيل وترسانات وأموال كل الدول الغربية.. وبعد 221 يوما على المنازلة الكبرى مازال العدو يتلقى الضربات الصاعقة ومازال يهرول بقدميه إلى هزيمة نكراء.. ستكون هزيمته الأولى والأخيرة.
وعلاوة على خسارته في المنازلة العسكرية فإن العدو الصهيوني خسر مع ذلك كل شيء.. انهارت صورته لدى شعوب العالم بل وباتت كل الشعوب تنتفض دعما لحرية فلسطين وتنديدا بإجرام الصهاينة.. وانهارت مع ذلك تلك الهالة التي كانت تحيط به وتجعله بمثابة «الزهرة التي تنبت في رمال الصحراء» على قول مفوضة الاتحاد الأوروبي في لحظة غزل بهذا الكيان اللقيط في ذكرى تأسيسه الخامسة والسبعين. أكثر من ذلك فقد أصبح كيانا منبوذا بعد أن قاضته دولة جنوب افريقيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب وبعد أن صوتت 143 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قيام دولة فلسطين.
لأجل كل هذا فإننا اليوم إزاء مشهد فريد.. كما لو كنا أمام كفتي ميزان واحدة هابطة هي كفّة الكيان وواحدة صاعدة هي كفة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.. وبعد «طوفان الأقصى» ما هو إلا زمن منظور وتنهي كفّتا الميزان النزول والصعود.. ليسترد الشعب الفلسطيني حريته وكامل حقوقه ويقيم دولته المستقلة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.. بذلك أخْبَرَ رجال ـ الطوفان ـ ورجال الطوفان صادقون إذا حدّثوا..
عبد الحميد الرياحي
في الذكرى 76 لزرع الكيان الصهيوني اللقيط على أرض فلسطين بعد أن أعطى من لا يملك (الاحتلال البريطاني لمن لا يستحق الصهاينة) يطرح سؤال جوهري: ماذا بقي من الكيان الصهيوني وهل مازال الكيان يمتلك مقومات البقاء والاستمرار؟
السؤال بات مشروعا في ظل المتغيرات الجذرية الحاصلة في علاقة بالقضية الفلسطينية وبالاحتلال الصهيوني البغيض.. الغرب حين زرع الكيان في قلب الأمة العربية ليشطرها إلى نصفين عملا بنصيحة وبتوصيات «كامبل بانرمان» رئيس وزراء بريطانيا مطلع القرن العشرين (1905 ـ 1907) الذي دعا خمسة دول أوروبية إلى اجتماع مصيري وحاسم في ذلك الوقت للنظر في ضرورة زرع كيان دخيل في المنطقة العربية يفصل شطرها الشرقي عن شطرها الغربي..
«بانرمان» أقنع نظراءه بالقول أن هذه الرقعة المتجانسة التي تتواجد فيها دول تملك كل مقومات القوة والنهوض وأن هذا الكيان الموحد متى قام فإنه سيشكل معضلة حقيقية لأوروبا الاستعمارية التي تسيل لعابها ثروات وخيرات الدول العربية وهو ما يفترض من وجهة نظر الغرب الاستعماري زرع كيان دخيل وامداده بكل أسباب القوة والاستمرار في هذا المحيط المعادي ليكون بمثابة قاعدة عسكرية متقدمة وثابتة تمكن الغرب من التحكم في المنطقة وتكون جدار صدّ متقدما في مواجهة القوى الطامحة إلى بسط نفوذها على صرّة العالم ووضع اليد على خيرات وثروات المنطقة.
