مع الشروق: نظام «الأقاليم» .. والتنمية المنشودة
تاريخ النشر : 07:08 - 2023/09/29
بقدر ما أثاره قرار تقسيم البلاد إلى 5 أقاليم من جدل واسع لدى الرأي العام ومن مخاوف وتساؤلات لدى شق كبير من المواطنين، إلا أنه أكد، في المقابل، تواصل الحاجة الأكيدة في تونس لفتح نقاش وطني جدّي ومسؤول حول ضرورة تغيير المنوال التنموي في البلاد.والواضح أن الفلسفة العامة لهذا التقسيم اقتصادية وتنموية، باعتبار ان التقسيم أخذ بعين الاعتبار الخصائص الاقتصادية والتنموية لكل جهة من الجهات لإدراجها ضمن إقليم معين، وهو ما من شأنه أن يحقق جانبا كبيرا من الغاية التي طالما انتظرها التونسيون طيلة الأعوام الماضية وهي تغيير المنوال التنموي والاقتصادي من أجل تحقيق التقدم والتطور والاستقرار.
وقد استند التقسيم إلى جملة من الركائز المنطقية والمعقولة – مبدئيا- أولها انفتاح كل إقليم على واجهة بحرية وثانيا توفر موانئ جوية وبحرية بكل إقليم وثالثا وجود منافذ حدودية برية لكل إقليم مع الجارتين الجزائر وليبيا. وأكثر من ذلك، سيجمع كل إقليم بين مناطق ذات كثافة سكانية عالية وهي غالبا المناطق الساحلية الشرقية، وأخرى ذات كثافة سكانية ضعيفة وهي الولايات الغربية. كما سيجمع مناطق متنوعة من حيث الحركية التنموية والصناعية والتجارية ومن حيث الميزات الفلاحية والجغرافية والمناخية وكذلك من ناحية الثروات الطبيعية والمؤهلات السياحية.. غير ان الطابع المنطقي والمعقول لهذه الركائز يظل في حاجة دائما إلى التقييم والمتابعة.
ورغم أن تقييم هذا الخيار يبدو اليوم سابقا لأوانه، ولا بد من انتظار نتائجه الملموسة في قادم السنوات، إلا أن ذلك لا يجب أن يحجب ضرورة استعداد الدولة من الآن لإحاطته بكل أسباب النجاح والتوقي من كل أسباب الفشل ومنع الانحراف به نحو غايات أخرى بعيدة كل البعد عن الغاية الحقيقية المنشودة منه.. ذلك أن عدم نجاح هذا الخيار في تحقيق التقدم الاقتصادي والتنمية المطلوبة في مختلف أنحاء البلاد خلال السنوات القادمة سيؤدي حتما إلى فشله وبالتالي الى رفضه والمطالبة بالتخلي عنه، وهو ما يعني إضاعة مزيد من الوقت دون تحقيق التقدم والتطور المنشود في البلاد.
لم يعد التونسيون يتحملون مزيدا من "التجارب" التي تمس الاستقرار الاقتصادي والتنموي في البلاد، ولن يقبلوا مستقبلا خيارات لا تحسن معيشتهم ولا تحقق الرقي الاجتماعي والسعادة المنشودة. وبالتالي فإن كل خيار يجب أن يكون مدروسا من مختلف النواحي وان تستعد الدولة جيدا لتنفيذه على أرض الواقع بعيدا عن التسرع والعشوائية، حتى تتحقق الفوائد المرجوة منه. وهو ما ينطبق اليوم على نظام الأقاليم الذي سبق ان نجح في عديد الدول الأخرى، بما في ذلك الدول المتقدمة وبعض دول المنطقة العربية والافريقية.
اليوم وبعد صدور الأمر الرئاسي المتعلق بنظام الأقاليم، ستكون الحاجة أكيدة لمزيد النقاش وتبادل الأفكار والآراء بمشاركة المختصين والسلط الرسمية من أجل وضع الأسس العملية لهذا التقسيم. وفي كل ذلك يجب على الجميع ان يأخذوا بعين الاعتبار ان المسالة ليست فقط مجرد تقسيم إداري او مجرد خيار سياسي بل هي خيار اقتصادي وتنموي بالأساس الهدف منه الاستفادة المشتركة داخل الإقليم الواحد من المؤهلات الاقتصادية والتنموية والجغرافية والطبيعية والمناخية التي تتيحها كل جهة. وكل ذلك فقط من أجل تحقيق التوازن الاقتصادي والتنموي بين مختلف الجهات ومنه التقدم الاقتصادي والاجتماعي والتنموي الوطني، وهي الغاية التي ظلت "حلما" يراود التونسيين طيلة سنوات..
فاضل الطياشي
بقدر ما أثاره قرار تقسيم البلاد إلى 5 أقاليم من جدل واسع لدى الرأي العام ومن مخاوف وتساؤلات لدى شق كبير من المواطنين، إلا أنه أكد، في المقابل، تواصل الحاجة الأكيدة في تونس لفتح نقاش وطني جدّي ومسؤول حول ضرورة تغيير المنوال التنموي في البلاد.والواضح أن الفلسفة العامة لهذا التقسيم اقتصادية وتنموية، باعتبار ان التقسيم أخذ بعين الاعتبار الخصائص الاقتصادية والتنموية لكل جهة من الجهات لإدراجها ضمن إقليم معين، وهو ما من شأنه أن يحقق جانبا كبيرا من الغاية التي طالما انتظرها التونسيون طيلة الأعوام الماضية وهي تغيير المنوال التنموي والاقتصادي من أجل تحقيق التقدم والتطور والاستقرار.
وقد استند التقسيم إلى جملة من الركائز المنطقية والمعقولة – مبدئيا- أولها انفتاح كل إقليم على واجهة بحرية وثانيا توفر موانئ جوية وبحرية بكل إقليم وثالثا وجود منافذ حدودية برية لكل إقليم مع الجارتين الجزائر وليبيا. وأكثر من ذلك، سيجمع كل إقليم بين مناطق ذات كثافة سكانية عالية وهي غالبا المناطق الساحلية الشرقية، وأخرى ذات كثافة سكانية ضعيفة وهي الولايات الغربية. كما سيجمع مناطق متنوعة من حيث الحركية التنموية والصناعية والتجارية ومن حيث الميزات الفلاحية والجغرافية والمناخية وكذلك من ناحية الثروات الطبيعية والمؤهلات السياحية.. غير ان الطابع المنطقي والمعقول لهذه الركائز يظل في حاجة دائما إلى التقييم والمتابعة.
ورغم أن تقييم هذا الخيار يبدو اليوم سابقا لأوانه، ولا بد من انتظار نتائجه الملموسة في قادم السنوات، إلا أن ذلك لا يجب أن يحجب ضرورة استعداد الدولة من الآن لإحاطته بكل أسباب النجاح والتوقي من كل أسباب الفشل ومنع الانحراف به نحو غايات أخرى بعيدة كل البعد عن الغاية الحقيقية المنشودة منه.. ذلك أن عدم نجاح هذا الخيار في تحقيق التقدم الاقتصادي والتنمية المطلوبة في مختلف أنحاء البلاد خلال السنوات القادمة سيؤدي حتما إلى فشله وبالتالي الى رفضه والمطالبة بالتخلي عنه، وهو ما يعني إضاعة مزيد من الوقت دون تحقيق التقدم والتطور المنشود في البلاد.
لم يعد التونسيون يتحملون مزيدا من "التجارب" التي تمس الاستقرار الاقتصادي والتنموي في البلاد، ولن يقبلوا مستقبلا خيارات لا تحسن معيشتهم ولا تحقق الرقي الاجتماعي والسعادة المنشودة. وبالتالي فإن كل خيار يجب أن يكون مدروسا من مختلف النواحي وان تستعد الدولة جيدا لتنفيذه على أرض الواقع بعيدا عن التسرع والعشوائية، حتى تتحقق الفوائد المرجوة منه. وهو ما ينطبق اليوم على نظام الأقاليم الذي سبق ان نجح في عديد الدول الأخرى، بما في ذلك الدول المتقدمة وبعض دول المنطقة العربية والافريقية.
اليوم وبعد صدور الأمر الرئاسي المتعلق بنظام الأقاليم، ستكون الحاجة أكيدة لمزيد النقاش وتبادل الأفكار والآراء بمشاركة المختصين والسلط الرسمية من أجل وضع الأسس العملية لهذا التقسيم. وفي كل ذلك يجب على الجميع ان يأخذوا بعين الاعتبار ان المسالة ليست فقط مجرد تقسيم إداري او مجرد خيار سياسي بل هي خيار اقتصادي وتنموي بالأساس الهدف منه الاستفادة المشتركة داخل الإقليم الواحد من المؤهلات الاقتصادية والتنموية والجغرافية والطبيعية والمناخية التي تتيحها كل جهة. وكل ذلك فقط من أجل تحقيق التوازن الاقتصادي والتنموي بين مختلف الجهات ومنه التقدم الاقتصادي والاجتماعي والتنموي الوطني، وهي الغاية التي ظلت "حلما" يراود التونسيين طيلة سنوات..
فاضل الطياشي
