مع الشروق ..حتى لا تنهزم العدالة مرّة أخرى

مع الشروق ..حتى لا تنهزم العدالة مرّة أخرى

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/12/21

لا شكّ أن حملات تزييف الوعي والمغالطات التي تقوم بها إسرائيل منذ عقود بدعم من القوى الاستعمارية التي تتورط حدّ النخاع في إسناد جرائم الإبادة الجماعية، لم تمنع كلها من وجود ضمائر حية تحمل على عاتقها لواء الدفاع عن قضايا الحق ضد قوى الظلم والطغيان والكيانات التي لا تقوم إلا على سفك الدماء والتقتيل والتدمير والتهجير والاستيطان.
فكل تلك البروباغندا الفاشلة لمن يدّعون زورا وبهتانا انتماءهم إلى العالم الحرّ والمتشدقين بدفاعهم عن حقوق الإنسان في شموليتها وعن حرية التعبير انقلبت على قائليها وصانعيها ممن انكشف كذبهم وانخراطهم في حرب وحشية ضد الأطفال والنساء والشيوخ جعلتهم اليوم في موضع المدان من شعوبهم قبل شعوب العالم ممن انتفضوا عليهم في العواصم والمدن الغربية والأمريكية وجعلت مستقبلهم السياسي من الماضي بعد أن أصبحوا شركاء ضمن منظومة دولية بغيضة في جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكب من كيان محتل لا يعرف سوى لغة الدماء ضد المدنيين العزّل في غزة.
ورغم ذلك الكمّ من الأراجيف والمغالطات، فقد برزت أصوات من قلب المجتمعات الغربية تدين آلة التقتيل الصهيونية الوحشية بل وتسعى اليوم إلى جرّ مجرمي الحرب الصهاينة إلى المحاكم الدولية وتجد سندا في ذلك من القوى المدافعة عن الحق ومن بينهم المحامي الفرنسي ذائع الصيت جيل دوفار الذي يواصل حشد المئات من المحامين حول العالم لكشف حقيقة الجرائم الإسرائيلية والسعي إلى إثبات إدانة رئيس وزراء الكيان الغاصب رأسا لدى محكمة الجنايات وإصدار بطاقة جلب دولية في حقه في سابقة لو حصلت ستكون إيذانا بنهاية عهود من الإفلات من العقاب لسفّاكي الدماء.
ومع التسليم بتعقد المسار القضائي لدى الجنائية الدولية، إلا أن عديد المؤشرات تؤكد وجود تغيّر ملموس يمكن أن يكون خيطا باعثا على التفاؤل هذه المرة بداية من تأكيد المحكمة اختصاصها القضائي على الأراضي الفلسطينية في 5 فيفري 2021 بما يغلق الباب أمام كل من يشكك في هذا التفصيل المهم مرورا بفتح تحقيق رسمي في الانتهاكات الحاصلة في غزة بأمر من المدعي العام كريم خان بأكثر جدية وسرعة مقارنة بالمرة السابقة التي تمت في عهد المدعية السابقة فاتو بنسودا التي وُ وجهت بعقوبات أمريكية وبحملة صهيونية غير مسبوقة بعد تشبثها بالنظر في الانتهاكات الحاصلة من الجيش الأمريكي في أفغانستان وفي الجرائم المرتكبة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
ولن يكون لكل الجهود المبذولة اليوم من المحامين والمدافعين عن الحق الفلسطيني من رجع صدى إذا لم تتمسّك محكمة الجنايات الدولية بإنفاذ القانون وتحقيق العدالة وإبراز استقلاليتها مع كل ما يوجه إليها من شكوك بالتّسييس في ظل عالم ما يزال إلى حدّ اللحظة أحادي القطبية يقوم على البقاء للأقوى وبالتالي فلا خيار لها سوى أن تنتصر للحقيقة في هذا التحدي القضائي والسياسي الأبرز، وبالنسبة لمجرمي الحرب الصهاينة فمن المؤكد أن درب المحاكمات متعدد وطويل وسيجدون أنفسهم ملاحقين منبوذين أينما ذهبوا بما ارتكبوه من فظاعات ووحشية وتقتيل ممنهج للمدنيين كشفت طبيعتهم الإجرامية المتأصلة أمام شعوب العالم بأسره.
هاشم بوعزيز

تعليقات الفيسبوك