مع الشروق : توزيع أدوار مكشوف بين ترامب ونتنياهو !
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/06/18
عندما يدعو الرئيس الأمريكي ـ ترامب ـ سكان طهران إلى إخلاء العاصمة فإنه يكون قد كشف كل أوراقه.. وكشف أن العدوان الصهيوني على ايران هو في نهاية المطاف حرب أمريكية على ايران لكن بأياد صهيونية. وحتى تكتمل الصورة فقد تدخل وزير الدفاع الأمريكي للقول إن بلاده تدير عملية تفاوض باستخدام أقسى درجات القوة وذلك وفق مفهوم تفاوض عادة ما تلجأ إليه الادارة الأمريكية ويتلخص في ـ التفاوض تحت النار ـ
قضية ترامب مع النووي الايراني ليست جديدة.. بل إنها تعود إلى بدايات عهدته الرئاسية عندما قرر الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم بين ايران والخمسة زائد واحد.. ليكون بذلك قد قوّض اتفاقا كان يرضي الغرب ولا يحرم ايران حقها في الحفاظ على برنامجها النووي واستغلال التقدم العلمي والطاقة النووية لأغراض سلمية.. وحين عاد ترامب في عهدته الثانية فإنه لم يخف رغبته في استكمال ما بدأه في عهدته الأولى.. وهو المضي قدما في تقويض البرنامج النووي الايراني من أساسه لإقصاء ايران نهائيا من نادي الدول المتحكمة في النووي ولاراحة حليفه الكيان الصهيوني مما يسميه «تهديدا وجوديا» سيظل يلاحقه بوجود برنامج نووي إيراني.. رغم أن طهران أعطت كل الضمانات للتدليل على سلمية برنامجها النووي.. ورغم أنها أصدرت فتوى لتحريم حيازة سلاح نووي.
في مسعاه المخاتل لتقويض البرنامج النووي الايراني ولاستنساخ السيناريو الليبي عندما فككت طرابلس زمن العقيد القذافي برنامجها النووي وسلمته لأمريكا اتقاء لشرها المحدق أطلق ترامب مسار مفاوضات مع ايران.. مفاوضات كانت بمثابة جلسات لتوجيه الاملاءات والاشتراطات التي تفضي إلى تقويض البرنامج النووي الايراني تقويضا كاملا بغض النظر عن مدى كونه سلميا أو لأغراض عسكرية. وكان واضحا منذ بداية المسار أن الجمهورية الاسلامية الايرانية وقد راكمت الكثير من مقومات القوة تطمح إلى لعب دور إقليمي وتريد فرض حقها في التقدم العلمي وبالتالي في التحكم في التكنولوجيا النووية وتوظيفها لأغراض سلمية بما يساعد في تحقيق أهدافها التنموية.. ومن هنا فإن طهران لا يمكن أن تقبل بأية اقتراحات أو املاءات أو اشتراطات تفضي إلى تقويض برنامجها النووي الذي قطع أشواطا مهمة واستنزف جهودا وأموالا طائلة.
وبالمحصّلة بدا وكأن جلسات التفاوض التي تحتضنها سلطنة عمان بين الطرفين الأمريكي والايراني عبارة عن جلسات لـ«حوار طرشان» وهو ما جعل ادارة ترامب «تفعّل» نظرية التفاوض تحت النار أو «تحقيق السلام من خلال القوة».. وذلك من خلال اطلاق يد نتنياهو الذي ظل يعزف في كل المنابر على وتر «التهديد الايراني ومخاطر البرنامج النووي الايراني».. ليندفع الكيان الصهيوني في عدوان شامل على ايران.. عدوان ظاهره وأدواته صهيونية.. لكن باطنه وأسلحته وأهدافه أمريكية أيضا.. وهو ما يدفع الرئيس الأمريكي لتصعيد الضغط النفسي وحتى العسكري على إيران من خلال دعوة سكان العاصمة الايرانية إلى اخلائها.. ليوحي بذلك وكأن ضربة نووية أمريكية باتت وشيكة جدا.. تصعيد تزامن مع مسعى خبيث لإطلاق مسار تفاوضي جديد تتمكن من خلاله الادارة الأمريكية من اجبار ايران على تسليم مفاتيح برنامجها النووي كشرط لوقف العدوان الصهيوني بما فيه من دمار وخراب وتجنب «تهديد نووي أمريكي» غلّفه ترامب في دعوته سكان طهران الى اخلاء المدينة.
والسؤال الكبير هنا يتمحور حول مدى قدرة ايران على الصمود في وجه العدوان الصهيو ـ أمريكي واحداث توازن للرعب والردع مع الكيان الصهيوني.. لأن الخضوع للكماشة الأمريكية ـ الصهيونية سيدخل طهران في مسار تنازلات لن ينتهي إلا بطلب رأس النظام وهو ما بات هدفا معلنا للكيان الصهيوني الذي يدرك جيدا أن تغيير خارطة «الشرق الأوسط» وبسط هيمنة الكيان على الاقليم كله وتحقيق شعار «اسرائيل الكبرى» لن يكون ممكنا في وجود النظام الايراني الحالي.. والسيناريوهات في الأقليم كثيرة وتبدأ من العراق وتنتهي في سوريا وكلها تصب في خانة «التقسيم وإعادة التشكيل».. وكلها تمر عبر تفكيك الدول المحورية في المنطقة واشاعة «الفوضى الخلاقة».. واحداها وأهمها ايران التي بات يتوقف على مدى صمودها مستقبل المنطقة والاقليم.. وربما العالم بالنظر إلى ارتباطات ايران في «البريكس» ومنظمة «تشنغهاي» للأمن والتعاون.
