مع الشروق.. لاءات سورية في وجه مناورة أردوغان

مع الشروق.. لاءات سورية في وجه مناورة أردوغان

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/01/17

 "لا علاقات طبيعية مع تركيا دون إنهاء الاحتلال"، هكذا ترد دمشق على لسان أغلب مسؤوليها على انعطافة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسعيه وراء المصالحة بوساطة روسية.
يصرّ الرئيس التركي على اجراء مصالحة مع سوريا وقد مهّد لذلك منذ أشهر بتكتيكاته ومراوغاته السياسية المعتادة، وقد استغلّ في ذلك عامل تأثير بلاده في الأزمة الأوكرانية ووقوفها تقريبا الى جانب روسيا بالإضافة الى ثقل روسيا وتأثيرها على صديقتها دمشق.
 لكن أردوغان بالمقابل يريدها مصالح على قاعدة "رابح خاسر"، أي أنه لا يريد التنازل لدمشق مقابل هذه المصالحة الذهبية التي ستكون –ان تمّت" مكسبا هاما في صراعه الانتخابي مع المعارضة المدعومة أمريكيا.
في المقابل لا تبدو دمشق رافضة للمصالحة ولكن على قاعدة "رابح رابح" او هكذا يقول المنطق في السياسة، لذلك تشترط إنهاء ما تصفه بالاحتلال لأراضيها اولا وثانيا رفع أنقرة يدها عن المجموعات المسلحة والمتشدّدة.
الفارق هنا، أن اردوغان يداهمه الوقت (الانتخابات في جوان المقبل) ويريد ترتيب أوراقه باكرا لربح المعركة ضدّ معارضيه الذين لملموا شتاتهم ووحدوا صفوفهم من أجل هدف واحد وهو ازاحة اردوغان وحزبه العدالة والتنمية من السلطة.
على الجانب الآخر ليس لدى دمشق ما تخسره الآن وربما تتفق مع المعارضة-ان فازت بالسلطة- بطريقة أفضل من اتفاقها مع أردوغان، كما أنه من حقّها الطبيعي أن تعود كل أراضيها الى حضن الدولة وفق سيادة الدول ووفق حسن الجوار ووفق اتفاق أضنة (1998).
وقد جاء ردّ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد واضحا وحاسما في هذا المضمار، إذ  أكد أنه "سيتعين على تركيا إنهاء وجودها العسكري في بلاده لتحقيق تقارب كامل"، وأنه " "لا يمكن الحديث عن إعادة العلاقات الطبيعية مع تركيا دون إنهاء الاحتلال".
وقبله اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن اللقاءات السورية-التركية برعاية روسيا، يجب أن تكون مبنية على إنهاء "الاحتلال"، (أي الوجود العسكري التركي في شمال سوريا)، "حتى تكون مثمرة".
تردّ أنقرة على ذلك بأنها ليست قوة "احتلال" وطبعا هذا ضحك على الذقون، و أن "التهديد الأول والحقيقي للجانب السوري، هو المنظمات الإرهابية وليس تركيا"، وهذا أيضا محض هراء لأن أغلب المنظمات الارهابية في سوريا تدعمها أنقرة.
في المحصلة تبدو المصالحة المنتظرة مشروطة قبل كل  شيء بمصلحة دمشق فيها، وثانيا بدور إيران وواشنطن في نجاحها من فشلها باعتبار أن  الاولى حليف قوي لدمشق والثانية حليف رئيسي لأنقرة.
وفيما تبدو إيران الى جانب مصلحة سوريا في المصالحة ولعب دور بارز، فإن واشنطن تعارضها لأسباب عدة منها مراهنتها على المعارضة التركية و مواصلة عزل دمشق عن محيطها، لذلك ستكون زيارة وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو الى واشنطن حاسمة في خيارات الطرفين.
وكما قلنا سابقا فإن عامل الوقت والترتيبات الاقليمية سيكون حاسما في هذه المصالحة التي ستكشف عن مدى جدية اردوغان في إجراء مصالحة حقيقية كاملة أم مجرد التفافة انتخابية عابرة و دمشق خير العارفين بـ"غدر السلطان".
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك