مع الشروق .هكذا تصبح 5 دول عربية... 14 دولة ؟!
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/08/30
لا يكاد مخطط «تقسيم وإعادة تشكيل» المنطقة العربية يختفي حتى يعود ليطفو على سطح الأحداث بشكل أكثر صخبا وضجيجا. هذا المخطط الذي اشتغلت عليه مراكز البحث والتفكير والدراسات الاستراتيجية منذ عقود والذي بدأ الحديث عنه همسا بداية القرن الحالي لتجاهر به وزيرة الخارجية الأمريكية (كوندوليزا رايس جانفي 2005 ـ جانفي 2009) في لحظة زهو بغزو العراق واسقاط نظام الحكم فيه وتدمير دولته وجيشه ومؤسساته.. وقتها كشفت المخطط الذي طبخته الادارة الأمريكية في سرية تامة والقاضي بـ«تقسيم دول الشرق الأوسط وإعادة تشكيلها».. وذلك بالاعتماد على نظرية «دمّر نفسك بنفسك» بهدف تدمير جيوش تلك الدول واغراقها في الفوضى تمهيدا لتفكيكها وتقسيمها على أسس عرقية وطائفية ودينية ومذهبية.. بحيث سيظهر نسيج جديد من الدول القزمية التي تستمد شرعيتها من النفوذ والدعم الأمريكيين والتي تقبل بالدوران في فلك الكيان الصهيوني (الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية) وبذلك تضمن أمريكا تطبيع علاقات ووضع الكيان في المنطقة.
كوندوليزا رايس قالت وقتها ان غزو العراق هو مقدمة للمخطط الكبير الذي سوف يفضي في الأخير إلى ظهور ما أسمته «الشرق الأوسط الجديد أو الحديث».. وأن كرة النار التي دمرت العراق بالتالي سوف تتدحرج إلى باقي المنطقة العربية مرورا بسوريا واليمن والسعودية وليبيا لتكون مصر «الجائزة الكبرى» كما أسمتها. وبعد كل هذه السنين رأينا وشهدنا ما أحدثته «كرة النار» وما خلفته «الفوضى الخلاقة» من دمار في عديد الدول العربية مثل سوريا وليبيا بغية تهيئتها للخضوع إلى مشرط التقسيم وإعادة التشكيل لتصبح مهيأة لمتطلبات الشرق الأوسط الجديد من المنظور الأمريكي ـ الصهيوني.
ما قالته كوندوليزا رايس وما تنافس في التعبير عنه المحافظون الجدد في الادارة الأمريكية أو نظراؤهم من «التوراتيين الجدد» لم يبق صرخات في واد. بل ان الادارة الأمريكية تجدّ وتجتهد في تهيئة الأرضية الملائمة لتحويل الأفكار والأقوال إلى أفعال وأمر واقع.. وما مؤامرة تدمير ليبيا واسقاط نظام الحكم فيها واغتيال قيادتها الشرعية وإغراقها في فوضى المليشيات والسلاح والتدخلات الاقليمية والدولية.. وما مؤامرة تدمير سوريا والحرب الكونية التي شنت عليها باستجلاب ارهابيين وعصابات قتل واجرام وتدمير من قرابة المائة دولة.. ما هذه المؤامرة وتلك إلا مقدمات وممهدات للمخطط المقبل والقاضي بالتقسيم وإعادة التشكيل.
هذا المخطط صدعت به مؤخرا صحيفة أمريكية وأدرجته تحت عنوان: كيف يمكن أن تصبح 5 دول 14 دولة.. وأفاضت فيه وبالاستناد إلى مصادرها العليمة والموثوقة في سرد تفاصيل المخطط المعد لهذه الدول الخمس بعد اخضاعها لمشرط التقسيم إلى 14 دولة «سوريا 3 دويلات.. العراق 3 دويلات.. السعودية 5 دويلات.. اليمن دولتان وليبيا 3 دول» (وبذلك يكون العدد 14 بدل 16 على اعتبار ضم اقليمي السنة والأكراد في سوريا والعراق).
من هنا يصبح مفهوما سرّ اندفاع الآلة الحربية الأمريكية باتجاه سوريا والعراق. فالأهداف عديدة وذات أهمية كبرى للاستراتيجية الأمريكية وهي تمكنها من قنص عديد العصافير بحجر واحد.. عصافير من قبيل تحجيم الدور الايراني الذي أطلق لحين في العراق وسوريا. ومن قبيل قطع الطريق طهران ـ جنوب لبنان التي تعد الحبل السرّي الذي يتغذى منه حزب الله.. ومن قبيل قطع طريق الحرير الذي تمهد له الصين.. وأيضا من قبيل اعطاء دفعة لمخطط التقسيم وإعادة التشكيل من خلال دعم الكيان الكردي غربي نهر الفرات وصولا لحدود كردستان العراق وتهيئة الأرضية لقيام الكيانين الشيعي (العلوي) والسني فيما لو أثمرت جهود اسقاط النظام في دمشق.
كل هذه المخططات هي من قبيل حسابات الحقل.. لكن مفاتيح حسابات البيدر هي بيد سوريا وبيد القيادة السورية وبيد الجيش العربي السوري وبيد الشعب السوري الذين يعرفون كيف يردّون في اللحظة المواتية وكيف يجهضون هذه المخططات الخبيثة.
يبقى أنه على كل العرب التنبّه إلى خطورة ما يُحاك لأن مثل هذه المخططات ليست من قبيل الخيال أو الفنطازيا الصحفية.. ودرس العراق مازال ماثلا أمامنا.. ومازلنا نحفظ تحذيرات القيادة العراقية قبل الغزو من أن اسقاط العراق سوف يعني سقوط رؤوس عربية أخرى.. وقد رأينا صدق وجدية هذه التحذيرات.. فهل نكتفي بالفرجة حتى نلدغ من نفس الحجر مرتين.. وهل تنطلي علينا كل مرة قصة الثورين الأبيض والأسود..
إن التحولات عاصفة واللحظة حرجة وعلى النظام الرسمي العربي وعلى الشعوب والنخب العربية التنبه إلى المخاطر الحقيقية قبل فوات الأوان.
عبد الحميد الرياحي
لا يكاد مخطط «تقسيم وإعادة تشكيل» المنطقة العربية يختفي حتى يعود ليطفو على سطح الأحداث بشكل أكثر صخبا وضجيجا. هذا المخطط الذي اشتغلت عليه مراكز البحث والتفكير والدراسات الاستراتيجية منذ عقود والذي بدأ الحديث عنه همسا بداية القرن الحالي لتجاهر به وزيرة الخارجية الأمريكية (كوندوليزا رايس جانفي 2005 ـ جانفي 2009) في لحظة زهو بغزو العراق واسقاط نظام الحكم فيه وتدمير دولته وجيشه ومؤسساته.. وقتها كشفت المخطط الذي طبخته الادارة الأمريكية في سرية تامة والقاضي بـ«تقسيم دول الشرق الأوسط وإعادة تشكيلها».. وذلك بالاعتماد على نظرية «دمّر نفسك بنفسك» بهدف تدمير جيوش تلك الدول واغراقها في الفوضى تمهيدا لتفكيكها وتقسيمها على أسس عرقية وطائفية ودينية ومذهبية.. بحيث سيظهر نسيج جديد من الدول القزمية التي تستمد شرعيتها من النفوذ والدعم الأمريكيين والتي تقبل بالدوران في فلك الكيان الصهيوني (الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية) وبذلك تضمن أمريكا تطبيع علاقات ووضع الكيان في المنطقة.
كوندوليزا رايس قالت وقتها ان غزو العراق هو مقدمة للمخطط الكبير الذي سوف يفضي في الأخير إلى ظهور ما أسمته «الشرق الأوسط الجديد أو الحديث».. وأن كرة النار التي دمرت العراق بالتالي سوف تتدحرج إلى باقي المنطقة العربية مرورا بسوريا واليمن والسعودية وليبيا لتكون مصر «الجائزة الكبرى» كما أسمتها. وبعد كل هذه السنين رأينا وشهدنا ما أحدثته «كرة النار» وما خلفته «الفوضى الخلاقة» من دمار في عديد الدول العربية مثل سوريا وليبيا بغية تهيئتها للخضوع إلى مشرط التقسيم وإعادة التشكيل لتصبح مهيأة لمتطلبات الشرق الأوسط الجديد من المنظور الأمريكي ـ الصهيوني.