هذا الكيان الذي تمر الآن 76 سنة على زرعه على أرض فلسطين والذي يغدق عليه الغرب كل الغرب بكامل أسباب القوة والتفوق والغطرسة والهيمنة على المنطقة العربية بأسرها.. وهذا الكيان الذي راكم كل أسباب القوة.. وهذا الكيان الذي احتل وتوسع وبطش وحقق اختراقات جوهرية في جدران البيت العربي جعلت التطبيع وجهة نظر تجد لها أتباعا ومريدين صلب الدول العربية.. وهذا الكيان الذي ظنّ أن أمور المنطقة كلها قد دانت له وبأن عصا أمريكا والغرب قد دجّنت كل الدول العربية وأدخلت جلها بيت الطاعة الصهيو ـ أمريكي.. هذا الكيان جاءه الجحيم من حيث لا يحتسب.. وتلقى الضربة القاصمة من الطرف الذي ظن أنه الحلقة الأضعف في المعادلة.. وبأنه دجّنه وقهره وأذلّه وأركعه بعد أن شطر شعبه إلى نصفين، نصف تحت احتلال استيطاني بشع ونصف في المنافي والشتات يكابد الأمرين في انتظار مآلات حلم لا يريد أن يتحقق وظل يبتعد كلّما يقترب وهو حق وحلم العودة..
ولئن شكل تاريخ زرع الكيان بقرار أممي ظالم يوم 29 نوفمبر 1947 لتتلوه النكبة الكبرى عام 1948 تاريخ شؤم، فإن تاريخ السابع من أكتوبر 2023 سيبقى خالدا في التاريخ كيوم مفصلي في اتجاه بداية العد التنازلي العكسي لزوال هذا الكيان ولانهياره الكامل.. ففي ذلك التاريخ وبدون مقدمات نفذ رجال المقاومة الفلسطينية هجوما صاعقا على مستوطنات وثكنات العدو الصهيوني في غلاف غزة، وتمكنوا في ظرف ساعات معدودات من تدمير وتقويض ما ظل الكيان يبنيه بدعم غربي لا محدود على مدى أزيد من 76 عاما.. فقد ألحقوا بـ«الجيش الذي لا يقهر» هزيمة نكراء ومرّغوا سمعته في رمال غزة.. وفتح العرب والمسلمون وأحرار العالم عيونهم على مشهد ابطال المقاومة وهم يجرّون الجنود الصهاينة ويقتادونهم في الأصفاد إلى الأسر. وتنطلق بذلك صفحة جديدة من الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني.. صفحة كتبتها حرب عدوانية شاملة يشنها الصهاينة دمروا فيها البشر والحجر والشجر وارتكبوا المجازر والابادة الجماعية في مشاهد هزّت ضمير العالم وكتبتها بالخصوص فصائل المقاومة بصمودها الأسطوري في وجه أعتى آلة حربية في المنطقة مدعومة بأساطيل وترسانات وأموال كل الدول الغربية.. وبعد 221 يوما على المنازلة الكبرى مازال العدو يتلقى الضربات الصاعقة ومازال يهرول بقدميه إلى هزيمة نكراء.. ستكون هزيمته الأولى والأخيرة.
وعلاوة على خسارته في المنازلة العسكرية فإن العدو الصهيوني خسر مع ذلك كل شيء.. انهارت صورته لدى شعوب العالم بل وباتت كل الشعوب تنتفض دعما لحرية فلسطين وتنديدا بإجرام الصهاينة.. وانهارت مع ذلك تلك الهالة التي كانت تحيط به وتجعله بمثابة «الزهرة التي تنبت في رمال الصحراء» على قول مفوضة الاتحاد الأوروبي في لحظة غزل بهذا الكيان اللقيط في ذكرى تأسيسه الخامسة والسبعين. أكثر من ذلك فقد أصبح كيانا منبوذا بعد أن قاضته دولة جنوب افريقيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب وبعد أن صوتت 143 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قيام دولة فلسطين.
لأجل كل هذا فإننا اليوم إزاء مشهد فريد.. كما لو كنا أمام كفتي ميزان واحدة هابطة هي كفّة الكيان وواحدة صاعدة هي كفة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.. وبعد «طوفان الأقصى» ما هو إلا زمن منظور وتنهي كفّتا الميزان النزول والصعود.. ليسترد الشعب الفلسطيني حريته وكامل حقوقه ويقيم دولته المستقلة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.. بذلك أخْبَرَ رجال ـ الطوفان ـ ورجال الطوفان صادقون إذا حدّثوا..
عبد الحميد الرياحي