عبد الحميد الرياحي
عندما يدعو الرئيس الأمريكي ـ ترامب ـ سكان طهران إلى إخلاء العاصمة فإنه يكون قد كشف كل أوراقه.. وكشف أن العدوان الصهيوني على ايران هو في نهاية المطاف حرب أمريكية على ايران لكن بأياد صهيونية. وحتى تكتمل الصورة فقد تدخل وزير الدفاع الأمريكي للقول إن بلاده تدير عملية تفاوض باستخدام أقسى درجات القوة وذلك وفق مفهوم تفاوض عادة ما تلجأ إليه الادارة الأمريكية ويتلخص في ـ التفاوض تحت النار ـ
قضية ترامب مع النووي الايراني ليست جديدة.. بل إنها تعود إلى بدايات عهدته الرئاسية عندما قرر الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم بين ايران والخمسة زائد واحد.. ليكون بذلك قد قوّض اتفاقا كان يرضي الغرب ولا يحرم ايران حقها في الحفاظ على برنامجها النووي واستغلال التقدم العلمي والطاقة النووية لأغراض سلمية.. وحين عاد ترامب في عهدته الثانية فإنه لم يخف رغبته في استكمال ما بدأه في عهدته الأولى.. وهو المضي قدما في تقويض البرنامج النووي الايراني من أساسه لإقصاء ايران نهائيا من نادي الدول المتحكمة في النووي ولاراحة حليفه الكيان الصهيوني مما يسميه «تهديدا وجوديا» سيظل يلاحقه بوجود برنامج نووي إيراني.. رغم أن طهران أعطت كل الضمانات للتدليل على سلمية برنامجها النووي.. ورغم أنها أصدرت فتوى لتحريم حيازة سلاح نووي.
في مسعاه المخاتل لتقويض البرنامج النووي الايراني ولاستنساخ السيناريو الليبي عندما فككت طرابلس زمن العقيد القذافي برنامجها النووي وسلمته لأمريكا اتقاء لشرها المحدق أطلق ترامب مسار مفاوضات مع ايران.. مفاوضات كانت بمثابة جلسات لتوجيه الاملاءات والاشتراطات التي تفضي إلى تقويض البرنامج النووي الايراني تقويضا كاملا بغض النظر عن مدى كونه سلميا أو لأغراض عسكرية. وكان واضحا منذ بداية المسار أن الجمهورية الاسلامية الايرانية وقد راكمت الكثير من مقومات القوة تطمح إلى لعب دور إقليمي وتريد فرض حقها في التقدم العلمي وبالتالي في التحكم في التكنولوجيا النووية وتوظيفها لأغراض سلمية بما يساعد في تحقيق أهدافها التنموية.. ومن هنا فإن طهران لا يمكن أن تقبل بأية اقتراحات أو املاءات أو اشتراطات تفضي إلى تقويض برنامجها النووي الذي قطع أشواطا مهمة واستنزف جهودا وأموالا طائلة.
وبالمحصّلة بدا وكأن جلسات التفاوض التي تحتضنها سلطنة عمان بين الطرفين الأمريكي والايراني عبارة عن جلسات لـ«حوار طرشان» وهو ما جعل ادارة ترامب «تفعّل» نظرية التفاوض تحت النار أو «تحقيق السلام من خلال القوة».. وذلك من خلال اطلاق يد نتنياهو الذي ظل يعزف في كل المنابر على وتر «التهديد الايراني ومخاطر البرنامج النووي الايراني».. ليندفع الكيان الصهيوني في عدوان شامل على ايران.. عدوان ظاهره وأدواته صهيونية.. لكن باطنه وأسلحته وأهدافه أمريكية أيضا.. وهو ما يدفع الرئيس الأمريكي لتصعيد الضغط النفسي وحتى العسكري على إيران من خلال دعوة سكان العاصمة الايرانية إلى اخلائها.. ليوحي بذلك وكأن ضربة نووية أمريكية باتت وشيكة جدا.. تصعيد تزامن مع مسعى خبيث لإطلاق مسار تفاوضي جديد تتمكن من خلاله الادارة الأمريكية من اجبار ايران على تسليم مفاتيح برنامجها النووي كشرط لوقف العدوان الصهيوني بما فيه من دمار وخراب وتجنب «تهديد نووي أمريكي» غلّفه ترامب في دعوته سكان طهران الى اخلاء المدينة.
والسؤال الكبير هنا يتمحور حول مدى قدرة ايران على الصمود في وجه العدوان الصهيو ـ أمريكي واحداث توازن للرعب والردع مع الكيان الصهيوني.. لأن الخضوع للكماشة الأمريكية ـ الصهيونية سيدخل طهران في مسار تنازلات لن ينتهي إلا بطلب رأس النظام وهو ما بات هدفا معلنا للكيان الصهيوني الذي يدرك جيدا أن تغيير خارطة «الشرق الأوسط» وبسط هيمنة الكيان على الاقليم كله وتحقيق شعار «اسرائيل الكبرى» لن يكون ممكنا في وجود النظام الايراني الحالي.. والسيناريوهات في الأقليم كثيرة وتبدأ من العراق وتنتهي في سوريا وكلها تصب في خانة «التقسيم وإعادة التشكيل».. وكلها تمر عبر تفكيك الدول المحورية في المنطقة واشاعة «الفوضى الخلاقة».. واحداها وأهمها ايران التي بات يتوقف على مدى صمودها مستقبل المنطقة والاقليم.. وربما العالم بالنظر إلى ارتباطات ايران في «البريكس» ومنظمة «تشنغهاي» للأمن والتعاون.
عبد الحميد الرياحي