ما قالته كوندوليزا رايس وما تنافس في التعبير عنه المحافظون الجدد في الادارة الأمريكية أو نظراؤهم من «التوراتيين الجدد» لم يبق صرخات في واد. بل ان الادارة الأمريكية تجدّ وتجتهد في تهيئة الأرضية الملائمة لتحويل الأفكار والأقوال إلى أفعال وأمر واقع.. وما مؤامرة تدمير ليبيا واسقاط نظام الحكم فيها واغتيال قيادتها الشرعية وإغراقها في فوضى المليشيات والسلاح والتدخلات الاقليمية والدولية.. وما مؤامرة تدمير سوريا والحرب الكونية التي شنت عليها باستجلاب ارهابيين وعصابات قتل واجرام وتدمير من قرابة المائة دولة.. ما هذه المؤامرة وتلك إلا مقدمات وممهدات للمخطط المقبل والقاضي بالتقسيم وإعادة التشكيل.
هذا المخطط صدعت به مؤخرا صحيفة أمريكية وأدرجته تحت عنوان: كيف يمكن أن تصبح 5 دول 14 دولة.. وأفاضت فيه وبالاستناد إلى مصادرها العليمة والموثوقة في سرد تفاصيل المخطط المعد لهذه الدول الخمس بعد اخضاعها لمشرط التقسيم إلى 14 دولة «سوريا 3 دويلات.. العراق 3 دويلات.. السعودية 5 دويلات.. اليمن دولتان وليبيا 3 دول» (وبذلك يكون العدد 14 بدل 16 على اعتبار ضم اقليمي السنة والأكراد في سوريا والعراق).
من هنا يصبح مفهوما سرّ اندفاع الآلة الحربية الأمريكية باتجاه سوريا والعراق. فالأهداف عديدة وذات أهمية كبرى للاستراتيجية الأمريكية وهي تمكنها من قنص عديد العصافير بحجر واحد.. عصافير من قبيل تحجيم الدور الايراني الذي أطلق لحين في العراق وسوريا. ومن قبيل قطع الطريق طهران ـ جنوب لبنان التي تعد الحبل السرّي الذي يتغذى منه حزب الله.. ومن قبيل قطع طريق الحرير الذي تمهد له الصين.. وأيضا من قبيل اعطاء دفعة لمخطط التقسيم وإعادة التشكيل من خلال دعم الكيان الكردي غربي نهر الفرات وصولا لحدود كردستان العراق وتهيئة الأرضية لقيام الكيانين الشيعي (العلوي) والسني فيما لو أثمرت جهود اسقاط النظام في دمشق.
كل هذه المخططات هي من قبيل حسابات الحقل.. لكن مفاتيح حسابات البيدر هي بيد سوريا وبيد القيادة السورية وبيد الجيش العربي السوري وبيد الشعب السوري الذين يعرفون كيف يردّون في اللحظة المواتية وكيف يجهضون هذه المخططات الخبيثة.
يبقى أنه على كل العرب التنبّه إلى خطورة ما يُحاك لأن مثل هذه المخططات ليست من قبيل الخيال أو الفنطازيا الصحفية.. ودرس العراق مازال ماثلا أمامنا.. ومازلنا نحفظ تحذيرات القيادة العراقية قبل الغزو من أن اسقاط العراق سوف يعني سقوط رؤوس عربية أخرى.. وقد رأينا صدق وجدية هذه التحذيرات.. فهل نكتفي بالفرجة حتى نلدغ من نفس الحجر مرتين.. وهل تنطلي علينا كل مرة قصة الثورين الأبيض والأسود..
إن التحولات عاصفة واللحظة حرجة وعلى النظام الرسمي العربي وعلى الشعوب والنخب العربية التنبه إلى المخاطر الحقيقية قبل فوات الأوان.
عبد الحميد الرياحي
