مع الشروق..ازدواجية المكاييل... في التعاطي مع أثار الزلزال

مع الشروق..ازدواجية المكاييل... في التعاطي مع أثار الزلزال

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/02/15

الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا كشف الوجه القبيح لبعض الدول الغربية التي تختفي وراء قيم كونية مثل الحرية ودعم الديمقراطية.. لكنها في الواقع تمارس ازدواجية مقيتة وتكيل بمكاييل مزدوجة.. ليتضح  أن القيم والمبادئ ما هي في نهاية المطاف إلا مساحيق تطلى بها الوجوه القبيحة.
بعض الدول الغربية وجدت نفسها أسيرة هذه المفارقة في ما يخص تعاطيها مع اثار الزلزال في سوريا. فهي من جهة تحت تأثير قيم ومبادئ ورأي عام يدفع باتجاه نجدة السوريين وتقديم المساعدات اللازمة لسوريا للتخفيف من آثار الكارثة، وهي من جهة أخرى تحت تأثير مواقف سياسية تجعلها تعادي الدولة السورية بعد أن ولغت في الدم السوري وانخرطت في العدوان العالمي عليها، ذلك العدوان الذي جعل عصابات وميليشيات من قرابة مائة دولة تتقاطر داخل الجغرافيا السورية.. والذي جعل عديد الدول الغربية والاقليمية تضخ الأموال بسخاء في سبيل تخريب سوريا وإلحاق أذى كبير بالشعب السوري.. حيث فتحت دول كثيرة خزائنها ومخازن أسلحتها للإهاربيين حتى يستكملوا مهمتهم القذرة في انهاك الدولة السورية وإضعافها لحساب الكيان الصهيوني الذي يحتل أجزاء من الأراضي السورية ويدفع باتجاه تدمير سوريا حتى يستفرد بالمقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة.
نتيجة لهذه الحسابات الضيقة وجدت دول أوروبية عديدة ومعها أمريكا نفسها تسبح ضد القيم التي تنادي بها وتدافع عنها ولا تتردد في بعض الحالات في استخدام القوة العسكرية لـ«فرضها». كما حدث مع العراق عندما جيّشت أمريكا الجيوش والأساطيل وشنت عليه حربا مدمرة أفضت إلى اعدام قيادته وتدمير دولته وتحطيم مؤسساته. وهذه الازدواجية المقيتة في المعايير والمكاييل التي تكيل بها الدول الغربية تأتي لتعري زيف الشعارات المرفوعة وزيف دموع التماسيح التي يذرفها بعض سياسيي الغرب على ضحايا الزلزال في سوريا. زيف يعرّي انتهازية الدول التي مازالت تتردّد في مدّ يد العون إلى سوريا وتتلكأ في التنسيق مع الدولة السورية ومع مؤسساتها الشرعية ومع أجهزتها المنتشرة على الميدان.. وهي في ذلك تبحث عن سبل لإيصال المساعدات إلى المناطق التي ما يزال يسيطر عليها الارهابيون وكأن الانسان السوري في المواقع التي تقع تحت سيطرة الدولة السورية انسان من درجة عاشرة ولا يستحق أن يعامل معاملة البشر وبالتالي ليس من حقه أن يتمتع بالمساعدات وبأن تمتد له الأيادي لتخفف عنه من هول المأساة.
إن كارثة الزلزال وحّدت تقريبا جلّ شعوب الدنيا في تعاطفها مع الشعبين السوري والتركي.  وهي مشاعر كسرت كل الحدود وكشفت أن البشرية يمكن أن ترتقي إلى مستوى اللحظة ويمكن أن تتوحد في وجه المأساة وفي إعادة إعمار ما دمّره الزلزال.. أما سماسرة المواقف والمستثمرون في مآسي الشعوب حتى ولو كانت في حجم زلزال فأولئك لن يزيدوا إلا في تعرية وجوههم القبيحة وفي كشف انتهازيتهم المقيتة التي تجعلهم يكيلون بمكيالين حتى حين يتعلّق الأمر بزلزال لا يعترف بحدود جغرافية، ولا بألوان سياسية ولا برايات.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك