مع الشروق ..100 يوم من الإبادة والفشل
تاريخ النشر : 07:47 - 2024/01/16
على وقع حرب إبادة غير مسبوقة ،شملت القتل والتدمير والتطهير والتهجير والتجويع والتعذيب، مرفوقة بفشل عسكري ذريع أثبت سراب أمنيات الاحتلال في القضاء على المقاومة، تجاوز العدوان الصهيوني على قطاع غزة يومه المائة.
"اسرائيل عالقة ومتّهمة"، ربما هذا ما تتّفق عليه جل الآراء، سواء بالنسبة للخبراء الاستراتيجيين والمحللين والكتاب الصحفيين الغربيين أو بالنسبة للمسؤولين الصهاينة خاصة السابقين، والإعلام العبري.
عندما أعلن الاحتلال شنّ عملية برّية أواخر أكتوبر الماضي، حدّد رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو 3 أهداف للحرب، وهي تحرير الأسرى والقضاء على المقاومة عسكريا وتقويض حكمها سياسيا ومنع أن تشكّل غزة تهديدا في المستقبل.
بدا واضحا منذ البداية وباعتراف المسؤولين الصهاينة والأمريكيين، أن هذه الأهداف هلامية ولا يمكن تحقيقها أو على الأقل سيأخذ تحقيقها سنوات من حرب الاستنزاف، نظرا لصلابة المقاومة وصمود شعب غزة ، وهذا ما أثبتته الأيام فعلا.
الصدمة التي أحدثتها عملية "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر، تركت أثرها عميقا في عقل المسؤولين السياسيين والعسكريين في الإدارة الصهيونية الحالية وعلى رأسهم نتنياهو، الذي بدا كثوْر هائج مضرّج بالدم جراء سهام المقاومة من جهة وأعدائه في الداخل من جهة أخرى.
لذلك وبالمفهوم العسكري، لم تكن العملية البرية عملية محترفة ومدروسة بجيش يملك وسائل هائلة من الأسلحة والتكنولوجيا والاستخبارات، بل هي عملية انتقام وحشية تحوّلت الى جريمة إبادة مكتملة الأركان.
وهنا يبدو أن الصهاينة أرادوا تحويل الفشل والهزيمة في 7 أكتوبر الى فرصة، ليس للكيان الصهيوني ككل وإنما أيضا فرصة ومصلحة شخصية لنتنياهو من أجل تجنّب المقصلة السياسية التي تنتظره.
لكن الفرصة نفسها تحوّلت هي الأخرى الى فشل ذريع جديد، فلا الأهداف المعلنة وغير المعلنة للحرب تحقّقت أولا، وثانيا نفس المصير ينتظر نتنياهو وأغلب مسؤولي إدارته، وثالثا صورة الكيان الصهيوني التي اهتزت وأصبح الرأي العام الدولي في صف الفلسطينيين.
وبجرد سريع لما خلّفته الحرب حتى الآن ( 100 ألف شهيد وجريح، 1.9 مليون نازح، أكثر من نصف مليون جائع وأكثر من نصف القطاع مدمّر)، تبرز مدى هول الإبادة أولا وثانيا مدى المأزق والصورة التي أصبح عليها الكيان الصهيوني.
فهو اليوم فاشل عسكريا وممزّق داخليا وصورته مشوّهة عالميا، وحتى الادارة الأمريكية نفسها "بدأ صبرها ينفد"، حتى ان آخر مكالمة جمعت بين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن في 20 ديسمبر الماضي انتهت سريعا ب "انتهت المكالمة" من طرف بايدن.
الأكثر من ذلك، ليس الكيان الصهيوني وحده في المأزق الذي جعل من نتنياهو يهرب دائما الى الأمام ويتعطّش أكثر للمزيد من الدماء ولحرب اقليمية، وإنما أمريكا أيضا في مأزق كونها راعية الاحتلال وداعمته عسكريا وسياسيا وقانونيا وبالتالي تتحمّل أفعاله، وأيضا كون مصالحها ووجودها في الشرق الأوسط بات على المحك وصورتها أمام المجتمع الدولي في الحضيض.
وفيما يصرّ نتنياهو على الذهاب الى الآخر في حرب "إنقاذ نفسه"، تريد واشنطن إنقاذ الكيان الصهيوني من نتنياهو وإنقاذ نفسها في نفس الوقت، وهي التي أصبحت محرجة وعرّاها النزال مع الحوثيين في اليمن.
حتى في هذا الأمر تبدو واشنطن عاجزة أيضا، فلا نتنياهو يستمع لها ولا غلاة الحرب من ائتلافه الحكومي ينوون التراجع، بل على العكس تماما أحدهم يطالب بقصف غزة بالنووي والآخر يطالب بحرق غزة وثالث يطالب بتهجير كل سكانها.
ومادام الاحتلال فشل ويفشل في الحرب، وواشنطن تراهن على الوقت وعلى نصر صهيوني ما يعيد فتح آذان مسؤوليه لطلباتها وتمنع اندلاع حرب اقليمية، فإن حرب الابادة ستستمرّ إلا إذا اشتعلت المنطقة بأسرها وهنا " على نفسها جنت براقش."
بدرالدّين السّيّاري
على وقع حرب إبادة غير مسبوقة ،شملت القتل والتدمير والتطهير والتهجير والتجويع والتعذيب، مرفوقة بفشل عسكري ذريع أثبت سراب أمنيات الاحتلال في القضاء على المقاومة، تجاوز العدوان الصهيوني على قطاع غزة يومه المائة.
"اسرائيل عالقة ومتّهمة"، ربما هذا ما تتّفق عليه جل الآراء، سواء بالنسبة للخبراء الاستراتيجيين والمحللين والكتاب الصحفيين الغربيين أو بالنسبة للمسؤولين الصهاينة خاصة السابقين، والإعلام العبري.
عندما أعلن الاحتلال شنّ عملية برّية أواخر أكتوبر الماضي، حدّد رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو 3 أهداف للحرب، وهي تحرير الأسرى والقضاء على المقاومة عسكريا وتقويض حكمها سياسيا ومنع أن تشكّل غزة تهديدا في المستقبل.
بدا واضحا منذ البداية وباعتراف المسؤولين الصهاينة والأمريكيين، أن هذه الأهداف هلامية ولا يمكن تحقيقها أو على الأقل سيأخذ تحقيقها سنوات من حرب الاستنزاف، نظرا لصلابة المقاومة وصمود شعب غزة ، وهذا ما أثبتته الأيام فعلا.
الصدمة التي أحدثتها عملية "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر، تركت أثرها عميقا في عقل المسؤولين السياسيين والعسكريين في الإدارة الصهيونية الحالية وعلى رأسهم نتنياهو، الذي بدا كثوْر هائج مضرّج بالدم جراء سهام المقاومة من جهة وأعدائه في الداخل من جهة أخرى.
لذلك وبالمفهوم العسكري، لم تكن العملية البرية عملية محترفة ومدروسة بجيش يملك وسائل هائلة من الأسلحة والتكنولوجيا والاستخبارات، بل هي عملية انتقام وحشية تحوّلت الى جريمة إبادة مكتملة الأركان.
وهنا يبدو أن الصهاينة أرادوا تحويل الفشل والهزيمة في 7 أكتوبر الى فرصة، ليس للكيان الصهيوني ككل وإنما أيضا فرصة ومصلحة شخصية لنتنياهو من أجل تجنّب المقصلة السياسية التي تنتظره.
لكن الفرصة نفسها تحوّلت هي الأخرى الى فشل ذريع جديد، فلا الأهداف المعلنة وغير المعلنة للحرب تحقّقت أولا، وثانيا نفس المصير ينتظر نتنياهو وأغلب مسؤولي إدارته، وثالثا صورة الكيان الصهيوني التي اهتزت وأصبح الرأي العام الدولي في صف الفلسطينيين.
وبجرد سريع لما خلّفته الحرب حتى الآن ( 100 ألف شهيد وجريح، 1.9 مليون نازح، أكثر من نصف مليون جائع وأكثر من نصف القطاع مدمّر)، تبرز مدى هول الإبادة أولا وثانيا مدى المأزق والصورة التي أصبح عليها الكيان الصهيوني.
فهو اليوم فاشل عسكريا وممزّق داخليا وصورته مشوّهة عالميا، وحتى الادارة الأمريكية نفسها "بدأ صبرها ينفد"، حتى ان آخر مكالمة جمعت بين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن في 20 ديسمبر الماضي انتهت سريعا ب "انتهت المكالمة" من طرف بايدن.
الأكثر من ذلك، ليس الكيان الصهيوني وحده في المأزق الذي جعل من نتنياهو يهرب دائما الى الأمام ويتعطّش أكثر للمزيد من الدماء ولحرب اقليمية، وإنما أمريكا أيضا في مأزق كونها راعية الاحتلال وداعمته عسكريا وسياسيا وقانونيا وبالتالي تتحمّل أفعاله، وأيضا كون مصالحها ووجودها في الشرق الأوسط بات على المحك وصورتها أمام المجتمع الدولي في الحضيض.
وفيما يصرّ نتنياهو على الذهاب الى الآخر في حرب "إنقاذ نفسه"، تريد واشنطن إنقاذ الكيان الصهيوني من نتنياهو وإنقاذ نفسها في نفس الوقت، وهي التي أصبحت محرجة وعرّاها النزال مع الحوثيين في اليمن.
حتى في هذا الأمر تبدو واشنطن عاجزة أيضا، فلا نتنياهو يستمع لها ولا غلاة الحرب من ائتلافه الحكومي ينوون التراجع، بل على العكس تماما أحدهم يطالب بقصف غزة بالنووي والآخر يطالب بحرق غزة وثالث يطالب بتهجير كل سكانها.
ومادام الاحتلال فشل ويفشل في الحرب، وواشنطن تراهن على الوقت وعلى نصر صهيوني ما يعيد فتح آذان مسؤوليه لطلباتها وتمنع اندلاع حرب اقليمية، فإن حرب الابادة ستستمرّ إلا إذا اشتعلت المنطقة بأسرها وهنا " على نفسها جنت براقش."
بدرالدّين السّيّاري
