مع الشروق .. المستقبل يُصنع و لا يُتمنّى

مع الشروق .. المستقبل يُصنع و لا يُتمنّى

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/12/31

ونحن على أبواب السنة الجديدة، تكثر الأمنيات بأن تكون السنة الجديدة أفضل وأكثر  إيجابية على الأفراد و المجتمع، ولكن المستقبل لا يبنى على الأمنيات بل على المنجزات السابقة و العوامل التي تم توفيرها من أجل أن يكون الغد أفضل فعلا وقولا. 
نحن علينا التوقف عن العيش على التمني لأنّ التمني في اللغة العربية يعني أصلا الشيء الذي يصعب تحقيقه أو يستحيل تحقيقه. بل وجب علينا العمل والعمل الجادّ والجيّد من أجل أن يكون مستقبلنا مشرقا. ورغم الظروف الموضوعية التي تحف بنا محليا و دوليا، فإنّ هناك نقاط     ضوء تظهر في الطريق و هي التي علينا أن  نراكم عليها و نعمّقها حتى نستفيد منها. فعلى سبيل المثال بدأت تونس تخطط لشراكات أوسع دون أن تلغي شراكاتها القديمة وهذا ما يطالب به الكثير من الخبراء منذ سنوات. فالاستناد على شريك واحد احتكر إلى حد كبير كل علاقاتنا التجارية والاقتصادية و المالية، هو توجه كان لابد من تعديله لأن ضرره تفاقم و تونس خسرت فيه الكثير من الموارد و لم تستفد منه بالشكل الذي يحقّق لها التقدم و الازدهار. ومن هنا تأتي أهمية تعميق الشراكات مع القوى الدولية مثل روسيا و الصين و إندونيسيا التي هي عضو في مجموعة العشرين، وهو ما يفتح المجال أوسع في مجالات الاستثمارات .فالاتفاقيات التي تم إعلانها و التي سيقع التوقيع عليها في موسكو خلال اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التونسية الروسية نهاية شهر جانفي أو بداية فيفري ستكون هي المحدّد لتوجّهات تونس المستقبلية و ما إذا كانت ستخرج من جبّة الهيمنة الغربية التي استمرت منذ الاستقلال إلى الآن. وضمن هذا الخيار التونسي أتت زيارة وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرصودي، التي وجهت دعوة لقيس سعيد  لزيارة جاكرتا و إذا ما تمت هذه الزيارة ستكون الأولى لرئيس تونسي منذ زيارة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة قبل نحو نصف قرن. 
وهذه الخطوات مهمّة جدا للدولة التونسية التي عجزت عن تأمين احتياجاتها المالية من الشركاء التقليديين الذين فرضوا عليها شروطا صارمة لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع. صحيح أن هذه التوجّهات الجديدة لن تثمر قريبا و أن مفاعيلها تتطلب مزيدا من الوقت ولكنها مؤشّرات جدية على أن تونس لن تقف مكتوفة الأيدي و حبيسة السياسات الغربية التي لا تراعي خصوصيات  المجتمع التونسي و متطلبات الدولة التونسية. الرهان على الشرق حيث المال و التكنولوجيا و الغذاء هي مصلحة تونسية ولكنها ايضا مصلحة الشركاء الجدد الذين كلما ازداد عددهم و زياراتهم إلى تونس ، كان ذلك أفضل لمستقبل تونس، شريطة أن تُبنى الشراكات الجديدة أو التي سيقع تفعيلها وتعميقها على قواعد جديدة، أولها أن تكون مصلحة تونس و العلاقة الأفقية مع الشركاء هي الأساس لأيّ تعاملات. و الحقيقة أنّ تونس بإمكانها أن تراهن على مواردها وكفاءتها و أن تكون لاعبا دوليا مهما في قطاعات استراتيجية مثل الصناعات الميكانيكية التي من المنتظر أن تحقّق في نهاية هذه السنة قيمة 71 مليار دينار  كصادرات، وهذا يمكن أن يتدعّم لو اعتمدنا نفس الشروط  التي وضعت سابقا عند توريد السيارات الأوروبية و اهمّها تصنيع قطع الغيار. فتخيلوا كيف ستكون قيمة هذه الصناعات لو اهتممنا بالسيارات الآسيوية التي بدأت تغزو أسواقنا.       
كمال بالهادي

تعليقات الفيسبوك